• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : عيد الغدير يوم تنصيب الأوصياء .
                          • الكاتب : محمد السمناوي .

عيد الغدير يوم تنصيب الأوصياء

نعيش اليوم في وسط اجواء مليئة بالفتن والمحن والاضطهاد ، والاضطرابات في المنطقة ، وقد ورثت هذه الأمة ذلك بسبب ابتعادها عن قادتها المعصومين المنتجبين ، وعلى رأسهم الامير الامام علي بن ابي طالب عليه السلام .
فكل مشكلة في تاريخ الانسانية القديم ناتج عن الابتعاد الفكري والعقدي والديني عن أوصياء أنبيائهم .
عيد الغدير يوم من الأيام الإلهية المهمة في تأريخ الاسلام والمسلمين ، وهو من الأعياد المهمة ، وأول من اتخذه عيدا هو رسول الانسانية ، وخاتم النبيين محمد بن عبد الله صلى الله عليه واله وسلم ؛ حيث جمع فيه ذلك اليوم المبارك مائة وعشرين الف مسلم في غدير خم سنة عشرة هجرية اي قبل شهادة النبي الخاتم صلى الله واله وسلم بشهرين ، والسبب في ذلك أرد النبي ان يحتفل مع المسلمين بتنصيب الامير علي بن ابي طالب عليه السلام إماما وخليفة على المسلمين جميعا ، وهذا اليوم كان يطمع به اليهود ان يكون لهم ولاتخذوه عيدا حينما ذكروا قوله تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ) ، حينما ذكروها امام عمر بن الخطاب كما في صحيح مسلم ، ولابأس هنا ان نذكر نص تلك الراوية روى البخاري ومسلم من حديث طارق بن شهاب، عن عُمر بن الخطَّاب - رضي الله عنْه - أنَّ رجلاً من اليهود قال له: يا أميرَ المؤمنين، آيةٌ في كتابِكم تقرؤونَها، لو علينا - معشرَ اليهود - نزلت لاتَّخذنا ذلك اليوم عيدًا، قال: أيّ آية؟ قال: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا ﴾، قال عمر: \"قد عرفْنا ذلك اليوم، والمكان الَّذي نزلت فيه على النَّبيّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - وهو قائمٌ بعرفة يوم جمعة(1) .
أقول : في التراث اليهودي القديم ان في نفس اليوم الذي نصب في الامير علي عليه السلام قد انتصر فيه موسى عليه السلام على السحرة ، وقد ذكر أيضاً ان في نفس ذلك اليوم جعل الله تعالى تلك النار على نبي الله ابراهيم بردا وسلاما ، وقد تم تنصيب وصي موسى عليه السلام وخليفته يوشع بن نون ، وجعل فيه عيسى بن مريم عليه السلام شمعون الصفا وصيا له ، وكذلك نبي الله سليمان بن داود قام بتعين وصيه اصف بن برخيا . وكذلك كل نبي قام بتعيين وصيا له في إدارة البلاد والعباد من بعدهم فبعض الامم ضلت ولم تهتد بسبب ابتعادها عن الوصي الشرعي ، وهكذا الحال في نبوة وإمامة الديانة الاسلامية الخاتمة المتمثلة بالنبي ووصيه بالحق الامام علي بن ابي طالب عليه السلام . 
فيوم الغدير هو من الأيام الإلهية الكبرى الذي أجرى الله فيه سننه ، وهو تعيين وتنصيب خليفة ووزير لكل نبي من أنبيائه من ادم الى الخاتم عليهم آلاف التحية والصلاة وعلى نبينا واله وسلم
يوم الغدير هو ارتباط بجميع الانبياء مع اوصيائهم وخاتم الأوصياء هو علي بن ابي طالب عليه السلام وهو افضل أوصياء الله تعالى .
في الغدير علينا ان نعرف المنهج الحقيقي للولاية العلوية ، وهذا العيد يأتي بعد عيدين الاول عيد الفطر الذي قد نقى العبد المؤمن نفسه وقام بتزكيتها بالصيام والقيام وتلاوة القران ، وبهذا المستوى التكاملي ، والمعنوية العالية يستقبل عيدا اخر الا وهو عيد الأضحى المبارك ، بعد ان قام بتلبية النداء الالهي في حج بيت الله الحرام والوقوف في عرفات ، وينتهي به المطاف ليستقبل يوم الغدير ؛ لينتخب فيه ، ويبايع يعسوب الدين وإمام المتقين الامام علي بن ابي طالب عليه السلام .
