• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مع الحكيم والفيلسوف الصيني : لاو – تسو { تصنيف الحُكَّام وأنواعهم } .
                          • الكاتب : مير ئاكره يي .

مع الحكيم والفيلسوف الصيني : لاو – تسو { تصنيف الحُكَّام وأنواعهم }

مقدمة تعريفية موجزة بلاو – تسو والحكمة : يذهب الكثير من الباحثين إن المعلومات التفصيلية عن حياة لاو – تسو شحيحة ، لكنهم إتفقوا على أنه عاش في القرن الخامس ، أو السادس قبل الميلاد في الصين ، ومنهم من يعتقد بأنه عاش في القرن الرابع قبل الميلاد . أما الرأي الأول هو الأكثر قبولاً ورجحاناً عنه . 

يعتبر لاو – تسو من أعظم الحكماء والفلاسفة والمفكرين في العالم ، فغالبية كلامه ، أحاديثه وأقواله تنضح منها المعرفة والحكمة والمصداقية في المعنى والمغزى . وقد جمع لاو – تسو الفلسفة بالحكمة فصارت خليطاً حِكَمِيَّاً وعرفانياً وإنسانياً في غاية الجودة والجمال والكمال . لهذا يذهب الظنُّ بأنَّ لاو – تسو كان نبياً من الأنبياء . ذلك أنَّ الحكمة كانت أحد الصفات الأساسية التي آتَّصف بها الأنبياء كافة  . 

هكذا تُعَدُّ الصين من البلدان الحضارية والعريقة والمعروفة منذ القِدَم في العالم بالعلم والحكمة والمعرفة والفلسفة ، في هذا الصدد جاء في الحديث النبوي لرسول الله محمد – عليه وآله الصلاة والسلام - : { أطلب العلم ولو كان في الصين } ! .

إن الحكمة هي غير الفلسفة ، كما هي غير العقل أيضا ، أي إن الحكيم هو فيلسوف وعاقل في نفس الوقت ، لكن ليس كل فيلسوف وعاقل هو حكيم بالضرورة ، لأن الحكمة هي فوق الفلسفة والعقل ، فالحكيم بحكمته قد تخطَّى حدود الفلسفة والعقلانية الى ماورائهما ، حيث هو الأصوب والأصح والأعدل والأقوم ، وهو الدائرة الأكبر التي آنطوت فيها العالم الأكبر بتعبير الإمام علي – رضي الله عنه - ، وأعني هنا الإنسان والإنسانية ، يقول الإمام علي مخاطباً الإنسان : 

أَتَزْعَمُ أنَّكَ جِرْمٌ صغيرٌ * وفيكَ آنطوى العالمُ الأكبرُ 

على هذا الأساس جاء الإهتمام القرآني بالحكمة في الكثير من آيِهِ الحكيمات ، منها : { ومَنْ يُؤْتَ الحكمة فقد أُوتِيَ خيراً كثيراً وما يَذَّكَّرُ إلاّ أولوا الألباب } البقرة / 269 . 

قد يكون هناك تَوّجُّس من بعض الفلاسفة والعقلاء ، لكن الأمر بالنسبة للحكماء هو بالعكس تماماً ، إذْ لايُتَوجَّسُ منهم خِيْفة أبداً : من أيِّ دين ومذهب ومعتقد ، أو من أيِّ عرق وقومية وجنس ولسان كانوا . 

ذلك أن الحكيم لايتصرَّفُ على أساس [ الأنا ] الأمَّارة بالسوء ، لأنه قد هذَّبها ورَبَّاها وصيقلها وحرَّرها من الشوائب والأدغال والأصداء ، أو إن الحكيم لايتصرَّف على أساس ردود الأفعال ، أو على أساس الأحقاد والضغائن والكراهيات ، أو على أساس الثأر والإنتقام ، لأن نفس الحكيم كالمرآة : فهي صافية ونقية وزكية كماء زمزم الزلال ، وهي كذلك طيبة وعبقة الرائحة كنرجس كردستان المعروف .

هم قليل جداً ، في طول التاريخ وعرضه من القادة والحكام مَنْ منهم مَنْ مَطَّ السياسة فخلطها بالحكمة وهَذَّبها بها ليكون بالتالي قائداً وحاكما سياسياً حكيماً ، فالقائد الحكيم هو زاهد عن أناه وأنانيته وذاتيته لصالح الجمع العام القريب والبعيد والأبعد . والحكيم هو أيضاً عفٌّ وعفيفٌ ونظيف اليد وطاهر الذيل في حكمه وسياسته التي يسوس بها شعبه ! .

