• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : لماذا حضر ميكي ماوس وسانتا كلوز حفل تخرج جامعة المثنى؟ .
                          • الكاتب : د . حامد العطية .

لماذا حضر ميكي ماوس وسانتا كلوز حفل تخرج جامعة المثنى؟

       لم أحضر حفل التخرج، شاهدته بالصدفة، عبر بث مباشر لقناة العراقية، صوت عريف الحفل الجهوري وخطابه الحماسي بقايا من عهد غابر، وقف خلفه ثلة من الرجال، يتحدثون بأجهزة محمولة، يبتسمون ويؤشرون بأيديهم، غلب اغراء الظهور على الشاشات المضيئة وقارهم .
    تحركت أجهزة التصوير لتسجل مسيرة أساتذة الجامعة، البعض منهم اصطحب أبناءه معه، منظر غير معتاد، أستاذ جامعي بحلة الأساتذة المهيبة، يقود بيده طفلا صغيراً، لعل والدته توسلت إليه ليأخذه معه "للونسة"، تصرف نشاز لكنه محتمل.
    ظهر في زاوية الشاشة، اطلالته سريعة، ثم اختفى أو بالأحرى تحولت عنه عدسة التصوير، ما شاهدته عيناي استنكره عقلي، بعد انتظار ممل عاد للظهور، عملاق ملأ الشاشة، هبت نسمة هواء فتهادى يميناً وشمالاً، ليس فحل نخل، بل بالون ضخم، على هيئة ميكي ماوس، تساءلت مع نفسي إن كان قد حظر وحده أم مع بقية أقاربه من الفئران ورفاقه من البط الناطقين، وبالفعل كان له رفيق من نوعه، أي بالون ضخم منفوخ اخر، ولكن على هيئة إنسان لا حيوان، وبالتحديد سانتا كلوز.
   ميكي ماوس رمز من رموز أمريكا، وهو خرافي أو مصطنع مثل بقية رموزها: تمثال الحرية ووثيقة حقوق الإنسان وأرض الحليب والعسل، لكن ما الصفة التي حضر بها حفل التخرج؟ ربما لتسلية أولاد الأساتذة.
   الأدهى هو سانتا كلوز، هو خرافي أيضاً، مثل ميكي ماوس، إلا إذا كنت تصدق بأن رجلاً عجوزاً يقطن القطب الشمالي يصنع ألعاب كل أولاد الغربيين ويتنقل طائراً على زلاجة جليد تجرها أو تطير بها غزلان الرنة ويتسلل عبر فتحات المداخن كاللصوص ليوصل الألعاب إلى الأطفال المؤدبين، في ليلة واحدة، قبل احتفالهم بذكرى ميلاد المسيح.
    لعل إدارة جامعة المثنى وأساتذتها المحترمون لا يدركون هوية سانتا كلوز، فهو شخصية دينية، لا صلة لها بمحافظة المثنى وعقيدة سكانها، وبالتأكيد هي على النقيض من كل ما تعلمه طلاب الجامعة من معارف واقعية ومناهج علمية، فكيف تسللت هذه الشخصية الأسطورية إلى حفل تخرج جامعة المثنى؟ أترك الحكم لمن يقرأ هذا المقال.
    أما الأمرّ فهو ما جاء في خطاب لوزير التعليم العالي والبحث العلمي، ألقاه في حفل تخرج جامعة أخرى، ذكر الحضور والمشاهدين بأهمية البحث العلمي، ودعا أساتذة الجامعات للمزيد من البحوث العلمية، محملاً أياهم المسؤولية، من دون أن يعدهم بموارد مناسبة للبحث العلمي، قبلها بفترة قصيرة كان موقع الوزارة وبعض الجامعات قد هلل وطبل لاختيار عميد كلية الصيدلة في احدى الجامعات العراقية مقيماً للبحوث العلمية في دورية، قيل بإنها عالمية ورصينة، ويبدو بأن هذه الوزارة وبعض عمداء الكليات العلمية يجهلون بأن تقييم البحوث العلمية المقدمة للنشر واحدة من أبسط مهام كل أستاذ جامعي، وليس هنالك أستاذ جامعي لم يمارسها، وهي من أقل المهام الأكاديمية في أهميتها، وغالباً ما يهمل أساتذة الجامعة ذكرها في سيرهم الذاتية، لأنها لا تتسع لذكر جميع التقييمات، ولكن هل يستطيع وزير التعليم العالي والبحث العلمي أن يثبت لنا بأن الدوريات التي تنشر بها الكثير من أبحاث أساتذة الجامعات العراقية هي بالفعل محكمة ورصينة؟ للتأكد شخصياً من الموضوع تحريت بعض هذه الدوريات، فوجدت بأنها أما صادرة من جامعات عراقية أوهي شبه تجارية، تشترط للنشر دفع مبالغ كبيرة، تصل أحياناً إلى آلاف الدولارات، والبعض منها يغري الكتاب بتخفيضات أشبه بتخفيضات المحلات التجارية.
    ذكرني خطاب وزير التعليم العالي والبحث العلمي واحتفاء وزارته باختيار عميد كلية مقيماً للبحوث بذلك الأكاديمي العراقي الذي ادعى بأنه دحض نظريات اينشتاين، وكتبت عنه مقالة، وهو الآخر أثنت عليه الوزارة، وتوصلت إلى نتيجة بأن احتفال تخرج جامعة المثنى وغيرها من جامعات العراق لا يكتمل من دون حضور البحث العلمي، واقترح على الوزارة تصميم بالون ضخم يرمزللبحث العلمي في العراق، يوضع بجانب ميكي ماوس وسانتا كلوز في كل حفل تخرج، فالثلاثة من نوع واحد: وهم أو خرافة.
20 تشرين الأول 2013م 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=38225
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 10 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29