كما نلفت الأنظار الى اي عملية انتخاب تجرى اليوم في العالم سواء برلمانية نيابية ، او محلية لمجالس الحكم في المحافظات على الأمة ان تنتخب من يحمل فكر وأخلاق ومنهج ميزان الاعمال ، وعدل القران ، الامام علي بن ابي طالب عليه السلام ، الذي كان يجوع وينام خالي البطن من اجل إشباع الفقراء والمساكين والمحرومين ، ويعرى ، ويلبس الثياب المرقعة من اجل ان يكسو غيره من المحتاجين .
في ذكرى يوم عيد الغدير نحن اتباع أهل البيت عليهم السلام علينا ان نحتفل بها كما هو موروث في الشرع المقدس ، وبطريقة حضارية والعالم اليوم يتطلع لهذه المناسبة ، التي هي الحمد والشكر لكمال الدين ، وتمام النعمة الإلهية الكبرى ، وينبغي العمل فيه بالمأثور ماروي عن اهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام من استحباب تحسين الملبس والتزين والتطيب للرجال فقط دون المرأة لحرمة ذلك للأجنبي ، وإظهار الفرح والسرور بالطريقة التي تناسب مقام النور الالهي المتجلي بخاتم الأوصياء علي بن ابي طالب عليه السلام . 
نعم حمل الزهور والورود هذا جميل وحضاري ، ورمي النفيات والأوساخ على الارض امر جداً لايناسب هذه العاصمة العلمية والثقافية ، الاحتفال وإظهار السرور والفرح امر حسن ومستحب في يوم الغدير ، لكن الصفير والتصفين وسماع الأشرطة الغنائية المحرمة التي أصبحت ظاهرة جداً سيئة يصعب علاجها .
ربما بعض النساء تفهم من عبارة المحدث القمي طاب ثراه في المفاتيح من استحباب التزين في يوم الغدير !
الجواب : التزين المراد به هو لبس الثياب الجميلة النظيفة والطاهرة لكلا الجنسين شرط ان لا تكون فيها فتنة نوعية ، وإثارة الشهوة من الطرفين خصوصا زيارة الغدير التي هي من الزيارات الضخمة جدا ، ويكثر الاختلاط والمزاحمات في الأزقة والشوارع القريبة من الروضة العلوية ، وهذه من المشاكل الكبيرة أيضاً التي ينبغي على الجهات المعنية ان تضع الحلول لمدينة النجف مركز العلم والفقاهة الشرعية ، ولا يناسب فيها ان يكون الزائر او الزائرة على نحو الخصوص متزينة بالحلي والذهب ، ومساحيق التجميل التي حرم منها بعض الأزواج اثناء الخلوة ، وقد بذلت امام الأجانب والغرباء ، وهذه الظاهرة المحرمة تشوه سمعة هذا الاحتفال ، وعدم شكر الله تعالى على هذه النعمة الولايتية العظيمة التي يحتفل بها القديسين والملائكة والصديقين والأولياء في عالم الملكوت قبل عالم الملك ، ويحرم الزائر او الزائرة من المصافحة مع الملائكة بسبب عدم فهمه وجهله بطريقة الاحتفال ، وقد ورد ور في الأثرعن الامام الصادق عليه السلام : ( يا أهل الكوفة لقد أعطيتم خيرا كثيرا وأنتم لممن امتحن الله قلبه للإيمان مستذلون مقهورون ممتحنون، ليصب البلاء عليكم صبا ثم يكشفه كاشف الكرب العظيم. والله لو عرف الناس فضل هذا اليوم بحقيقته لصافحتهم الملائكة في كل يوم عشر مرات)(2). 
وعن الرضا عليه السلام قال: إذا كان يوم القيامة زفت أربعة أيام إلى الله كما تزف العروس إلى خدرها، قيل: ما هذه الأيام؟ قال:
يوم الأضحى ويوم الفطر ويوم الجمعة ويوم الغدير، وان يوم الغدير بين الأضحى والفطر والجمعة كالقمر بين الكواكب، وهو اليوم الذي نجا فيه إبراهيم الخليل من النار، فصامه شكرا لله، وهو اليوم الذي أكمل الله به الدين في إقامة النبي عليه ا لسلام عليا أمير المؤمنين علما وأبان فضيلته ووصايته، فصام ذلك اليوم، وانه اليوم الكمال ويوم مرغمة الشيطان، ويوم تقبل اعمال الشيعة ومحبى آل محمد، وهو اليوم الذي يعمد الله فيه إلى ما عمله المخالفون فيجعله هباء منثورا.
