• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : ستون سؤالا بين قوسين ... ونبذة من تاريخ حوزة كربلاء المقدسة .
                          • الكاتب : حيدر عاشور .

ستون سؤالا بين قوسين ... ونبذة من تاريخ حوزة كربلاء المقدسة

ستون سؤالا بين قوسين كتاب من تأليف سماحة الخطيب السيد محمد حسن الرضوي الكشميري، صادر عن دار ومكتبة الحقيقة في بغداد بطبعته الاولى بمطابع لبنان 2013 ،الكتاب ذو قيمة فكرية دينية شيعية  لما يحمله من اجابات ثرية وأحكام تثقيفية حول المذهب والتي  لا تخلو من المخاطرة في اجاباتها الاجتهادية اذا ما  قرأت من قبل المتخصصين في العلوم الفقيهة والأحكام والمسائل من رجال الحوزة العلمية في كربلاء والنجف وسائر الحوزات .... المثير في الكتاب عصبية الاجابة التي أجاب بها سماحته لأحد الاخوان في السؤال رقم (23) من الصفحة (78) ،وهذا نصه 
بسم الله الرحمن الرحيم
 سماحة الخطيب الاسلامي والمفكر الكبير السيد محمد حسن الكشميري حفظه الله.
سلام عليكم وبعد... لدي سؤال وقد يكون مجهدا لكم فأعتذر ولكني احب ان اكون في الصورة حيث اسمع اشياء من هنا وهناك .
والسؤال هو: ماهي اسرار الخلاف بين حوزة النجف وحوزة كربلاء ؟ وما هي جذور هذه الخلافات ؟
اخوكم :هاني مخلص السديراوي 
كربلاء المقدسة – العراق 
كان الجواب سماحته ... هو
بسم الله الرحمن الرحيم
اخي العزيز سؤالك غريب وهناك مثل قديم يقول (ثبت العرش ثم انقش ) فمتى كانت في كربلاء المقدسة حوزة حتى كان هناك خلاف؟ .
توقفت كثيرا عند هذا السؤال والاجابة المطولة والمثيرة والمؤلمة بنفس الوقت حين تقرأ من مفكر قولا مغايرا عما تعرفه(قرأته ام سمعته) .... فأدرجت عزمي للبحث والتقصي من أجل ظهور حقيقة واضحة كالشمس هي ان كربلاء المقدسة اساس الحوزات جميعا... واذا كانت لحوزة النجف الاشرف المكانة الخاصة وهي بجوار مرقد أمير المؤمنين (عليه السلام) فأن لحوزة كربلاء المقدسة، خاصية ربما تميزها عن سائر الحوزات العلمية والمدارس الدينية ليس على صعيد العالم الشيعي، انما على صعيد العالم الاسلامي بأسره، لان علوم الدين ونظام الحياة الذي نأخذه عن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) والأئمة المعصومين (عليهم السلام)،اندمج في كربلاء بثقافة التغيير والاصلاح، في فترة الخمسينات والستينات من القرن الماضي، كما كان للحوزة العلمية الدور البارز في مواجهة التيارات الفكرية الضالة والظواهر الشاذة والدخيلة على مجتمعنا، وقد تصدى لها ثلّة من أبطال الحوزة العلمية من علماء وخطباء، كان أبرزهم الخطيب الشهير الشهيد عبد الزهراء الكعبي والشهيد السيد حسن الشيرازي وآية الله المرحوم السيد محمد كاظم القزويني، الى جانب الخطيب آية الله السيد مرتضى القزويني، (حفظه الله)، وكان في الطليعة الامام الراحل السيد محمد الحسيني الشيرازي الذي كان يدير عدة مؤسسات ومشاريع ثقافية – دينية، بشكل مباشر او غير مباشر، وكان من ابرز نشاط الحوزة العلمية في كربلاء المقدسة، وبقي في ذاكرة الاجيال، المهرجان السنوي بمولد الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي كان يقام في (الحسينية الطهرانية) وبدأ اول مرة عام 