• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : العراق بين المثقف والتعسف .
                          • الكاتب : فلاح السعدي .

العراق بين المثقف والتعسف

 قد يسأل البعض أين وصل العراق وأي اتجاه سلك وهل سار على الجادة الحقة والسبيل القويم...؟
المفروض وفقا للعنوان أعلاه أن نناقش أمرين هما أمر المثقف العراقي والآخر التعسف الذين سيطر على المثقف العراقي ...أراد المثقف العراقي والى اليوم أن يسير العراق في اتجاه التقدم والعلم والقيم ويرفع بين الدول بالاسم, إلا أن ما حصل هو المراد لكنه المعكوس حيث أن المثقف العراقي قد أنقسم إلى أقسام:
 
القسم الأول: أساتذة الجامعات والمعاهد الذين يقودون جملة من الطلاب والطالبات الذين يتأمل العراق يوما من الأيام أن يقوده جيلا جديدا ناضج العقل, وكان على الأخوة الأساتذة أن يبثوا الوعي والفكر الصحيح ويخطوا أمام طلابهم المسار الصحيح فهم المسئولون عن تربية هذا الجيل لكن مع الأسف وقف عائق أمام هذا السير والتوجيه ألا وهو المسألة الجهتية والقضية الطائفية فلم يتفق الأساتذة منذ سقوط النظام السابق إلى اليوم لإقامة مؤتمر دوري سنوي لكيفية بث الوعي ورسم الخطط التربوية والعلمية التي ترسخ حب الوطن والأرض العراقية الأصيلة في نفوس هذه الثلة من المثقفين التي تمثل شريحتهم شريحة واسعة من شرائح هذا الشعب الجريح المظلوم, فكان هذا القسم الأول الذي أخضع المثقفين إلى عدم الاستقلالية,  حيث وجد الفراغ فسعت الجهات والأحزاب والكتل والتيارات لملئ هذا الفراغ مما أدى بالمثقف العراقي أن يسير على غير الطريق المراد فوقع في شباك التعسف الذي يقال عنه في قاموس اللغة أنه (مال وعدل وسار بغير هداية ولا توخي صوب).
 
القسم الثاني: المثقفون الذين كانوا يبثون الوعي للتخلص من النظام الظالم السابق في تلك الفترات الماضية وكان أكثرهم ينتمون إلى جهة دينية وقفت بوجه النظام الظالم وبوجه الطغيان لكن المشكلة قائدهم مفقود في هذه الفترة التي تلت السقوط حيث هم بحاجة إلى مفكر لا يناقش في قراره لأنه يمتلك القدرة الكافية في التصويب, وحيث فقدت هذه الثلة المثقفة قمة هرمها لجأت إلى البدائل فوقعت في شباك أخرى تقيدها بل وتقيد فكرها, فذهب تأثير هذه الثلة على العراق وعلى مفكريه لأنهم بدلا من أن يستمروا بطرح الأفكار الإصلاحية العامة صاروا محطة لأفكار الجدد لأسباب عدة منها الشعبية الغافلة التي تملّكتها التيارات والأحزاب والجهات فصار الناس لا يرون لهم رأيا ولا يسمعون لهم حرفا فأخذ أحدهم مجلسه ليصمت في بيته وسعى الآخر ليكون وسط حشد لا أمر له بينهم فلو أصبح حبيس داره لكان أحسن والبقية اضطرهم الحلال ولقمة العيش لأن يكونوا تحت طائفة معينة فيرى الصواب فيُسَر ويرى الخطأ فيصمت فلا حيلة لديه إلا الصمت قبال وحشية العيش الرغيد الذي نالته القيادات, وآخرين تركوا الثقافة يائسين تغلب عليهم القنوط ولاهثين خلف الشهوات حتى انطبق عليهم ما قال الشاعر:
أطعت النفس في الشهوات حتى ..... أعادتني عسيفا عبدُ عبدٍ
 
والقسم الثالث: الثلة التي اتخذت من الظرف فرصة لإشباع نزواتها ورغباتها وتحصين ثرواتها فبعضها رفع الشعارات البراقة ليوهم بها الطيبين من العراق الجريح ليملي عليهم وليتخذهم أنصارا ولتكون له قاعدة من الجماهير على حساب دماء الآخرين وتضحية المتعاطفين وبكاء الأمهات وأنين المعاقين ودموع اليتامى المساكين, وثلة تظاهرت بالدين... فرفضت الظلم وكانت من الظالمين... فترفع من تريد وإن كان فاسدا خمارا وتهين من تريد وإن كان للمظلوم نصيرا, فهذا ينطبق عليه ما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: » قصم ظهري إثنان عالم متهتك، و جاهل متنسك، فالجاهل يغش الناس بتنسكه، و العالم يغرهم بتهتكه « فعبثت في الدين أكثر مما أصلحت لأنها عملت بغير علم فكانت تفسد أكثر مما تصلح, والمثقف منهم حزين لأنه أن قال وقع عليه الكيل كيلين, وأُخرِجَ من الملة والدين فزماننا زمان المجانين ولا يسمح فيه الحديث عن السلاطين...
 
بين هذه الأقسام وقع العراق, المثقف الذي لم يأخذ دوره, والمثقف الذي فقد دوره, والتعسف الذي توسع دوره
أقول قولي هذا داعيا المثقفين إلى إعادة النظر بين الحين والحين ...داعيا المولى القدير أن يرفع الغمة عن شعبنا الجريح الحزين.
 
 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=3852
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 03 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18