• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ليلة العاشر – بحث للمنبر الحسيني- هل الشيعة قتلوا الحسين{ع} .
                          • الكاتب : الشيخ عبد الحافظ البغدادي .

ليلة العاشر – بحث للمنبر الحسيني- هل الشيعة قتلوا الحسين{ع}

                هناك شبهة يرددها أعداء الحسين {ع} في كل عام للانتقاص من الذين يحيون شعائر عاشوراء ....في الواقع هذه شبهة روّج أليها البعض ممّن في قلبه مرض طعنا منه بالمذهب الشيعي، من أنّ الشيعة هم الذين قتلوا الحسين {ع} ... في حين الوثائق التي بين أيدينا ,والواقع خلاف ذلك، فإنّ الذين قتلوا الحسين {ع} هم شيعة آل أبي سفيان ، وعادة الناس الذين لا يحدهم فكر صائب ويتقلبون مع القوي والمتمكن ماليا ...هؤلاء لا يمكن ان يحسبون على جهة معينة ....
     اقرب لك المعنى ..هناك تشيع عام وتشيع خاص .. التشيع العام يعني إن كل إنسان يقرأ التاريخ ويتعرف على رموز الإسلام لا بد أن يرى فضلا لأمير المؤمنين {ع}  خاصة مع كثرة الأحاديث النبوية التي دونها التاريخ لرسول الله{ص} حين يقول :" يا علي أنا وأنت من شجرة واحدة والناس من أشجار شتى" او قوله " أنت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي " وعشرات الأحاديث التي تبين فضل أهل البيت {ع} لو سالت أي كاتب أو مفكر لأتاك الجواب عن الزهراء والحسن والحسين وأبناءهم عليهم جميعا الصلاة والسلام ، ولكن هل تكفي هذه الحصيلة من الأحاديث إضافة إلى الآيات من القران أن يكون الإنسان من شيعة علي بن أبي طالب{ع} ..؟ الجواب كلا  لا يمكن أن يحسب العارف بذلك من شيعته ..
يقول والد الكاتب الكبير  أسد حيدر كنت في الحج بمنى  إلى جوار بعثة من تونس , وأحببت أن أزورهم ليلا ، فرحبوا بي  وحين استقر بي المقام سألني مرشد الحملة , أنت من أي مدينة ..؟ قلت من النجف الاشرف , قال أسالك عن تفضيل علي على الصحابة..؟ قلت نعم وبدأت اذكر له أحاديث في ولاية أمير المؤمنين{ع} ذكرت عشرة أحاديث أو أكثر بقليل وهو يدير المسبحة .. ثم توقفت . قال هذا الذي تعرفه فقط .. قلت نعم , قال أنا سأتحدث عن فضل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب{ع} وأنت امسك المسبحة .. فوالله تحدث بالقران وبالأحاديث حتى درت المسبحة باجمعها .. ثم سألته ..{ هنا العلة } إذا كنت تعرف هذه المعلومات عن أبي الحسن{ع} لماذا أنت على غير مذهب ولده جعفر الصادق..؟ قال هذا ليس شغلك ..!!!
      إذن التشيع العام يمكن أن نعرف أهل البيت ولكن ليس شرطا أتباعهم ... بل حتى الذين خالفوا الأئمة يعرفونهم  حق المعرفة أكثر من اغلب الشيعة ....
     أما التشيع الخاص فانه مبني على عقيدة الأتباع والطاعة ، وبذل الغالي والنفيس من اجل عقيدة التشيع .. وقد جسد أصحاب أبي عبد الله {ع} هذه الليلة صورة التشيع الخاص حين أمرهم أن يتركوه ويتخذوا من الليل جملا ، ويأخذ كل فرد منهم رجلا من أل بيته .. وجوابهم معروف يشرف التاريخ..
