• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ليس لدى أم إعبيّس من تعاتبه!! .
                          • الكاتب : وجيه عباس .

ليس لدى أم إعبيّس من تعاتبه!!

المرأة كائن أقرب مايكون للأسطورة،ولولا كثرتهن في مجتمعاتنا البشرية لعرف الناس قيمتها وندرتها في زمن الفحولة البهيمية التي لاتعرف شيئا سوى الرجوع ليلا الى البيت(وربما تتيه في نصف الطريق!!).

تنهض "أم إعبيّس" فجراً فتكون اول عينين تفتحان للحياة نافذة في قبرها او بيتها،مهمتها الاولى ان تخدّر الشاي فيما تبقى العائلة المخدَّرَة بالكامل نائمة على نفسها،توقظ ابنها الموظف خشية ان يتركه سائق الخطوط الحكومية في الشارع وحده فيطيح حظ راتبه الذي لايوصله الى نهاية الشارع!!،ثم تعود لإيقاظ اولادها الذين يصادف دوامهم الصباحي فجر نهوض "أم إعبيّس" من كفنها او فراشها الذي يشخر عليه ....حوت أزرق!!... اسمه(أبو إعبيّس!!).

بيديها الحانيتين توقظ "أم إعبيّس" ابنها الصغير الملتصق بالفراش والمخدة وكأنه يتصور ان أمه تريد تنفيذ حكم الاعدام به!!،تغسل له وجهه وتلبسه ملابسه،حتى حذاءه الصغير تعوّد على يديها وهما تمسحانه من الطين الذي علق فيه قبل يوم واحد في ساحة المدرسة،تجلس ابنتها التي اقترب دوامها الصباحي في الكلية وهي تقول لها:

-ادري مو صرتي مرة وتريديني اني اكَعدج من النوم!!.

ماراثون صباحي تعوّدت عليه "أم إعبيّس" وهي تركض في بيتها المتواضع من اجل ان تشرك جميع عائلتها في مسلسل حياة يوم جديد لايشبه المسلسلات التركية بشيء،لم يبق سوى أبو اعبيّس الذي مازال يغط في نوم عميق ولاتسمع منه سوى عزف منفرد من الشخير المتواصل،وهي تقول: ولك وتسوه العتب جاعاتبيتك!!.

يذهب الاولاد كل الى حال سبيله،تتناول "أم إعبيّس" فطورها المتواضع الذي تحذر فيه من زيادة نسبة السكّر وارتفاع الضغط الواطي ابن الـ 16 واطي!!،امراض الروماتيزم كان من الهبات الوطنية التي يهديها العراق لنسائه مع الجنسية العراقية وهوية الاحوال المدنية ومرض السكّر ومرض الضغط حتى تتحول المرأة العراقية الى صيدلية أمراض متنقلة،تركض "أم إعبيّس" الى الحمّام لغسل الملابس التي تركتها العائلة الكبيرة لتغسلها بيديها،راتب ابو اعبيّس لايسمحان لها بشراء غسالة كهربائية،تتذكر يوم وقفت امام احد السادة حين طلبت منه ان يقوم باعطائها مبلغاً من المال لشراء غسالة كهربائية لاصابتها بمرض جلدي بسبب مساحيق الغسيل الرديئة،الا انه فاجأها وقال لها:

-تأسّي بجدتي الزهراء عليها السلام انها كانت تطحن بالرحى حتى مجلت يداها.

فقالت له على الفور:

-سيدنه ماتتأسى إنته بجدك علي بن اي طالب ع ليش جان يركب مارسيدي 55 اس اي ل؟!.

"أم إعبيّس" تخرج من الحمّام وهي عبارة عن قطعة مبللة من مزيج الثياب واللحم الحي،تركض الى المطبخ من اجل تحضير الغداء لعائلتها الكبيرة،يدخل اولادها العائدون من المدرسة فيقومون بإلقاء ملابسهم على الارض لتقوم هي بتجميعها ووضعها في أماكنها!!،تدخل الحمام مع صغيرها الذي جلب لها تراب الشارع لتملأ به الحمّام.

عصرا تقوم ام اعبيّس بتخدير الشاي مرة ثانية لتجتمع العائلة حول صوبة علاء الدين،تعد العشاء ليتزقنب افراد عائلتها وابو عبيّس لايرضيه شيء مما تفعله هذه المرأة الاسطورية التي تتعرض لاغتصاب حياتي من الفجر وحتى الليل حين تلقي بجسدها المثقل بالامراض المزمنة ومخافتها على افراد عائلتها من القلق اليومي خشية فقدان احدهم منها،ما أن تغمض عينيها حتى تشعر باصابع ابو اعبيّس تبحث عن قوري الشاي ليخدّرة على نار هادئة فتفتح عينيها وتقول له:

-أبو اعبيّس اني من الفجر لهسه مـ.....وانوب انته هسه تريد تـ.....!! 

لا والحظ!!!




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=37102
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 09 / 23
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19