ان من اهم الاسس التي تتكفل بنجاح التحرك الثوري وتحقيق الهدف الاول منه وهو اسقاط طاغية وتغيير نظام سياسي عامل الحسم والسرعة في الاداء لتقليص الفترة الزمنية , حيث ان التفاف الجماهير حول راية الثورة واصرارها على رفعها عاليا مهما كان الثمن , وصنعها للقرار الحاسم في ساحة الصراع باقدام وشجاعة يعجل في النصر , وبالتالي تتحقق اهداف سامية كثيرة منها الخلاص من الطغاة , والمحافظة على ارواح كثيرة , ومنشآت هامة , الا ان الاهم من ذلك كله هو الحفاظ على الوطن من التدخل الاجنبي , سواء بحجة الوقوف مع الثورة او مع عدوها , كما ان النصر لايشكل عاملا نفسيا مهما لدى الثوار ومن يتعاطف معهم فحسب , ولكنه يشكل نقلة نوعية وكبيرة في طريق تغيير المشاريع السياسية الخارجية , والاجندات المشبوهة التي تريد احتلال الاوطان من اجل ضمان الحصول على الطاقة مثلا , وهي مشاريع واجندات غبية جدا , لأن الشعوب اذا تخلصت من طغاتها اصبحت اكثر انفتاحا على التبادل التجاري , والاحتكاك الثقافي , والتعاون الاقتصادي والعلمي والاجتماعي , بل انها لاتستطيع ان تعزل نفسها عن العالم وتمتنع عن بيع ثرواتها , اذن كيف ستبيعها , ولمن تبيعها ؟! .
ولا يخفى ان نجاح الثورة في ليبيا له اهميته الكبرى وتاثيره البالغ على مجمل الوضع الثوري العربي الذي بدأ تأثيره يصل الى العالم كله , وان أي تقصير او تأخير ستكون له عواقب وخيمة على الشعب الليبي بوجه خاص , وذلك لأننا استخلصنا العبر والدروس من انتفاضة العراق الكبرى في عام 1991 تلك الانتفاضة التي غاب عن ساحتها عامل الحسم الجماهيري الثوري بالزحف على العاصمة واسقاط الطاغية بالقوة , فماذا كانت النتيجة ؟ لقد كانت كارثة كبرى على شعب العراق , حيث تعرض الشعب الى شتى صنوف العذاب الذي كان اقله القتل والسجن والتشرد والفقر والحصار والمرض والجهل والتخلف , واكبره الذل والهوان والشعور بالاستضعاف وعدم الثقة بالنفس , واستمرت تلك المعاناة اثنتي عشر عاما , حتى شاء الله تعالى فسلط على النظام اصدقاءه وحماته , فاخذه الله اخذ عزيز مقتدر , ولايخفى ايضا ان اجهاض الثورة في ليبيا سيؤدي الى خيبة امل قاسية ومؤلمة لجميع الشعوب المظلومة في العالم .
اننا نهيب بالشعب العربي الليبي الغيور الجسور ان يحسم المعركة فورا مهما بلغت التضحيات , وان يسارع الى وضع قيادة عسكرية ميدانية وان يشخص الخلل بسرعة كما يمكن اختيار شخصيات وطنية تتحدث باسمه وتؤكد استفادة الشعب الليبي وكل الشعوب من الثروات الليبية , وان لاتطرح الافكار التي يتحسس منها الاخرون , كما يروج النظام الليبي اليوم الى ان ليبيا ستكون دولة متشددة , او سيحصل فيها حرب اهلية , او ان القاعدة بدأت تسيطر على الوضع هناك , وذلك من اجل اخافة دول العالم من الثورة .
ايها الغيارى في ليبيا خلصوا الشعب والامة من مجنون يتعاطى المخدرات , ولايعرف حتى كيف يتحدث , انه يسعى في الارض فسادا , ويخجل امتنا الناهضة المباركة بفسقه وفجوره وظلمه وغطرسته , واعلموا ان العالم كله ينتظر قراركم الحاسم , وانتصاركم الكبير , عندما تسجلون للتاريخ والاجيال اروع صفحات العز والكرامة في سفر البشرية الخالد , وسلام الله على شهدائكم الاخيار الابرار الذين فضلوا الموت على الذل والخنوع , وقارعوا الظلم بصدور ملؤها الايمان بحق الشعب في الحرية والكرامة والعدالة .
جاسم المعموري
24 \ 2 \ 2011
|