1960(1)، واستمر رغم حدة الصراع ودمويته على السلطة في العراق، وكانت الحوزة العلمية من خلال هذا المنبر تواجه بكل شجاعة الفكر الماركسي والقومي والبعثي على لسان شعراء وخطباء افذاذ كان في طليعتهم الشهيد السيد حسن الشيرازي. وكانت الحوزة العلمية في كربلاء المقدسة بمدارسها المتعددة السباقة في إقامة العديد من المشاريع الثقافية،من ابرزها انشاء هيئة (التبليغ السيار)، التي أخذت على عاتقها الوصول الى مختلف نقاط العراق لتعليم احكام الاسلام الى عامة الناس. وهذه مثبت في كتاب( كربلاء في الذاكرة )– سلمان هادي الطعمة – ص109(1)، ولو رجعنا الى تاريخ أبعد من ذلك ونبحث عن تاريخ الاول للحوزة في كربلاء بفضل نبوغ المؤسس الأول للحوزة في كربلاء وهو الزعيم الديني حميد بن زياد المتوفى سنة 310هـ،(2) حيث إنه تبنى موضوع تدريس الفقه والمسائل الشرعية لأبنائها،فأتسعت الحركة العلمية فيها وصار طلاب العلم يقصدونها من مختلف المدن. ومن ثم انتقلت الحركة العلمية والدينية إلى النجف الأشرف حيث وفدها الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي من بغداد وذلك في أواسط القرن الخامس الهجري أي في سنة 443 هـ، وبثّ الحركة فيها، وفي هذا القرن بالذات نبغ في كربلاء الشيخ هشام بن اليأس الحائري صاحب (المسائل الحائرية) المتوفى في حدود سنة 490 هـ(2)، وابن الحمزة عماد الدين الطوسي صاحب كتاب (الوسيلة) (2). وفي القرن السادس الهجري ظهر في كربلاء المقدسة رعيل من أهل الفكر والأدب وروّاد الحقيقة كابن المشهدي صاحب (المزار) المولود سنة 510 هـ، وتأسست فيها مدارس علمية تحت رعاية العلماء الزاهدين العاملين في مرضاة الله عزّ وجل(2)ّ.
أما في القرن السابع الهجري فقد لمعت في سماء كربلاء نجوم عديدة بهرت بنورها الأبصار، وكان من أشهر أعلامها السيد فخار بن معد الموسوي الحائري المتوفى سنة 630 هـ، والسيد عميد الدين عبدالمطلب بن السيد مجد الدين أبي الفوارس، وابن قمرويه الحائري وأمثالهم(2). ثم انتقلت الحركة العلمية إلى النجف الأشرف، وما لبثت أن رحلت إلى الحلة. وفي منتصف القرن التاسع الهجري هبت نسمات الحركة العلمية على سماء كربلاء بسبب انتقال الزعيم الديني الشيخ أحمد بن فهد الحلي إليها، وفي ذلك الوقت بالذات برز فيها علماء انحنت لهم رقاب العظماء إجلالاً، منهم الشيخ إبراهيم الكفعمي المتوفى سنة 900 هـ والسيد حسين بن مساعد آل عيسى المتوفى سنة 910 هـ وغيرهما. وقد استمرت الدراسة العلمية فيها حتى القرن الثاني عشر، وفي هذا القرن كانت كربلاء عاصمة للعلم والثقافية ومنتجعاً لطلاّب المعرفة، إذ تعهدها وتبناها السيد نصر الله بن حسين الحائري الموسوي مدرّس الطفّ الذي استشهد في اسطنبول سنة 1168 هـ والشيخ مهدي الفتوني العاملي المتوفى سنة 1183 هـ والشيخ يوسف البحراني المتوفى سنة 1186 هـ، والوحيد الأغا باقر البهبهاني مؤسس الأصول والاجتهاد المتوفى سنة 1207 هـ، والسيد علي الطباطبائي صاحب (الرياض) المتوفى سنة 1231هـ (2). فكانت هذه المرحلة هي عصر للأغا باقر حيث انتهت إليه زعامة الحوزة، وكان يُعدّ المجدد للمذهب في القرن الثالث عشر، وفي زمانه ازدهرت العلوم والآداب وأثمرت دوحة العلم برعايته. 
