• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : نهاية المعارضة السورية .
                          • الكاتب : هادي جلو مرعي .

نهاية المعارضة السورية

في نبرة الخطاب التي بدت خلال الفترة القليلة الماضية كان للسياسيين العراقيين مخاوف جمة وشعور بتعاظم الخطر من ظهور جماعات دينية متشددة للغاية لاتعترف بالمذاهب وبخلافاتها ولديها الرغبة _ حسب وصف أحد الخبراء بشؤون الجماعات الدينية_ بمحاربة العالم كله وتكفير البشر كلهم دون النظر في عقائدهم وإنتماءاتهم ومواطنهم وهو السائد من التصور في المرحلة الحالية التي تشهد تصاعد نبرة الخطاب التحريضي عند تلك الجماعات مع إنزياح مضحك من بعض السياسيين للتعبير عن خطاب مماثل، وليس إيمانا به ،بل شعورا بضرورته المادية  ،ومحاولة للتكسب من خلاله دون إدراك خطورة إن هذا الخطاب سينعكس سلبا على السياسي ذاته وعلى جماعته السياسية وطائفته التي ستتحول الى ضحية فيما بعد ،ولعل تجربة العراق خير مثال على تمسك الجماعات الدينية تلك بخطاب موغل في الوحشية غير ملتفت الى الناس ومذاهبهم ورغباتهم ماجعل البلاد كلها ساحة حرب وسجال في مواضع شتى وأدى ذلك الى قتل الآلاف من الأبرياء دون ذنب .
تحدث سياسيون سنة وشيعة عراقيون عن التطرف وأعربوا عن مخاوف حقيقية منه ، ووجدوا إن الضرورة تحتم التواصل فيما بينهم لإيجاد إستراتيجية ملائمة لمواجهة التحدي الذي تفرضه الجماعات المتطرفة التي لم تعد تعترف بشئ سوى بنهجها العنفي المتصاعد ،وترفض الآخر جملة وتفصيلا ،ولارغبة لديها بالحوار والإستماع للآخر ،وتفهم طبيعة مبادئه والعقيدة التي يؤمن بها .هذا الأمر بدا واضحا في مخاوف السياسيين والمواطنين المصريين ونظرائهم في تونس وليبيا والمغرب والجزائر التي عاشت محنة التسعينيات وفي دول الخليج التي تتخبط للحظة في تحديد أولويات المواجهة مع المتطرفين فتدعم فريقا وتناوئ آخر وتبتلي ببعض الدعاة فيها الذين يتصرفون كأنهم قادة تلك الدول ،وهاهي سوريا تنجر الى مواجهة مرعبة بين قوى المعارضة التي بدأت عملها لإسقاط حكم الرئيس بشار الأسد وهي تنتهي اليوم لإسقاط بعضها وقتل وسحل وإبادة بعض ،فالمعارك تشتد في الرقة التي سيطرت فيها قوات جبهة النصرة ودولة العراق والشام الإسلامية على ألوية تابعة للجيش الحر وهي تقاتل بشراسة في ريف اللاذقية بعد أن أحكمت السيطرة على مدينة إعزاز في حلب وقتلت العشرات من أعضاء الجيش الحر الذي وجد إنه في غاية الضعف بمواجهة مسلحين متشددين من تلك الجبهات الدينية الأشد فتكا والطامحة لإنشاء إمارة إسلامية في سوريا وغرب العراق ، وقد حددت أهدافها وبدقة، وهي تتلقى الدعم عبر تركيا ومن مجموعات جهادية ودعوية في الخليج توصل لها المال والسلاح عبر منافذ عدة من بينها مطار إستنبول.
يبلغ تعداد عناصر تشكيلات النصرة والدولة الإسلامية أكثر من ثلاثين ألف مقاتل شرس ومدرب ولديه جهوزية قتالية عالية بينما لايمتلك الجيش الحر سوى عدد من المقاتلين من المنشقين عن جيش النظام الحاكم وعدد من الجهاديين الذين سيسارعون عند أول مواجهة لإعلان الولاء للقاعدة كما فعلوا في مدينة الرقة ،وبالتالي فإن المجتمع الدولي يعيش حال الصدمة وكذلك الدول الداعمة للقوى المناوئة للأسد التي ظهرت بصورة من يدعم قوى تريد إسقاط نظام كان مهادنا للغاية معها ويعيش حال الإستعراض لاأكثر بينما تبدو هذه القوى التي تتلقى السلاح والمال متشبثة بالأرض ولديها رغبة في تحطيم كل شئ وإعلان إمارة إسلامية حتى لو على كيلو متر واحد كما يقول السيد هيثم مناع احد معارضي الأسد المعتدلين والذي بدا من يومين وكأنه ينعى المعارضة السورية ويشير الى نهايتها.
هناك خطر ،لكنه بحاجة الى فهم متبادل.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=37207
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 09 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29