وهو اليوم الذي يأمر جبرئيل عليه السلام ان ينصب كرسي كرامة الله بإزاء بيت المعمور ويصعده جبرئيل عليه السلام وتجتمع إليه الملائكة من جميع السماوات ويثنون على محمد ويستغفرون لشيعة أمير المؤمنين والأئمة عليه السلام ومحبيهم من ولد آدم عليه السلام، وهو اليوم الذي يأمر الله فيه الكرام الكاتبين أن يرفعوا القلم عن محبي أهل البيت وشيعتهم ثلاثة أيام من يوم الغدير، ولا يكتبون عليهم شيئا من خطاياهم كرامة لمحمد وعلى والأئمة.
وهو اليوم الذي جعله الله لمحمد وآله وذوي رحمه، وهو اليوم الذي يزيد الله في حال من عبد فيه ووسع على عياله ونفسه واخوانه ويعتقه الله من النار، وهو اليوم الذي يجعل الله فيه سعى الشيعة مشكورا وذنبهم مغفورا وعملهم مقبولا.
وهو يوم تنفيس الكرب ويوم تحطيط الوزر ويوم الحباء والعطية ويوم نشر العلم ويوم البشارة والعيد الأكبر، ويوم يستجاب فيه الدعاء، ويوم الموقف العظيم، ويوم لبس الثياب ونزع السواد، ويوم الشرط المشروط ويوم نفى الهموم ويوم الصفح عن مذنبي شيعة أميرا لمؤمنين.
وهو يوم السبقة، ويوم اكثار الصلاة على محمد وآل محمد، ويوم الرضا، ويوم عيد أهل بيت محمد، ويوم قبول الأعمال، ويوم طلب الزيادة ويوم استراحة المؤمنين ويوم المتاجرة، ويوم التودد، ويوم الوصول إلى رحمة الله، ويوم التزكية، ويوم ترك الكبائر والذنوب ويوم العبادة ويوم تفطير الصائمين، فمن فطر فيه صائما مؤمنا كان كمن أطعم فئاما وفئاما - إلى أن عد عشرا، ثم قال: أو تدرى ما الفيام؟ قال: لا، قال: مائة ألف.
وهو يوم التهنئة، يعنى بعضكم بعضا، فإذا لقى المؤمن أخاه يقول: الحمد لله الذي جعلنا من المتمسكين بولاية أمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام، وهو يوم التبسم في وجوه الناس من أهل الايمان، فمن تبسم في وجه أخيه يوم الغدير نظر الله إليه يوم القيامة بالرحمة وقضى له الف حاجة، وبنى له قطرا في الجنة من درة بيضاء، ونضر وجهه (3)، كهذا يجب ان نستشعر بهذا العيد ، واستحضار هذه المعاني في الذهن ، كما نلفت الانتباه الى ان زيارة الغدير يستحب زيارتها في كل يوم عن قرب او بعد ، وقد أشار الشيخ المحدث عباس القمي طاب ثراه في كتابه (4) ، في اخر زيارة الغدير :( قد اومأنا في كتاب هدية الزائر ينبغي زيارة الغدير في كل يوم عن قرب أو عن بعد وهذه فائدة يغتنمها الشائقون لسلطان الولاية ). 
كما ينبغي على الزائر ان يغوص في أعماق الزيارة ويتأمل بمفرداتها ؛ لان روح الزيارة وثمرتها هي بالمعاني لا الألفاظ ، ويوجد العديد من المطالب العقدية والنكات التاريخية المهمة التي يسردها الامام الهادي عليه السلام .
والذي يتأمل قليلة بهذه الزيارة يجد انها خلاصة وعملية فهرسة التاريخ والأحداث المهمة من صدر الاسلام والبعثية النبوية والى يوم تعيين الامام في غدير خم ثم الأحداث والحروب والصراعات الداخلية المقصودة التي شغلت الأمة من الاستفادة من العلوم والمعارف والفكر الديني الاصيل الذي يحمله الامام علي بن ابي طالب عليه السلام .
كما ان هناك نصوص مهمة ينبغي لشيعة اهل البيت عليهم السلام الوقوف عندها ، ومن تلك النصوص المهمة 
منها : واشهد انك أخو النبي ووصيه ووارثه ، وان الشاك فيك ماامن بالله .
هذا النص الذي يستفاد منه نفي التوحيد عن المنكر والجاحد للخلافة والإمامة .
منها : ياعلي ما أمن بي من جحد ولايتك .
وهذا النص دال على نفي الإيمان بالنبوة لمن يجحد ولاية الوصي الامام علي بن ابي طالب عليه السلام .
ويوجد الكثير من تلك الفقرات المهمة التي ينبغي ان تسلط عليها الأضواء والبحوث العلمية الأكاديمية ، وفي الختام ينبغي ان نحمد الله ونشكره على نعمة الولاية ، وجعلنا الله وإياكم من المتمسكين بها . 
والحمد لله اولا وآخرا . 
 
