• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مصدر ثقافتنا .
                          • الكاتب : وليد المشرفاوي .

مصدر ثقافتنا

 
عندما تكون ألثقافة أنسانية عالمية فلا ينطبق على تحولاتها عنوان الانهزام الثقافي كما لايمكن أن يوصم أثرها بالغزو الثقافي ,ولاينكر هنا ان القوة العسكرية والاقتصادية والسياسية والاعلامية قد تساعد ثقافة ما فتصمد لوقت أطول لكن ذلك لن يدوم طويلا فكم من أمة مهزومة عسكريا أستطاعت أن تهزم مستعمريها ثقافيا,وما زالت ماثلة في الاذهان حالة التتار والمغول الذين أكتسحوا العالم الاسلامي عسكريا ليجدوا ان الاسلام قد أكتسحهم ثقافيا ولم يترك أمامهم أي مجال سوى تبني ثقافته وأعتناق عقيدته وتمثل قيمه الانسانية العليا,فالشعوب التي يخفت في أعماقها ووجدانها صوت ثقافتها وتنبهر أبصارها بوهج بريق ثقافة الغير لابد أن تهزم امام الغير وامام ثقافته,وأنهزام الشعوب ليس بالضرورة أنهزاما للثقافة التي كانت تحملها ,فالثقافة القائمة على أسس سليمة وأركان صحيحة لاتنهزم لا في السلم ولا في الحرب,وان كمنت الى حين تحت ضغط عوامل خارجية طارئة مؤقته,أما الثقافات الاخرى التي لاتملك مثل هذه الشروط والمقومات  فأنها سرعان ما تنهزم وتؤول الى الزوال مهما لمع بريقها في حين من الاحيان,ومهما روجت لها الانظمة القوية المسيطرة عسكريا واقتصاديا وسياسيا, فالمثقف ليس هو الذي يوجد الثقافة,فهي موجودة بدونه لكن المثقف هو الذي ينقلها من السكون الى الحركة ومن الخمول الى النشاط ,وان القيم والمفاهيم والمعلومات والعقائد والاخلاق وكل مكونات الثقافة ومقوماتها تبقى صورا تجريدية ذهنية ما لم تظهر على أرض الواقع وتتجسد في مصاديق مادية علمية ,فالصراع بين الحق والباطل –مثلا- لايكون الا اذا كان لكل منهما مصداق,ولابد لكل منهما ان يجد من يحمله ويبشر به ويجعل من نفسه المصداق العملي له على ارض الواقع,وهذا دور المثقف ان يتمثل ثقافته فكرا وسلوكا وان يعمل جادا للتبشير بثقافته وان يدفع عنها عوامل الانهزام الداخلي وهجمات  الغزو الخارجي,فأمر الثقافة أمر خطير في حياتنا ,فليس من بأس علينا أن نأخذ العلم من أي مصدر وأي يد ولكن مالايصح ولايجوز أن نأخذ الثقافة من غير مصدر الوحي والقنوات التي توصلنا بالوحي, فالعلم ليس له دور في بناء شخصية الانسان وعقله ونفسه وروحه وليس للعلم خطاب بهذا الاتجاه, فالعلم يحمله ناس صالحون كما يحمل العلم اخرون غير صالحين,فليس للفيزياء والكيمياء والطب000خطاب الى الانسان في أمر تقويم سلوكه اطلاقا وهذا هو شأن العلم,بخلاف الاخلاق والعرفان والتوحيد والفقه والقران والدعاء000فأن له خطابا موجها الى الانسان لتقويم سلوكه ,وهذه هي المعرفة والثقافة,كما ان هناك معرفة وثقافة ربانية تدعو الى الله,كذلك هناك معرفة وثقافة جاهلية تدعو الانسان الى السقوط الى عالم الحيوان والتردي في الاهواء والشهوات ,ولها خطاب بألاتجاه العكسي للخطاب الاول00وهذه هي الثقافة الجاهلية في مقابل الثقافة الربانية ,فلنا ان نأخذ العلم من أي يد ومن أي مكان ومن أي مصدر,حتى من خصومنا واعدائنا,فان العلم قوة ولابد ان يتسلح الانسان المسلم بالقوة حتى ولو كان على يد خصمه وعدوه ,ولكن ليس لنا ان نأخذ الثقافة الا من مصدرالوحي والقنوات التي تفضي الى مصدر الوحي,فأن الثقافة التي جاء بها الوحي هي الثقافة الوحيدة التي تنجي الانسان وتنقذه من السقوط والهلاك ,وهذه الثقافة الربانية التي نعرفها في القران وفي حديث رسول الله(ص) واهل بيته(ع) هي التي تحصننا تجاه الاهواء والشهوات وفتن السراء والضراء والانحرافات الفكرية والثقافية ,ففي قراءة القران واللجوء الى الله في الصلاة والدعاء وفي معارف الاسلام وهدى القران وهدى رسول الله(ص) واهل بيته(ع) تحصين وبناء لشخصية هذا الجيل ,واذا تحصن هذا الجيل بهذه الثقافة الربانية لايكاد يضره بعد ذلك شئ من عوامل التخريب في حياتنا الحضارية والثقافية0

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=385
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 08 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29