في هذا العصر ، بحسب إطلاعي لاأعرف قائداً وحاكماً لبلد وشعب مَنْ جمع بين القيادة ، السياسة والحكمة غير الشيخ المُبجَّل رئيس أروغواي السيد [ خوسيه موخيكا ] الذي وُصِفَ بأنه أفقر رئيس دولة في العالم ، فطوبى ومرحى له ، فسلام له وعليه ، فَرَوْح ورَيْحان له ...!

[ في مقابلة أجرتها صحيفة [ إل موندو ] مؤخراً ، قال موخيكا : ( إن أغلى شيء يملكه سيارته < الفولكس واجن بيتل > ) التي تُقدَّرُ قيمتها ب: 1945 دولاراً أمريكياً ، وأضاف : ( إنه يتلقَّى راتباً شهرياً قدره : 12 ألفاً و500 دولار ، ولكنه يحتفظ لنفسه بمبلغ : 1250 دولار فقط ) ويتبرع بالباقي للجمعيات الخيرية . 

من أقوله : < أهم أمر في القيادة المثالية هو أن تبادر بالقيام بالفعل حتى يسهل على الآخرين تطبيقه > ] عن موقع العربية نت . 

تصنيف الحكام وأنواعهم عند لاو – تسو  :

{ أفضل ُ الحكَّام مَنْ شابَهَ الظِلَّ عند رعِيَّته ... 

يليه الحاكم الذي يحبون ويحمدون ...

فالذي يخافون ويرهبون ...

فالذي يكرهون ويحتقرون } ! ينظر كتاب : [ التاو ] لمؤلفه لاو – تسو ، صياغة عربية للنص ، تقديم وشرح وتعليق فراس السواح ، منشورات دار علاء الدين ، دمشق – سوريا ، ط 2 ، 2000 ، ص 51 

الشرح  : 

كما يبدو واضحاً إن لاو – تسو قد صنَّف القادة والرؤساء والحكام كلهم الى أربعة أصناف وأقسام وأنواع ، هم كالتالي : 

1-/ أفضل الحكام والرؤساء هو الحاكم والرئيس الذي يحكم بالعدالة دون فرق وتمييز بين المواطنين على الإطلاق . لهذا لايشعر المواطنون بوطأة وثقل حكمه ، أو بوجوده إلاّ مثل ظِلٍّ خفيف ، أو طَيْفٍ جميل . وذلك لأنه لايتظاهر على مواطنيه بأن يفعل كذا وكذا ، بل إنه دون أن يشعروا يقوم هو بما يخدمهم ويسهر على مصالحهم وأمنهم وأمانهم وسلامهم وسلامتهم ورخاءهم . 

2-/ بعده يأتي الرئيس الذي يحبون ويحمدون . هذا الرئيس عادل وصالح لشعبه ، لكن ليس كالصنف الأول ، حيث هنا يشعر المجتمع بوطأة هذا النوع من الرؤساء من حيث المحبة وكيل المديح له . أما الصنف الأول من الرؤساء فهو لاينتظر من مواطنيه شيئاً من ذلك ، لأنه واجب عليه أن يخدم شعبه وبلاده دون أن ينتظر منهم جزاءا ولاشكوراً ولامديحاً . وذلك مصداقاً للحديث النبوي الشريف : { سَيِّدُ القوم خادمهم } ! . 

3-/ النوع الثالث من الرؤساء هو الذي يخافه الشعب ويرهبه . وهذا النوع هو نوع شيءٌ جداً من الرؤساء ، حيث يحكم شعبه بالقهر والرهاب ، وإنه يتعامل مع شعبه عبر أجهزة الأمن والبوليس وما شابه من الأجهزة القمعية ، أو من خلال المعتقلات والسجون ومصادرة الحريات وتكميم الأفواه . 

4-/ النوع الرابع من الرؤساء هو أسوء وأشنع أنواعهم ، حيث هو / هم الذين مكرهون ومحتقرون من قبل الشعب ، أو الشعوب .... 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=37087
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 09 / 23
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13