      وفي التاريخ الحديث عندنا نماذج مشرفة في العراق حين زحف المد الأموي لمدة تزيد على ثلاثة عقود حاولت السلطة أن تطمس ذكرى أبي الشهداء {ع} وقد وقف مع هذا المد المنبوذ عدد من الذين يعتبرون محسوبين من الشيعة , وفي حقيقة الأمر هم ألبا على التشيع وهم سببوا قتل وسجن وتهجير أبناء جلدتهم .. لو نظرت إلى تلك الفترة لوجدت ثلاث فرق .. الأولى الخط الأموي الذي يقود الحملة ضد أهل البيت ورموزهم وشعائرهم .. والثانية المحسوبين على الشيعة { التشيع العام} وهم الذين نفذوا توجيهات يزيد العصر ولو كان الحسين موجودا لقتلوه .. وفعلا قتلوا بعض الزائرين مشيا إلى كربلاء حين أطلقوا عليهم النار ... وقسم ثالث التشيع الخاص .. ولا اغلي إذا ما قلت أن أكثرهم تحملا هم أصحاب المجالس الحسينية لما يعانونه من سلطات الدولة وقتذاك .. هنا التشيع الخاص والعام واضح تماما ......
          في تراث كربلاء حول هذه النقطة جاء خطاب الحسين {ع} يوم عاشوراء : (ويلكم يا شيعة آل أبي سفيان إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد كونوا أحراراً في دنياكم هذه, وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عرباً كما تزعمون). ... هذا الخطاب كان موجها للجيش الذي يقف أمامه , وكل الحاضرين المشاركين في قتله  لم نجد أحداً من علماء الرجال الذين كتبوا عن تاريخ رجال الحديث وتاريخ الحروب والمغازي أن اعتبرهم من شيعة الحسين {ع} أو  أدرج أسماء هؤلاء الذين قتلوا الحسين {ع} ـ كأمثال عمر بن سعد وشبث بن ربعي وحصين بن نمير و وشمر بن ذي الجوشن  وعمر بن الحجاج الزبيدي وغيرهم  ضمن قوائم رجال الشيعة، بل النصوص تدل على أنهم من جمهور المسلمين ... نعم جمهور المسلمين . 
ولكن كونهم محكومين فترة  كانوا تحت إمرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب{ع}  لا يدل على أنهم شيعة علي {ع} لأنه ليس من كان حاكما في زماننا شرطا إن نكون من مؤيديه أو شيعته .... كما أنّه ليس كلّ من صلّى خلف علي {ع} أو قاتل في جيش علي {ع}  هو شيعي بالضرورة! لأنّ الإمام علي {ع} هو الخليفة الرابع للمسلمين فالكلّ يقبله بهذا الاعتبار انه حاكم .. وان يؤم المصلين ....لا باعتبار أنّه معصوم وأنّه الخليفة بعد رسول الله (ص) مباشرة.... فرق أن تعترف به رابع أو انه الأول رغم من تقدم عليه ... 
     هذه الازدواجية موجودة عند اغلب الناس .. ممكن أن تكون محكوما عند حاكم وأنت لا تحبه ولكنك تراجع  الدائرة التي تستعين بها من الحاكم ,, إصدار جنسية أو تعليم الأطفال أو مراجعة مستشفى , هذه غير مختصة بالحاكم .. فليس من راجعها يعتبر من شيعة ذلك الحاكم ... 
وأهل الكوفة كونهم محكومين من قبل بني أمية , وضاقوا ذرعا من ظلم معاوية ... هذا الظلم الذي كان سببا في ثورة الحسين {ع} هنا التقت الأهداف والغايات لذا بادروا وتناخوا  بأنّهم أرسلوا إلى الحسين {ع}  برسائل تدعوه للمجيء إلى الكوفة لا بعنوان أنهم شيعته {ع} بل كانوا يتعاملون معه باعتباره صحابي وسبط الرسول (ص) وله أهليّة الخلافة والقيادة، لا باعتبار أنّه إمام من الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) وأنّه معصوم وأنّه هو أحقّ بالخلافة من غيره. 
