• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : موسم الهجرة الى جورجيا .
                          • الكاتب : هادي جلو مرعي .

موسم الهجرة الى جورجيا

يتسابق العراقيون للوصول الى بلدان مختلفة من العالم ويتوهم من يظن أن وجهة واحدة قد تستهويهم دون غيرها برغم تفضيلهم لبلد على سواه ولشعورهم بوجود فرص حياة أكبر فيه لاتتوفر في بلد آخر من البلدان التي يقصدونها ،وبعد أن كان هدفهم في ثمانينيات القرن الماضي الوصول الى أي بلد من أجل الحصول على الأمن والهروب من ظروف الدكتاتورية والحروب والحصارات والعزلة الدولية ،تحول الى هدف مختلف بل قل أهداف مختلفة ،فهناك من يسافر للعلاج والبعض بقصد السياحة الدينية ومنهم من يذهب بعيدا للتجارة والبعض يفضل الإقامة في بلد بعينه لتوفر ظروف ملائمة للعيش ،وحتى السياحة الجنسية صارت هدفا كما يتحدث بذلك كثر يذهبون هذه الأيام الى بلدان كجورجيا ويصفون النساءا الحسناوات وملائمة الأسعار لدخولهم .

يتساءل أحد الأصدقاء بإستغراب عن سر تهافت العراقيين بهذه الأعداد على العاصمة الجورجية تفليسي وقيامهم بشراء عقارات وتحويل أموال والإستثمار في قطاعات مختلفة ومنهم من قرر الإقامة المؤقتة او الدائمة وحتى الذين يفرون من ملاحقات قضائية بسبب الفساد وغيره أصبحت جورجيا وعاصمتها ملاذا لهم فهي جنة الله على الأرض وهي أرض الأحلام بالنسبة لكثيرين يذهبون ويعودون وسرعان مايشدون الرحال ثانية ولهم مآرب عدة لايفصحون عنها برغم الإبتسامات الخبيثة التي تتراءى على وجوههم وتفضحها أعينهم التواقة لمشاهدة المزيد.

لابد من الإعتراف بجوع ووجع العراقيين على مدى عقود بإعتبارهم ضحايا الحرمان والعزلة التي فرضتها عليهم أنظمة تعاقبت على حكم البلاد، وعطلت حركة الحياة وطموح ورغبة الناس في القيام بمايرونه ملائما لحياتهم ،وصار حلم كل عراقي أن يرى المطار ،أو أن يمر من معبر حدودي كأي إنسان محترم له حق العيش المطمئن وحرية الحركة والتنقل والسفر.كان العراقيون يسمعون أغنية في مطلعها ( آه ياأرض المطار ) فيزداد حنينهم ،حتى إني تعلقت بأول بلد نزلت فيه ودخلت عاصمته من مطارها الأثير فصرت أحبها برغم عشرات المرات التي سافرت فيها ولم تؤثر في كل مدن العالم بسحرها وجمالها وفخامتها كما أثرت في تلك العاصمة البسيطة لأنها أتاحت لي فرصة الإطلاع على معالم حياة مختلفة وأناس غير الذين عرفتهم وتعودتهم وسئمتهم حتى،صارت مثل مسقط الرأس .

السفر لمختلف الأسباب صار هما يوميا ،فالزحمة على مكاتب إصدار الجوازات لم تكن تطاق في أول أيام التغيير ،وربما تكون هدأت في الفترة الأخيرة ،خاصة وإن الهوس الذي أصاب المواطنين كان كبيرا وعاصفا ،والجميع يرغب في السفر وأصبح الحصول على الجواز الشغل الشاغل للمواطنين ، وكان أن وصل العراقيون الى مختلف البلدان دون أن يسئموا ،أو يكلوا ،أو يترددوا محققين حلما طال إنتظاره ،ثم تفتحت أمامهم السبل والغايات ،وعرفوا إن السفر لوحده ليس مهما، بل لابد من إستثماره ،وهو الأهم في التجارة والإستثمار والكسب والمتعة وتحقيق الذات .

وهذا موسم الهجرة الى جورجيا يبدأ فترى العراقيين كأنهم الطيور المهاجرة تحط في واحات البلد الفقير والجميل .والحسناوات يقلن ، ياهلا ومرحبا بالجاي لينا .

 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=36761
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 09 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19