هذا المقال جزء من دراسة كتبتها لموقع (وطنيون) ... لغة المجاملات مازالت كالوباء تنتشر في اوساط الطبقة السياسية ، وعندما تحل المجاملات ترحل الواقعية والصدق والشعور بالمسؤولية ، ومع كل ماقيل عن موقف العراق من الأزمة السورية تبقى الحقيقة واضحة وهي ان العراق لا يملك ارضية سياسية رصينة لتحمل معركة ذات طابع عالمي ربما ستجري على حدوده الغربية ، فالعراق مازال في التعريف السياسي يعد بلدا افتراضيا لم تتوفر له مقومات الدولة الموحدة فهو يعاني من الامراض الآتية :
1. تشظي الارض وشبح التقسيم : العراق يعاني من شبه انفصال كردي في اقليم كردستان ، من الناحية الادارية والامنية والاقتصادية والنفطية والعلاقات الدولية . ويتبع الانفصال الكردي تمرد سني على خلفية مطالب سياسية اغلبها تخالف الدستور، وقد يؤدي ذلك الى الانفصال السني ايضا وهذا يعني نمو عوامل تقسيم العراق بشكل واضح الامر الذي يلغي مصداقية الوحدة الترابية للدولة العراقية .
2. تمزق الهيئة الحاكمة وتناحرها : القوى السياسية المشتركة في العملية السياسية لا تمتلك رؤية واحدة في ادارة البلد ، ومنها قوى لا تعترف بالديمقراطية ولا بالانتخابات ، ولا بالدستور ، والاخطر من ذلك ان هناك ساسة يشاركون في العملية السياسية لاجل افشالها ، وهناك نواب يقودون عمليات ارهابية ويمولون ويخططون للارهاب في البلاد . وتبعا لذلك تنقسم السلطة في العراق الى مؤيدين لاسقاط النظام السوري ورافضين له .
3. الاختراق التكفيري المحمي : يعتقد المراقبون للشأن العراقي ان هناك نوابا ووزراء وافرادا من بين كبار الموظفين وضباطا في القوات المسلحة وتجارا واصحاب ثروات مجندون للمعسكر الصهيووهابي ، ومكلفون بتثبيت اركان هذا المعسكر في العراق ، ومن الاعمال التي ينفذها هؤلاء اطلاق الخطاب الطائفي ، وادارة وتمويل وتخطيط العمليات الارهابية ، وتقديم الدعم والغطاء السياسي والاعلامي للعصابات التكفيرية . وتبدو الحكومة عاجزة عن وقف هؤلاء المجندين عند حدهم لانهم محميون من قبل الولايات المتحدة واسرائيل والحكام العرب التابعين لتل ابيب ، بينما تعاني الكتل والاحزاب العراقية الاصيلة المحسوبة على العراق ومعسكر الممانعة من التشرذم والتنافس وتفشي الفساد. في ظل هذا الواقع ، وامام البنية الهشة للعراق سياسيا واجتماعيا ، يمكن تقديم قراءة مسبقة لآثار الضربة الامريكية اذا نفذت ضد سوريا ، فمن الناحية السياسية ربما تؤدي هذه الضربة الى مواجهة داخلية في العراق وتأجيج حرب بين جبهتين الاولى هي جبهة الشعب العراقي بكل مكوناته الاجتماعية مقابل العصابات الصهيووهابية بكل مالديها من غطاء ديني وسياسي واعلامي وعسكري داخل العراق ، سوف تتشكل الجبهة الحقيقية للعصابة المسماة دولة العراق والشام ويصبح افراد الطابور الخامس التابع لها من الساسة واضحا ومكشوفا ، ومرة اخرى سوف يتبرأ المكون السني من تلك العصابات التي تدعي الانحياز له بكل اشكالها وتتشكل الصحوات مجددا لقتالها والتخلص منها ، خاصة وان تلك العصابات الارهابية تعتقد ان العراق هو العمق الجيوسياسي لمعسكر الممانعة ولا بد من كسر شوكته وتحويله الى جبهة متقدمة لصالح اسرائيل . كل محاور الممانعة في المنطقة لديها حصون تحميها من الاختراق الا العراق ، عليه ان يكون دولة حقيقية اولا قبل ان يفكر بتحصين نفسه . |