مضافا إلى هذا مواقفهم من الحسين (عليه السلام) ومن معه يوم عاشوراء تدل على أنهم ليسوا بشيعة له، من قبيل منعهم الماء عليه، فيخاطبهم برير الهمداني بقوله : ((… وهذا ماء الفرات تقع فيه خنازير السواد وكلابه قد حيل بينه وبين ابن رسول الله)), فقالوا : يا برير قد أكثرت الكلام فاكفف والله ليعطش الحسين كما عطش من كان قبله. يقصد عثمان بن عفّان!! فهل هذا جواب شيعي؟!!        
أذن من هم شيعة الحسين {ع} في الكوفة ... أليس هم من اوجد تعبئة كبرى في توجيه الرسائل ..؟؟
المعروف عن الشيعة في الكوفة  أنهم يمثّلون سبع سكّانها ويقدر عددهم (15) ألف شخص كما نقلت المصادر التاريخية ....هؤلاء تعرضوا لحملة إبادة جماعية بعد شهادة أمير المؤمنين{ع} وتفنن الولاة الذين  نصبهم معاوية  في قتل شخصياتهم وتهديم بيوتهم وإرسالهم أسرى مقرنين بالسلاسل إلى الشام كما جرى لحجر بن عدي وأصحابه ... أما ما فعله زياد بن أبيه ومسرف بن عقبة , كاد أن يقضي تماما على التشيع في الكوفة , فقد  أودع السجن  زمن زياد ومسرف بن عقبة بحدود (12) ألف مسجونا ..
            قسم منهم اعدموا، وقسم منهم سفّروا إلى الموصل وخراسان، وتشيع أهالي قم المقدسة كان بسبب تلك الهجرات القسرية لشيعة أمير المؤمنين{ع} .... وقسم من الشيعة  شرّدوا،ومن بقي منهم في الكوفة أيام وصول مسلم بن عقيل {ع}  ووصول الحسين إلى كربلاء .. لم تغفل الدولة عنهم بل  حيل بينهم وبين الحسين {ع} مثل بني غاضرة وبني أسد , وآخرين ينتمون إلى عشائر متفرقة ، رغم الطوق الأمني الذي ألقى القبض على عدد كبير منهم .. إلا بعضهم استطاعوا أن يصلوا إلى الحسين{ع} . إذن شيعة الكوفة لم تقتل الحسين {ع}  وإنما أهل الكوفة ـ من غير الشيعة ـ هم من شاركوا في قتله  بمختلف قومياتهم ومذاهبهم.وجاء التاريخ ليقول الذين قتلوه  هم شيعته .... 
صحيح إن أكثر الشيعة الموجودين في العرب قاطبة  في الكوفة،ذلك الزمان ,  لكن لا أكثر الكوفة شيعيّة، والدليل على أن الشيعة كانوا أقليّة في الكوفة، هو عدّة قضايا: منها ما ذكرته جميع المصادر أن علياً لما تولّى الخلافة أراد أن يغيّر التراويح فضجّ الناس بوجهه في المسجد وقالوا : وا سنّة عمراه. وهذه واضحة بوجود من يصلي خلفه ولكنهم ليس بالضرورة يؤمنون بولايته ....  قضية أخرى تتعلق بالتشريع الإسلامي  وتحديدا الفقه الإسلامي إذا قيل هذا رأي كوفي فهو رأي حنفي لا رأي جعفري. وهذا دليل على وجود مرجعية وأئمة في الكوفة , وعددهم يزيد على عدد الشيعة عدة مرات .... 