وفي القرن الثالث عشر أيضاً شهدت كربلاء المقدسة ظهور ثلة من فحول العلماء وأساطين الشيعة أمثال شريف العلماء وصاحب الفصول والسيد المجاهد والقزويني صاحب الضوابط والبرغاني، وامتد الحال حتى القرن الرابع عشر حيث لم تخلُ كربلاء المقدسة من العلماء الأعلام ومنهم السيد هاشم القزويني والميرزا جعفر الطباطبائي والسيد باقر الحجة الطباطبائي وقائد ثورة العشرين الشيخ أية الله العظمى محمد تقي الشيرازي(2).
وفي العهود الأخيرة كانت الحوزة العلمية في مدينة كربلاء المقدسة أيضا تؤوي العديد من الفقهاء والعلماء أمثال السيد ميرزا مهدي الشيرازي والآقا حسين القمي والسيد الميلاني وغيرهم ممن آثروا جوار سيد الشهداء سلام الله عليه وحملوا أعباء الحوزة في مدينة كربلاء المقدسة. ومن بعد هؤلاء الصفوة الأعلام تصدى الإمام الراحل المجدد السيد محمد الشيرازي قدس سره لرعاية شؤون الحوزة في كربلاء وسعى كثيراً في تقوية الحركة العلمية فيها فأسس المدارس العلمية، وحثّ رجال العلم على الاستيطان في هذه المدينة المقدسة، وبذل قصارى جهوده لحفظ الحركة العلمية في كربلاء المقدسة وتطويرها، فوفّق إلى حدّ ما في ذلك، إلا أن البعثيين لم يرق لهم ذلك فعمدوا إلى مضايقته بشدة حتى ألجأوه إلى مغادرة مدينة كربلاء والهجرة إلى الكويت. وبعد سقوط حزب البعث في العراق وعودة كثير من المؤسسات الدينية إلى ممارسة نشاطاتها في العراق شهدت مدينة كربلاء المقدسة حركة علمية جديدة حيث بذل بعض أهل العلم ومن شهد لهم بالفضل جهودهم المباركة من أجل إعادة الحوزة والدراسة العلمية في كربلاء.
وفي طليعة الحوزات العلمية التي شهدت حركة علمية في العراق وفي مدينة كربلاء المقدسة  هي الحوزة العلمية الرائدة المجاورة لمرقد العالم الجليل النحرير ابن فهد الحلي قدس سره، وذلك بفضل العلامة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ عبد الكريم الحائري (حفظه الله) ومجموعة من رجال الدين ممن نذروا أنفسهم لنصرة العقيدة ونشر العلم في العراق بلد المقدسات المباركة.
وحين سؤل الشيخ عبد الكريم الحائري (حفظه الله) عن اهمية الحوزة في كربلاء اجاب : ربما كان أبرز مصاديق ما نقرأه في سجدة زيارة عاشوراء: «وثبّت لي قدم صدق عندك مع الحسين سلام الله عليه وأصحاب الحسين سلام الله عليه» هو خدمة مدينة سيد الشهداء سلام الله عليه علماً وعملاً. ومن أفضل الخدمة للإمام الحسين سلام الله عليه أن نخدم الحوزة العلمية في مدينته، لأن خدمة العلم كما في الأخبار له أثره الخاص وهو المصداق الحي للثبات على نهج سيد الشهداء سلام الله عليه. بالطبع الخدمة عامة سواء أكانت العلم أم الجانب المادي أم غير ذلك(2).
هذا ما نريد ان نوضحه بصيغة البحث العلمي ان كربلاء المقدسة مدينة حوزوية تتقدم ببركة الحسين (عليه السلام ) وجهود الخيرين من العلماء الاجلاء. 
 
 المصادر 
(1)- كربلاء في الذاكرة – سلمان هادي الطعمة – ص 109.
(2)- المدارس التاريخية الدينية القديمة في كربلاء المقدسة 
 موقع (الشيرازي نت)



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=35801
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 08 / 30
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29