 
المصادر والهوامش : 
 
(1) - البخاري ص 32 برقم 45، وصحيح مسلم ص 1207 برقم 3017.
(2)- نص الرواية : ( عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: كنا عند الرضا عليه السلام والمجلس غاص بأهله فتذاكروا يوم الغدير، فأنكره بعض الناس، فقال الرضا عليه السلام: حدثني أبي، عن أبيه عليهما السلام قال: إن يوم الغدير في السماء أشهر منه في الأرض، ان لله عز وجل في الفردوس الأعلى قصرا، لبنة من ذهب ولبنة من فضة، فيه مائة ألف قبة من ياقوتة حمراء ومائة ألف خيمة من ياقوت أخضر، ترابه المسك والعنبر فيه أربعة انهار: نهر من خمر ونهر من ماء ونهر من لبن ونهر من عسل، حواليه أشجار جميع الفواكه، عليه طيور أبدانها من لؤلؤ وأجنحتها من ياقوت تصوت بألوان الأصوات.
فإذا كان يوم الغدير ورد إلى ذلك القصر أهل السماوات يسبحون الله ويقدسونه ويهللونه، فتطاير تلك الطيور فتقع في ذلك الماء وتتمرغ على ذلك المسلك والعنبر، فإذا اجتمعت الملائكة طارت تلك الطيور فتنفض ذلك، وانهم في ذلك اليوم ليتهادون نثار فاطمة عليها السلام فإذا كان آخر اليوم نودوا: انصرفوا إلى مراتبكم فقد امنتم من الخطأ والزلل إلى قابل في مثل هذا اليوم تكرمة لمحمد وعلي عليه السلام.
ثم التفت فقال لي: يا ابن أبي نصر أين ما كنت فاحضر يوم الغدير عند أمير المؤمنين عليه السلام، فان الله تبارك وتعالى يغفر لكل مؤمن ومؤمنة ومسلم ومسلمة ذنوب ستين سنة ويعتق من النار ضعف ما أعتق من شهر رمضان وليلة القدر وليلة الفطر ولدرهم فيه بألف درهم لاخوانك العارفين وأفضل على اخوانك في هذا اليوم وسر فيه كل مؤمن ومؤمنة.
ثم قال: يا أهل الكوفة لقد أعطيتم خيرا كثيرا وانكم لمن امتحن الله قلبه للايمان، مستذلون مقهورون ممتحنون يصب البلاء عليهم صبا، ثم يكشفه كاشف الكرب العظيم، والله لو عرف الناس فضل هذا اليوم بحقيقته لصافحتهم الملائكة في كل يوم عشر مرات، ولولا انى أكره التطويل لذكرت فضل هذا اليوم وما أعطاه الله لمن عرفه. انظر إقبال الاعمال ج2 ص 269، وبحار الأنوار ج 94 ص 119، راجع التهذيب ج 2 ص 8، مصباح المتهجد ص 513، مصباح الزائر الفصل
السابع، الاقبال ص 685.
(3)- إقبال الاعمال ج2 ص 260 .
(4)- مفاتيح الجنان بتصرف اخر زيارة الغدير المروية عن الامام علي بن محمد الهادي عليهما السلام . 

كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : نداء علي ، في 2018/08/30 .

احسنت بارك الله فيك كل عام وانتم بخير والحمد لله على الولاية



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=38376
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 10 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29