وللمزيد من الفائدة نذكر كلام السيد محسن الأمين في كتابه (أعيان الشيعة : 1/585): ((حاش لله أن يكون الذين قتلوه هم شيعته, بل الذين قتلوه  ....بعضهم أهل طمع لا يرجعون إلى دين ولا مذهب يربطهم بالإسلام ...وإلا كيف يقتل مسلم ابن بنت نبيه ..؟؟؟ , وبعضهم أجلاف أشرار يقومون بأي عمل قتل لأجل المادة والطمع ...., وبعضهم اتبعوا رؤساءهم الذين قادهم حب الدنيا إلى قتاله, ولم يكن فيهم من شيعته ومحبيه أحد مطلقا ...., أما شيعته المخلصون فكانوا له أنصاراً وما برحوا حتى قتلوا دونه ونصروه بكل ما في جهدهم إلى آخر ساعة من حياتهم وكثير منهم لم يتمكن من نصره.... أو لم يكن عالماً بأن الأمر سينتهي إلى ما انتهى إليه ... مثل الحر بن يزيد الرياحي .... وبعضهم خاطر بنفسه وخرق الحصار الذي ضربه ابن زياد على الكوفة وجاء لنصره حتى قتل معه, أما إن أحداً من شيعته ومحبيه قاتله فذلك لم يكن بتاتا ,  فلا يذهب في حلمنا ان الكوفة شيعة مخلصون للحسين {ع} ثم قتلوه ...وهل يعتقد أحد إن شيعته الخلص كانت لهم كثرة مفرطة ؟ كلا, فما زال أتباع الحق في كل زمان أقل قليل ويعلم ذلك بالعيان وبقوله تعالى : (( وَأَكثَرُهُمُ الفَاسِقُونَ )) 2- (( وَأَكثَرُهُم لاَ يَعقِلُونَ ))3- (( وَأَكثَرُهُمُ الكَافِرُونَ. ))4- (( وَأَكثَرُهُم لِلحَقِّ كَارِهُونَ ))5- (( وَأَكثَرُهُم كَاذِبُونَ ))6- (( بَل أَكثَرُهُم لاَ يُؤمِنُونَ )) 7- (( وَلَـكِنَّ أَكثَرَهُم لاَ يَعلَمُونَ (( بينما عن العدد القليل يقول تعالى {{وقليل من عبادي الشكور )) 
ويمكن أن يقال : أن الشيعة من أهل الكوفة على قسمين : 
1- شيعة بالمعنى الأخص, يعني يعتقدون بالتولي والتبري, وهؤلاء لم يكونوا في جيش عمر بن سعد, الذي حارب الإمام الحسين {ع}  فهم  إما استشهدوا معه , أو كانوا في السجون, أو وصلوا إلى كربلاء بعد شهادته {ع} .. وتاريخ ابتداء زيارة الحسين بدأ بالذين قعدوا عن نصرته ولم يخلد في بالهم انه سيقتل شر قتله .. وهؤلاء كونوا جيشا وحاربوا قتلة الحسين وهم " التوابون" ....هؤلاء خواص الشيعة ... 
2- شيعة بالمعنى الأعم, يعني يحبون أهل البيت {ع} , ويعتقدون بالتولي فقط  دون التبري, يعني لا يعتقدون بكلمة " عدو لمن عاداكم وحرب لمن حاربكم "  لأنهم لا يرون أن الإمامة منصب إلهي وبالنص, وهؤلاء كان منهم من بايع الإمام الحسين {ع}  في أول الأمر, ثم صار إلى جيش عمر بن سعد.... 
وكل ما ورد من روايات ونصوص تاريخية فيها توبيخ لأهل الكوفة, فإنما تحمل على الشيعة بالمعنى الأعم, أي الذين كانوا يتشيّعون بلا رفض, وبلا اعتقاد بالإمامة الإلهية, وما إلى ذلك من أصول التشيع.
     ولتوضيح الصورة ..حين جاء الحسين{ع} هذه الليلة إلى خيمة زينب {ع} أجلسته وسألته عن نيات أصحابه , لأنها كانت خائفة أن يغدروا الحسين {ع} يوم غد .. فقال لها  :" أخيه بلوتهم لهثتهم فما وجدت فيهم إلا الاقعس الأشوس , يستأنسون بالمنية دوني استئناس الطفل بين محالب أمه " ثم قولته المعروفة , ما رأيت آل بيت أفضل وابر من آل بيتي . ولا أصحابا أفضل من أصحابي ... كيف يقول ذلك , لو كان أصحابه وشيعته يقتلونه...؟؟؟  هذه التهم جاءت من : ابن تيمية, حين يكتب عن ثورة الحسين{ع} وصراعه مع يزيد والطواغيت .....
