• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الكبير الذي تضاءل .
                          • الكاتب : حميد آل جويبر .

الكبير الذي تضاءل

ما اتذكره من قصة هذا الرجل الاسطورية وتفاصيل هروبه من السجن مايزال يحبس انفاسي حتى يومنا هذا . انها قصة ترقى الى قصص الخيال وتهون عندها قصة مغادرة الزعيم الافريقي نيلسون مانديلا زنزانته التاريخية . كنت الى وقت ليس ببعيد اتحين اي فرصة لاقتناص خبر عنه او تصريح له او قصاصة ورق تتحدث عن بطولته الاسطورية في سجن صدام حسين ايام سطوته وجبروته . واليوم ، وصل الحال بي حدا اكتم انفاس اي مصدر يتحدث عنه او ينقل تصريحا منه مذياعا او تلفازا او صحيفة . النفس عزيزة ولا يسر صاحبها ان تصاب بادنى اذى وتتضاعف هذه المعزة عندما يكون صاحبها من اصحاب الهمم الكبيرة فهو سيشعر بظلامة مضاعفة مقارنة بالانسان العادي . نستطيع من خلال ذلك ان نفهم شعور المتنبي العظيم وهو محبوس او مطارد من قبل اراذل الخلق ككافور الاخشيدي سىء السمعة الذي امرنا ابو الطيب ان لا نشتري امثاله الا والعصا معه. لكن المتنبي عندما خرج من السجن وافلت من مطاردة اراذل القوم ظل هو ابا الطيب الذي ملأ الدنيا وشغل الناس لم تلبسه المفاسد من مدلهمات ثيابها . غير ان صاحبنا العراقي الذي انفق زهرة شبابه على العلم التعلم وفي اختصاص نادر يجعله هدفا دائما وسهلا للمخابرات الاقليمية والدولية ، صاحبنا هذا ما ان التمعت امام عينيه قوادم كرسي الجاه و بريق المنصب حتى خرج اليها يسعى ولم يدر انه ذاهب الى ما هو اسوأ من الحتف "من حيث لم يدر ان السم في الدسم - المتنبي" . انه تاريخ عريق يتشوه . وحسبَ الناس - وانا منهم - ان عالما كبيرا بالذرة ومناضلا معتقا لابد وانه سيبلي بلاء حسنا عندما يُستوزر . وان الذي تجرع مرارات ايام القهر والمحنة سيتحسس بسهولة مرارات المقهورين والممتحنين ، فلا اقل من ان يكون صادقا مع نفسه ومع الاخرين عندما يرى ان اداءه لا يرقى الى ماضيه العريق ولا يرقى الى سمعته العلمية السامقة التي يتمنى اي انسان ان يتمتع ولو بقبس منها . ولان العراق الجديد محرقة كبيرة بعد ان كان مقبرة كبيرة بوسع بلد ، فان صاحبنا احترق واحترقت معه اوراقه القديمة والجديدة بشرارة "الكهرباء" التي اقحم نابله في حابلها فاختلط الحابل بالنابل . ماذا لو ان الشهرستاني طوى كشحا للطاقة ومغرياتها ؟ ماذا لو ان الشهرستاني سدل ثوبا دون المنصب والجاه وراح يؤهل جيلا علميا في الجامعات العراقية متخصصا بالهندسة الكيمائية كما تخصص هو ؟ لو كان فعلها لكان العراقيون الان يحلفون براس الشهرستاني كما يحلفون بالعباس بن علي عليهما السلام . لكنه لم يصمد طويلا امام الاضواء والكاميرات ومغريات السلطة والشهرة وربما المال . وكانت النتيجة ان العراقيين اذا ارادوا اليوم ان يتهموا انسانا بالكذب والتسويف فانهم يلصقون به اسم الشهرستاني ، نظرا للوعود السخية التي قدمها ويقدمها لهم باعادة النبض لأوردة الكهرباء في بلاد ما بين القهرين التي يشكو كل من فيها وكل ما فيها من تراكم كتل الكولسترول والشحوم الثلاثية او ما يسمى بالرئاسات الثلاث . ماتزال الفرصة سانحة اما الجهبذ والمجاهد الكبير حسين الشهرستاني ليكنس ماضيه القريب ، ويميط اللثام عن ماضيه البعيد فالعراقيون توابون لمن اصلح واتقى خاصة وان صاحبنا لم يلصق به حتى الان ما يشين سمعته سوى سوء الادارة وهذا في العراق يعد امرا هينا ، فحسن الادارة هو الاستثناء .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=35981
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 09 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18