يوجد دعوات إلى المخالفة للأوامر الإلهية متوقدة في داخل الإنسان وقبال ذلك نجد القوة المعنوية والمحطة الإيمانية التي تمنح الإنسان من الانغماس بمستنقع الذنوب.
هذه المعركة والصراع مع الأهواء والنفس الأمارة بالسوء علينا أن نعيشها حتى عند قبرالامام الحسين (عليه السلام) .
إن اليد التي شاركت بجريمة الذنوب كلمس ِ محرم ٍ ليس من الأدب والاحترام أن توضع على ضريح الامام الحسين (عليه السلام) ، هذه اليد تلمس المنهي عنه في الشريعة ، وتلمس قبر الامام الحسين (عليه السلام) ؛ إن الملتفت إلى فلسفة الطواف حول قبرالامام الحسين (عليه السلام) تقتضي أن تكون جميع أعضاء جسده مُـتطـّهرة ، ومتعطرة بالطاعة والامتثال والاستغفار ، حيث لا يُشمُ منها روائح الذنوب.
قال الإمام الصادق (عليه السلام) : (( تعطروا بالاستغفار لا تفضحنكم روايح الذنوب ....)). (1)
إن البعض يعيش في حالة الوهم ويذهب بعيدا ً ويحَّدث نفسه ما دام إني أرتكب الذنوب عليَّ أن لا أتقرب من القبر المقدس .
إن هؤلاء عليهم أن يدخلوا ويطلبوا العفو من الإمام الحسين (عليه السلام) تلك اليد التي ساهمت في المعصية إذا وضعت على قبر الامام الحسين (عليه السلام) بنية التطهر والغسل من الذنوب ، وإظهار حالة الندم والتوبة في حضرة سيد الشهداء (عليه السلام) حتما ً سوف تكون هذه اليد يد خير وعطاء وبركة.
على اليد التي تستعمل في إحياء شعائر الامام الحسين (عليه السلام) فمن المعيب أن تستعمل في موارد المعصية والمخالفة لأحكام الله تعالى.
إن هذه اليد تارة ً تستخدم بعملية اللطم وأخرى بلطم ِ مؤمن ٍ ظلما ً وعدوانا ً.
إن اليد التي يلطم بها على سيد الشهداء (عليه السلام) عليها أن تحترم مقام الحسين (عليه السلام) فلا تستعمل إلا في المواطن التي يحبها الإمام الحسين (عليه السلام) .
وكذلك بقية أعضاء جسم الإنسان فالأرجل التي تسعى وتخطوا تجاه المعصية عليها أن تعلم إنها يجب أن تكون محترمة.
وإذا كانت خلاف ذلك عليها أن تتحمل ما سوف تقوم به في النشأة الأخرى من الشهادة (2) في يوم لا ينفع فيه مال ٌ ولا بنون.
أما العين التي تنظر إلى ضريح الامام الحسين (عليه السلام) وتبكي على مصيبته عليها أن لا تنظر إلى المشاهد التي لا يجوز النظر إليها .
قال الإمام علي (عليه السلام) : (( أعضاؤكم شهودهُ وجوارحكم جنودهُ ، وضمائركم عيونه ، وخلواتكم عيانه)). (3)
قال الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) : (( وشَهَدتْ عليه عينه بنظره ، ويَّدُه ببطشهِ ، ورجلهُ بخطوه ِ وفرجُهُ بلمسه ِ وجلدُهُ بمسه)) (4).
هذا ونحمد الله تبارك وتعالى على نعمه التي لا تحصى ونستغفره من كل ذنب ٍ ومعصية ٍ ، وقد تم الفراغ من هذه الوريقات على يد الحقير الفقير الجاني كثير الذنب في ظهر يوم الأربعاء الثامن من شهر رمضان المبارك سنة 1426 هـ حامدا ً شاكرا ً ، مصليا ً مسَّـلِما ً على أشرف الكائنات محمد وآله الطيبين الطاهرين.
اللهم أخرجنا من تعينّات النفس الظلمانية , وأنر قلوبنا بنور الحقيقة المعرفية , لنعرف أولا ً أنفسنا التي جرت على ساحتها عاشوراء ُ الذات لنعرف مدى نصر الإمام الحسين (عليه السلام) على أصنام الطغيان وكيف قد وصل إليك – يا رب – بنصره وقتاله هذا وبذا نكون عرفناك من عرف نفسه فقد عرف ربه.
اللهم وفقنا للنفوذ الى اعماق باطننا والاستماع الى نداء القلب والاستشعار بتلك الحرارة الايمانية التي لاتبرد الى يوم القيامة .
المصادر والهوامش :
1-وسائل الشيعة ج 16 ص70 ط2 مؤسسة آل البيت (ع) السنة 1414.
2- إشارة إلى قوله تعالى : (( يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون)) سورة النور - آية 24.
3- نهج البلاغة – خطبة 199 ص318.
4- نهج البلاغة – باب الخطب ج1 ص95 مستدرك نهج البلاغة.