رأي آخر في مناقشة موضوع   هل قتل الشيعة الإمام الحسين (ع) ؟طططططططططططططططططططط
هل الشيعة هم الذين قتلوا الحسين عليه السلام بكربلاء ؟ و هل بكائهم عليه و ما يقومون به من مراسيم العزاء و الشعائر الحسينية هو تكفير عما فعله أسلافهم به ؟ هذا السؤال متناقض جدًا، فإن التشيع و قتل الحسين {ع} ضدان لا يجتمعان،  فالشيعة فجعوا بقتل الحسين {ع} وتوجهوا إلى قبره الشريف لزيارته إلى يومنا هذا .. مثل أن نقول أن اليهود قتلوا نبي الله داود عليه السلام، أو أن المسيحين قتلوا نبي الله عيسى عليه السلام، أو أن المسلمين قتلوا نبي الله محمد صلى الله عليه و آله و سلم، أو أن الشيعة قتلوا الإمام  علي عليه السلام. . فهل هذا كلام منطقي ؟!. . بالطبع لا. لان الإمام الحسين {ع} مقدس عند الشيعة، بل حتى عند غيرهم من المؤمنين ... و قدسيته ليس فوقها إلا قدسية الله ورسوله {ص} ....
            فالشيعي يعتقد أن الإمام الحسين عليه السلام إمامه و وليه و حجة الله و رسوله {ص} وهو أولى بالناس من أنفسهم، و حبه عقيدة و دين، فهو الوسيلة و الشفيع و المستنجد و الطريق لرضى الله  و نيل جنته، وان القران يعلن بقوله﴿  قُل لا أسألُكُم عَليه أجراً إلاّ المودَّةَ في القُربى  ﴾  و مخالفته معصية و ذنب و نفاق و كفر، فما بالكم بإيذائه و أهله و سفك دمه و دم أهله، و الشيعي يفضل أن يُقتل فداءا لتراب قدمي الإمام الحسين {ع} وفعلا قدم ملايين الشيعة عبر التاريخ أنفسهم فداء للحسين {ع} ...
             إذًا من قتل الإمام الحسين عليه السلام و الروايات تقول أن قاتليه يعدون ثلاثين ألفًا أو سبعين ألفًا أو مائة و عشرون ألف مقاتل، و كما أجمع المؤرخون أنهم جميعًا كانوا من أهل الكوفة ؟!  نرى الآن الغالب على أهل الكوفة بشكل خاص و العراق بشكل عام التشيع و اعتناق مذهب آل البيت {ع}  
    نقول إن ما نراه اليوم من تشيع أهل العراق فإنه حدث بعد هلاك الأمويين و ذهاب سلطانهم، و ما تلا ذلك من فترات بين مد و جر نال الشيعة فيها حرية التعبد بمنهاج آل البيت {ع} ونشر مذهبهم، و ببركة المقامات المقدسة و المراقد الطاهرة لآل البيت  الموزعة في أنحاء بلاد الرافدين، و كذلك الحوزة العلمية التي أسست في النجف الأشرف منذ أكثر من ألف عام، و الحوزات الأخرى في كربلاء و سامراء و أثرها في نشر التشيع في العراق و الأمصار الأخرى. أما في زمن الإمام الحسين عليه السلام فلم يكن الشيعة غالبية في الكوفة، و لكن كان هناك شيعة آخرين هم الغالبية و هم ( شيعة آل أبي سفيان ) كما خاطبهم الإمام الحسين عليه السلام يوم عاشوراء ... فعن إبن بطة و هو أحد علماء أهل السنة في ( المنتقى ) ص 36 : " عن عبد الله بن زياد بن جديد قال : قدم أبو إسحاق السبيعي من الكوفة فقال لنا شمر بن عطية : قوموا إليه، فجلسنا إليه فتحدثوا فقال أبو إسحاق : خرجت من الكوفة و ليس أحد يشك في فضل أبي بكر و عمر و تقديمهما ". و قال محب الدين الخطيب في حاشية المنتقى : " هذا نص تاريخي عظيم في تحديد تطور التشيع فإن أبا اسحاق السبيعي كان شيخ الكوفة و عالمها ". 
