• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الحياة للبحر الميت .
                          • الكاتب : هادي جلو مرعي .

الحياة للبحر الميت

صور مروعة وزعتها وكالات أنباء عالمية للبحر الميت الذي يمثل بيئة تاريخية خصبة تحفل بالمواضيع الدينية والتراث الإنساني الحافل حيث نشأت على ضفافه حضارات إنسانية عظيمة وبعث أنبياء وحكت الآيات القرانية قصص أنبياء وأمم أبيدت على سفوح الجبال الكثيرة الموزعة هنا وهناك على إمتداده الشاسع بين الأردن وفلسطين المحتلة بعد أن رفضت الإنصياع لإرادة السماء ، وقريبا منه نضجت فكرة العذاب الإنساني وتنقل فيه يسوع حملا البشارة للمؤمنين وللذين إكتنفهم الضلال ، ولطالبي الرحمة والمجد الأبدي وفهم الحياة والسكينة الى مخلوق له صلة مختلفة بالله الواحد حيث يمنحهم الراحة ويصنع لهم الحياة الخالدة فلايعودوا مضطرين للإستسلام للخرافات ولخداع رجال الدين اليهود المنافقين .
الصور المروعة كانت للبحر الذي يحتضر بينما يعبث على شواطئه السياح والباحثين عن الراحة والدعة والعلاج والطين البركاني، وحتى المتباهون بالسفر والمتعة ،فهو يجف رويدا بفعل التبخر ولم تعد المياه التي تصله في السابق من روافد قليلة وشحيحة تكفي لدوامه ولاإتصال له ببحر أو بمحيط كماهو حال البحر الأحمر والمتوسط وسواها من بحار ومحيطات العالم العديدة ،وهو في جوع دائم للمياه التي تعوض مايتبخر منه مع مرور الأعوام دون أن يعوض ذلك ماء جديد يعيد الحياة له ولايبعث المزيد من القلق ،وقد كنت زرت البحر الميت أوائل العام 2013 وقد وجدته متراجعا بشكل خطير للغاية ومفزع حيث تشير التقارير الى إنخفاض مستواه بنسبة 30 سم كل عام مايعني بحسب الخبراء جفافه الكامل عام 2050 وهي فترة زمنية ليست ببعيدة بل هي بعداد السنين قريبة للغاية .
وكلما إنخفض منسوب المياه فيه كلما ظهرت حفرت جديدة يقدر عددها الآن باربعة آلاف حفرة وبمنظر مروع ومحزن حيث هي المرة الأولى في حياتي وحياة الجيال الحالية أننا نرى بأم العين بحرا عظيما يموت وقد إرتبط بعقائدنا الدينية وحكايات الماضين من الأسلاف بل هو يرتبط ببداية معركة الإيمان بالكفر وعلى شواطئه نسجت قصة المسيح وصراع اليهود مع الرومان والوثنيين وكان للبحر هذا أثر في نفس كل متعبد من اتباع الديانات الثلاثة ( اليهودية والمسيحية والإسلام) لما له من حضور مقدس ،حتى إن الدولة العبرية انشئت متحفا سمته (متحف آثار البحر الميت) .
أقرب البحار إليه وأيسر الطرق لتوصيل المياه منها هو البحر الأحمر الذي يمكن شق قناة تصله بالبحر الميت وتوفر كميات هائلة من المياه ،ولست أعلم بالتكلفة المالية ، ولابالحسابات الفنية اللازمة لتأمين توصيل البحرين ببعضهما لكني متأكد من القيمة الحضارية لهذا المشروع الذي يمكن لشركات عالمية أن تقوم به بدعم من دول الخليج وبعض الدول الكبرى كالولايات المتحدة والغرب عموما ،ومن الأردن بمستوى معين ، وبالتأكيد إسرائيل المغتصبة التي تقع عليها مسؤولية كبرى لتؤدي دور الدولة المحتلة وفقا للقانون الدولي فقيمة البحر الميت تستحق التضحية ،وماعلى المترددين سوى النظر في الطريقة البدائية التي تم بها حفر قناة السويس التي ربطت العالم ببعض ويسرت طرق التجارة العالمية بين البحرين المتوسط والأحمر وصولا الى المحيطين الأطلسي والهندي.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=37293
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 09 / 27
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19