• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : نازك الملائكة لاتقوى على الحديث .
                          • الكاتب : ستار الحسيني .

نازك الملائكة لاتقوى على الحديث

في ضحى يوم الثلاثاء 27 تشرين الاول من عام 1947 اطلقت الشاعرة نازك الملائكة نيران اسلحتها الشعرية على الخليل بن احمد الفراهيدي ففتت بحوره الستة عشر ونظمت قصيدة حرة لاتخضع لقوانينه . في هذا اليوم دخلت الملائكة غرفة الاستقبال في بيت والدها الشاعر صادق الملائكة لتلقي على افراد اسرتها المجتمعين يومذاك بكامل اعدادهم قصيدة ( الكوليرا ) ولتصور بعد ساقتها الضرورة والانفعال مرض الهيضة الذي نشر اجنحة الموت على مصر انذاك وتستوحي بها صور حوافر الخيل وهي تجر عربات الموتى من ضحايا الوباء ولتدخل بقصيدتها المتداركة ( الخبب ) عالم الابداع بعد ان حافظت القصيدة العربية على عمودها قرونا من الزمن وبعد ان اتمت قراءها لقصيدتها المتحررة صاح بها والدها ( ماهذا الشعر الجنوني ؟ انه هذيان ؟ اين الوزن ؟ اين القافية ؟ مامعنى الموت ؟ الموت الموت ) وبين اتفاق الشاعرة ام نزار الملائكة – والدة الشاعرة – واختلاف نزار واحسان وسها اخوة الشاعرة اصرت صاحبة الكوليرا وقالت لافراد اسرتها ( قولوا ماشئتم , اقسم لكم اني اشعر اليوم قد منحت الشعر العربي شيئا ذا قيمة ) 

وتحقق حلم شاعرتنا وغدا الشعر الحر لونا شعريا ينافس في بعض مواسمه الشعر ولاني لااكتمكم سرا اقرا وارجح كفة شعر الشطرين فكنت احاول ان اجد تفسيرا لهذه النظرية الجديدة ففي كل مناسبة التقي بالشاعرة سواء كانت في حضورها لمهرجانات المربد الشعرية او خلال زيارتها الى العراق كنت  احاول ان اجر شاعرتنا الى حديث حول نظرية الشعر الذي تكتب فيه بيد انها كانت تعدني بذلك ريثما تتحسن حالتها الصحية وكانت وقتها تعيش خارج العراق وبعد ان عادت  نازك الملائكة الى بغداد وامست تعيش بيننا رغم معرفتي ان  داء السكري واختلاف ضعط جسدها وامراض اخرى جعلتها لاتقوى على الحديث وربما اذا اجرت حديثا صحفيا او مقابلة ستكون معتلة بسبب اعتلال صحتها وشحوب ذاكرتها ومع هذه الاسباب القاهرة حاولت مرارا ان التقي بها ولو لجلسة غير توثيقية وفزت بذلك كما فزت بلقاء علماء وشعراء وادباء كالجواهري والحسني والوردي والاثري وغيرهم . 

 

فذات مساء وعلى موعد الححت عليه انا استقبلني الدكتور عبد الهادي محبوبة زوج الشاعرة نازك الملائكة بحفاوة وطيب في بيته في حي الاطباء قرب مطار بغداد الدولي والذي سمي فيما بعد بحي الجهاد واطلعني عشية دخولي لدار الرائدة نازك على كتب ووثائق وشهادات كانت بينها شهادة تخرج الطالبة نازك الملائكة من مدرسة الكرادة الشرقة عام 1936 وهي مصفرة الورق اطرت بزجاجة وعلقت على حائط  غرفة الاستقبال ثم اراني تقريرا كان قد اعده للمجمع العلمي العراقي وفيه دعوة الى تصحيح المفردات الشعبية الدارجة الى مايقابلها بعربيتنا الفصحى ودار حديث تشعبت شجونة لكن الشاعرة كانت ترقد على سرير محاط بادوية اتعبت الدكتور عبد الهادي في العثور عليها ويقول : كلفني دواء نازك لهذا الاسبوع اياما عديدة اتنقل فيها من صيدلية الى اخرى بحثا عن حبيبات وكبسولات تعينها على الكلام وترجع لها بعض صحتها المفقودة وبقيت ساعات في بيت الشاعرة وانا اتحرق جوا عل اسئلتي التي عقدت لها الامل في هذا اللقاء قد تجد طريقها حين تقتنع الشاعرة العنود ثم وضعت سيلا من الاسئلة للدكتور عبد الهادي عله يساعدني في الاجابة عليها واجابني عن الشعر واولياته في عائلتها كما تحكي له نازك في اسرة صادق الملائكة وبعد بضع دقائق انتبهت الشاعرة على اني لااعود بخفي حنين فاهدت لي ديوان والدتها الشاعرة ام نزار الملائكة التي توفيت في لندن نتيجة زيادة المخدر الذي حقن في جسدها اثناء عملية اجريت لها في الدماغ حسب نازك وكانت هي الوحيدة التي ترافقها في رحلتها هذه فدفنتها بعد ان تحملت باعجوبة صبرها على ذلك وعادت لتحطم بهذا الخبر والدها ابو نزار فتكدرت حياته وبقي معلولا حزينا على زوجته حتى مات . 

بعد هذه الجولة و لقائي مع الرائدة واهدائها لي ديوان انشودة المجد للشاعرة ام نزار الملائكة قلبت هذا الديوان فوجدت ان الوطنية الخالصة قد اعترت قصائدة وان ريعه قدم لاطفال منظمات في بغداد للتصرف بثمنه وفيه مقدمة مبكية هي عبارة عن شذر من ذكريات دونتها الابنة البارة عن امها وعلاقتها بها و فجيعتها بفقدانها . 

احس اني قد استرسلت بالذكريات برحلتي مع احد رموز العراق الشعرية وقامتها وساعود لاكتب باقي ماعرفته ولمسته من خلال لقاءاتي بام براق الشاعرة نازك وابو براق عبد الهادي محبوبة 

هذا اللقاء تم في منتصف التسعينات من القرن الماضي وانا استذكره لان فيه اسرار وتلافيف كنت لا استطيع البوح بها ولحد الان احاذر البوح ببعضها لان غيوم الغضب الجبانة ربما ستغدر بي بسبب معلومة او اخرى اذكرها وهي حقيقة لامحال يعرفها القريبين مني واصدقائي وزملائي وساحاول جاهدا ان اكتب عن رموز عراقية التقيتها وقتذاك ...تحياتي 

 

ايميل : sattarnahaba@yahoo.com 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=38408
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 10 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18