                         إذًا كان أهل الكوفة في عهد الإمام الحسين عليه السلام ليسوا شيعة إذ يقدمون أبي بكر و عمر على الإمام علي {ع}  وكما يثبت التاريخ أن أبا إسحاق السبيعي كان شيخ الكوفة و عالمها في عهد الإمام الحسين عليه السلام، كذلك لم يكونوا شيعة حتى في عهد الإمام علي عليه السلام و قد ذكر الكليني في ( روضة الكافي ) ص 5 في خطبة لأمير المؤمنين {ع} : عن سليم بن قيس الهلالي قال : خطب أمير المؤمنين {ع} فقال : ( قد عملت الولاة عندي أعمالاً خالفوا فيها رسول الله {ص} سلم لتفرق عني جندي حتى أبقى وحدي أو قليل من شيعتي الذين عرفوا فضلي و فرض إمامتي من كتاب الله و سنة رسوله{ص}  . إذ افترقوا عني و الله لقد أمرت الناس ألا يجتمعوا في شهر رمضان إلا في فريضة و أعلمتهم أن اجتماعهم في النوافل بدعة، فتنادى بعض أهل عسكري ممن يقاتل معي : يا أهل الإسلام غُيّرت سُنة عُمر، ينهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوعًا، و لقد خفت أن يثوروا في ناحية عسكري. . ما لقيت من هذه الأمة من الفرقة و طاعة أئمة الضلالة و الدعاة إلى النار ). 
لاحظوا كيف كان أهل الكوفة متعصبين لسنة عمر لدرجة أنهم كانوا مستعدين للقيام بانقلاب عسكري ضد الإمام {ع} لولا أن تراجع عن دعوته لتغيير سنة عمر، و أيضًا لاحظوا يصف قلة الشيعة بقوله : " أو قليل من شيعتي الذين عرفوا فضلي و فرض إمامتي ". 
هذا عندما كانت الكوفة في عهد أمير المؤمنين عليه السلام، اما في عهد معاوية فيذكر في كتاب ( النصائح الكافية )  أن معاوية كان يختم خطابه بقوله ( اللهم أن أبا تراب ألحد في دينك و صد عن سبيلك فألعنه لعنًا و بيلا، و عذبه عذابًا أليما ) ! و في ( تاريخ الطبري )يقول لما ولى معاوية المغيرة بن شعبة إمارة الكوفة كان أهم ما عهده إليه أن لا يتسامح في شتم الإمام والترحم على عثمان و العيب لأصحاب علي وإقصائهم، و أقام المغيرة واليًا على الكوفة سبع سنين و هو لا يدع ذم علي {ع} يوميا  و الوقوع فيه، كان يقتل كل مولود  من اسمه علياَ..!  ( شرح نهج البلاغة ) لأبن أبي الحديد ج 11 ص 14 : " أن العلماء و المحدثين تحرجوا في ذكر الإمام علي {ع} خوفًا من بني أمية فكانوا إذا أرادوا أن يرووا عنه يقولون :
 ( قال أبو زينب ) ".و قد أمر معاوية بحرمان الشيعة من العطاء ..وكتب معاوية : " أنظروا إلى من قامت عليه البينة أن يحب عليا و أهل بيته فأمحوه من الديوان و أسقطوا عطاءه و رزقه ". و أسقط شهادتهم في القضاء و غيره، كما  ان زياد ابن أبيه قام بتسفير 5 ألف شيعي من الكوفة إلى خراسان المقاطعة الشرقية في فارس ". وهم نواة التشيع في إيران ....  لحد الآن بعض الكتاب يقولون إن الشيعة حزب سياسي وليس مذهب له قادته وفقهائه ومثقفوه ... وانه  تأسس عن طريق عبد الله بن سبأ وتبلورت أفكاره بعد واقعة كربلاء ... وهذا لو صح الرأي منهم فإنهم يفندون القول أن الشيعة خذلوا مسلم بن عقيل وقتلوا الحسين {ع} باعتبار إن تأسيس الشيعة بعد فاجعة الطف وجاءت بسببها .. أما ان يخون الناس ويتخاذلون فلا يحسب ذلك على الشيعة لأنهم غير موجودين { حسب هذا الرأي} ولا اعرف كيف فات الكتاب والمطبلين هذه الالتفاتة لماذا يقولون إن الشيعة قتلوا الحسين ما دام لم يوجد شيعة إلا بعد واقعة كربلاء هذه الفكرة لا تصمد امام الوقائع التاريخية .. لنراجع التاريخ ....
