• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : تفكيرنا المُضحِك المُبكي!! .
                          • الكاتب : د . صادق السامرائي .

تفكيرنا المُضحِك المُبكي!!

قرأت أن في إحدى مدننا , يريدون تغيير مجرى النهر لشق طريق؟!!!
فتعجبت من الخبر  , لأنه يشير إلى آلية تفكير غريبة , وإقتراب حجري جامد عتيق ومتطرف من الحالة التي يراد التعامل معها؟!!
 
فلا يوجد في تأريخ البشرية , أن مجتمعا أو شعبا , قد غير مجرى نهر لشق طريق!!
 
فالبشرية تحفر الأنفاق في الجبال , وتمد الجسور فوق البحيرات والأنهار , بل وتشق طرقاتها تحت المياه , وإذا لم تصدقوا , فزورا اليابان والصين , وغيرها من دول العالم الوعرة الطبيعة , فستجدون كم من الأنفاق تمر تحت المياه , والجسور فوقها , وغير ذلك من إبداعات التواصل والتفاعل الحضاري!
 
والشعوب لا تغير مجرى الأنهار , لأن الأنهار أبهار ( من الشريان الأبهر) الطبيعة وشرايين الحياة!
والذي يتعدى على النهر , يتعدى على الحياة والتأريخ ويعدم الطبيعة , ويغير البيئة ويقتلها بعجزه وجهله.
 
إن هذا النوع من التفكير يدل على عمق المأساة التي يعيشها مجتمعنا,  ويؤكد أن قدرات التفاعل المعاصر مع المشاكل والتحديات لا وجود لها على الإطلاق , وأن إقتراباتنا إنفعالية غابية تدميرية وإجتثاثية إمحاقية لا غير.
 
فلكي نفعل شيئا لا بد من إلغاء شيئ آخر , ولكي يحكم الحزب يجب أن يقهر ويلغي الأحزاب , ولكي نبني لا بد أن نهدم , وهكذا هو سلوكنا المؤلم العليل ,  حيث تنطبق هذه الآلية التفكيرية على جميع مناحي الحياة في البلاد.
 
إن عقلية تغيير مجرى النهر لشق طريق , هي السائدة في حياتنا , ولهذا فأننا لن نتقدم , ولن نعاصر , ولن نأتي بما هو نافع للوطن والإنسان!
ذلك أن المنظار الذي نقترب به من المتغيرات المحيطية , عدساته مشوهة ولا يمكنه أن يرى إلا صورا مضطربة الملامح , تدعونا للتوهم بأننا نرى.
 
ولا يُعرف هل أن هذا القرار , كان قرارا هندسيا فنيا , أم أنه قرار أناس متغابين جاهلين , معتقين في صناديق الباليات والتداعيات المشينة.
 
فهل سنتحرر من آليات التفكير العقيم؟!
أمْ ينطبق علينا المثل القائل : " المايعرف يركص , يكول الكاع عوجه"!!
 
"عجيب عقول غريب قضية"؟!!



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=37907
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 10 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 3