• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : العاطلون جائعون والجائعون لا يتعلمون .
                          • الكاتب : مصطفى منيغ .

العاطلون جائعون والجائعون لا يتعلمون

  

 
 ( نحن ماذا أو ماذا نحن ؟؟؟ .- 5 من 10)
 
 
تحدانا الأمل ، إن كنا قادريد على اتباع مصفاة أحلامه المعقدة الموضوعة حيث الصراع مع الواقع متخذا شكل امتحان الصبر عند الآمِلِ في الأَمَلِ تحقيق ما يَأْمَل. ومهما كان فلن يُقَارَنَ بقدرة الأنسان المغربي على الاحتمال ، ما دامت  احاسيسه خاضعة للعقل مرتبطة مع القلب محرك الوجدان بكل ما يجعل الضمير مستقرا على حال ، أو بعيدا كل البعد عن التناغم بين عشرات الرغبات المتضاربة بعضها مع بعض لغاية اللحظة الرهيبة التي تصل بكل ما في هذه الآلة الآدمية إلى حد الانفجار مادام التشبث بالأمل عند الأكثرية جعل منه بعض ساسة المغرب وسيلة للقفز حيث تكمن مصالحهم في السلم الاجتماعي الموجه لقضاء حاجة أوتمرير قرارات تؤجل صرف ميزانية استثمار تنمية هذه الأمة بما يحمل التاجيل في طياته من ربح لنسب مائوية لابأس بها بواسطة أبناك أصبحت تمتص دم المتعاملين معها وكانت من قبل مقتصرة على امتصاص عرقهم وبالكامل فقط .
القناعة شيء ، والتمسك بالأمل كوسيلة مهذبة محبوبة شيء آخر لا علاقة له بالحقوق الواجب على الإدارة المغربية اعطاؤها لكل المغاربة ، لا يمكن السكوت في مجال التعليم الذي  لا زال الاسترسال في الحديث عنه لم يستكمل مقاصده لتتوضح الرؤى ويظهر للجميع من أفسده وتمادى على افساده بالصمت المطلق على نتائجه السلبية طيلة عقد من الزمان ، القضية ليست بالبساطة حتى نشرع في حلها بتوزيع مليون "محفظة" لسنا منظمة خيرية تمن على المحرومين من تلامذة التحضيري وأطفال الابتدائي وكهول التكميلي ، ورواد هذا النظام التعليمي الذي بكثرة الاسماء الملصقة على اقسامه و بالزيادة مع تقدم عمر الطلبة في التصنيفات التي اختلط معها الحابل بالنابل فاصبحنا لا نفرق بين اليافع و البرعم . لا .. المسألة لا تعالج بتوزيع محفظة بها بعض الأدوات المبتاعة بما يحصده المتسولون من التجار عن طريق العمال والولاة أو مباشرة من بلاد غربية تمنحنا لتضحك علينا والأمثلة كثيرة لا تعد ولا تحصي ، مليون محفظة  وزعت هذا العام والآتي قد يتضاعف العدد وهكذا نربي اولادنا على التسول بل نوثق ذلك بوسائل الاعلام المرئية والمكتوبة والمسموعة ليكون للمحتاجين عن ظلم في هذا البلد الغني تاريخ أسود ، غيرنا يمجد المشاريع التعليمية الضخمة المسايرة متطلبات سوق الشغل في القرن الواحد والعشرين ونحن لا زال اولادنا الابرياء يتزاحمون على أخذ محفظة صدقة ،وليث كان "الأخذ" هذا مجانيا بل يتطلب بدلة تليق بالمناسبة واستحماما يُكلف لوازم تُشترى وحذاءأ إن لم يكن جديدا يُعرض على الإسكافي لمعالجة اعوجاجه او النوافذ المطلة منها صوابع الاقدام، وساعات من الانتظار ، كان على الدولة التفكير باسلوب يحفظ للصغار كرامتهم باعطاء الحقوق لأولياء أمورهم منها الشغل ، الأباء قادرون على شراء حاجيات ابنائهم الدراسية إن كانوا يشتغلون أكانت الأجور المحصلين عليها تكفي أو لا تكفي المهم أن يشب الطفل بلا شيء من "حتى". كان على الدولة النظر في منهاجية التعليم وتكلفة هذه المنهجية والآليات الموجهة ليتطور الميدان من تلقاء نفسه ، وذلك بفسح المجال لكفاءات مُبْعَدَة عن قصد ليتوسع المفسدون في افساد مستقبل الأمة بعدما تيقنوا على افساد حاضرها ، وإن كان البعض باعطاء امثلة عن نجاحاتهم الشخصية في التعلم فكان عليهم ذكر التكلفة المصروفة ليصلوا إلى ما هم عليه . لنكون صرحاء ، التعليم يحتاج إلى الكثير من الحاجيات ، تبتدئ بتحسين ظروف نساء ورجال التعليم . لو توجه أي مراقب صاحب ضمير يحب المغرب كما يحب أولاده باحثا عن هؤلاء في أعالي الجبال وداخل بعض الدواوير التي من العار وجودها على تلك الوضعية في مغرب 2013 ، المسألة ليست تبجحا يُظْهِرُ الاصلاح ويستثني الشمولية في التنفيذ ليقتصر على محيط لا يمثل المغرب إلا بكونه جزءا جغرافيا بسيطا منه ، اضافة أن اصلاح التعليم مرتبط باصلاح مجال حقوق الانسان في الشغل أولا . العاطلون جائعون والجائعون لا يتعلمون بل يعملون على حفر قبورهم بما سيصنعون . الآلاف من الأسر اجتاحها الغضب مما يتعرض إليه افراد من عائلاتهم حاملوا الشهدات العليا  من ضرب لا يزيد للمصيبة إلا مصائب . كلنا كنا شبابا متحمسا للتغيير متعاطين اساليب حسبناها من صلب التقدمية ، شخصيا كنت اصغر رئيس فرع للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، اتذكر المرحوم المهدي بن بركة حينما  سالني : أتعلم صديقي مصطفى ما تردده الاذاعة المغربية بكثرة هذه الايام ؟ ، ولما اجبته بالنفي ابتسم وقال : "افديه إن حفظ الهوى  أو ضيعه"، الأغنية الشهيرة  لسيدة الطرب العربي أم كلثوم، تذيعها وتكرر إذاعتها .  ثم سألني ثانية " أتدري لماذا؟ ، قلت له متعجبا أفدني يا استاذ . أجاب رغبتي في المعرفة مصرحا : حتى تَتَعَوَّد الاذن المغربية على ذكر كلمة "فديك" التحالف اليميني لاحزاب المخزن الذي يتزعمه أحمد رضى كديرة بايعاز من الملك الحسن الثاني . قبل استعراض تفاصيل ذاك النضال في جانبه المتعلق باصلاح التعليم منذ عهد انطلاق المغرب بانيا دولته المستقلة بعد كفاح خاضه المغاربة البسطاء قبل استحواذ الدخلاء بلا حياء لتزوير التاريخ ليتقدموا الصفوف وكانوا ايام الاستعمار لا وجود لهم ولا خبر ، قبل استعراض جزء من ذاك النضال النظيف تستحضرني مقارنة عجيبة تعبر بصدق عن خط رسمه القدر لحكمة قد تنبهنا لامر يكمن فيه الدليل الذي استطيع الدفاع به عن رأيي المستمد من المعلومات المدققة والتجارب المعاشة . المكلف بملف التعليم حاليا هو الأستاذ  عمر عزيمان الذي سبق لوالده أن شغل منصب نائب وزارة التعليم  في اقليم تطوان بداية الستينات من القرن الماضي ، ويمثل لي محطة مهمة في حياتي ذات الارتباط . تعرفت عليه وكان ساعتها مديرا لثانوية القاضى عياض في تطوان حينما كنت أحد المسؤولين في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب برئاسة الآخ الحلوي عن فرع الشمال برفقة ثلة من أصدقاء منهم البرلماني السابق من ترجست البيفروري ، و أحمد المسكيني الملتحق بوزارة الداخلية والاخ الاستاذ المحامي مصطفى القرقري الكاتب الجهوي للاتحاد الاشتراكي من العرائش وأخرون ، انهي دراستي الثانوية لاجتياز أخر تلك السنة 1962 امتحان الباكلوريا في العلوم التجريبية ب: (Poleticnica De Tetuan)  ثانوية جابربن حيان حاليا ، في هذه الاثناء قررنا الخروج في مظاهرة أراد الاتحاد الوطني خوضها في عموم المغرب لتحقيق مطلب يخص اصلاح التعليم ، طبعا كنت في المقدمة حالما اصطدمنا بالشرطة التي لم تقصر من جهدها لنرفع الراية البيضاء ونقبل الآيادي وفي مقدمتها يد العامل ممثل الملك في تلك الاحقاب على اقليم تطوان  اليعقبوبي بنعمرو، لكننا صمدنا لغاية اعتقالنا للتحقيق معنا في مكتب رئيس الشرطة الاقليمية أنذاك الذي بعد مكالمة هاتفية أمر أحد الشرطيين اصطحابي لمقر مندوبية وزارة التعليم وتسليمي مباشرة للسيد المندوب الذي لم يكن سوى والد الاستاذ عمرعزيمان المكلف بملف التعليم آنيا . سلمت على الاستاذ عزيمان الأب وكان رجلا قصير القامة دائري الوجه ابيض الوجنتين والجبهة أنيق الملبس ، الطربوش الاحمر يغطي خلفية رأسه ، بعينين حادتين تحجبهما نظارة طبية عن تسرب شعاع الذكاء البادي منهما حالما يتحدث ، كانت المرة الأولى التي التقيته فيها وبالرغم من حالتي النفسية ووضعية زملائي حيث جزء منهم تحت الرعاية الطبية في مستشفى "سانية الرمل" على اثر الاصابات التي اسقطتهم على الطرقات و الدماء تغطي جوانب من وجوهم بينما الجزءالثاني موجود رهن الاعتقال ، ومع ذلك وجدت نفسي أحدث مخاطبي بأدب جم وأسلوب لين  و هدوء يليق بشخصية سمعت عنها الكثير وتمنيت أن ألقاها وما تخيلت أن يكون اللقاء على هذه الطريقة وفي هذه الظروف الصعبة والمعارضة يصيبها ما أصابها من تنكيل ومضايقة واستفزاز، بل فاجأني الرجل بما فاه به في حقي من عبارات الاحترام أنستني أنني ما زلت صغيرا على هذا المدح وأدخلتني في مستوى كبار القوم المطَالبين بالتفاوض لمصلحة الآخرين ، وهنا ...
                        إلى الجزء التالي من المقال   
السبت 14 شتمبر 2013   
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=36734
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 09 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 3