 ماذا نسمي الحوادث التي حملت بني أمية قتل بعض الصحابة المتمسكين بولاية أمير المؤمنين {ع} وأعلنوا معارضتهم وتوجهاتهم كمعارضة للدولة الأموية قبل واقعة كربلاء..اليك منها....
 مقتل حجر بن عدي وأصحابه وقد ذكر التاريخ تلك الجريمة في  قتل الصحابي العظيم حجر بن عدي الكندي وجماعته في مرج عذراء، في حادثة مشهورة، لأنهم أنكروا على زياد عامل معاوية على الكوفة، وامتنعوا بعد ذلك من البراءة من أمير المؤمنين (ع). وقد كان لمقتلهم ضجة استنكار من المسلمين. فهذه عائشة قد أكثرت في ذلك، فقالت مرة لمعاوية لما دخل عليها: "يا معاوية أما خشيت الله في قتل حجر وأصحابه..." وفي رواية أخرى: "أما والله لو علم معاوية أن عند أهل الكوفة منعة ما اجترأ على أن يأخذ حجراً وأصحابه من بينهم حتى يقتلهم بالشام، ولكن ابن آكلة الأكباد علم أنه قد ذهب الناس. أما والله إن كانوا..."  هذه صورة تبين انها تحرض الناس وتقرعهم بانهم ليسوا رجال ...!!وفي كلام آخر لها مع معاوية: "ما حملك على ما صنعت من قتل أهل عذراء حجر وأصحابه...ولما بلغ عبد الله بن عمر قتل حجر وهو في السوق أطلق حبوته، وقام وقد غلب عليه النحيب ولما بلغ الربيع بن زياد ـ عامل معاوية ـ مقتله قال: "اللهم إن كان للربيع عندك خير فاقبضه إليك" وقال الحسن البصري: "أربع خصال كن في معاوية لو لم يكن فيه منهن إلا واحدة لكانت موبقة، انتزاؤه على هذه الأمة... وقتله حجر. ويلاً له من حجر مرتين" وكان قتله سنة 51 هجرية أي بعد شهادة أمير المؤمنين {ع} بسنتين ....
           يقول صاحب كتاب انساب الأشراف أنساب الأشراف 5: 274 في أمر حجر بن عدي الكندي ومقتله، وكذلك  تاريخ دمشق 12: 226 في ترجمة لعن رسول الله {ص} قوله :"  "يقتل بعذراء سبعة نفر يغضب الله وأهل السماء من قتلهم..." ... وفعلا غضب الله ظهر بمعاوية وبني أمية حيث أزيلت قبورهم من الأرض  وأصبحوا سبة وعارا مدى الدهر ... لذلك أحفادهم فيهم عقدة من قبور أهل البيت يريدون محيهم من الأرض ... فهدموا قبورهم في البقيع وفجروا قبة الإمامين العسكريين وهدموا قبر حمزة بن عبد المطلب ونبشوا قبر حجر ... هذا لان الله أخفى قبورهم وبقي قبر فرعونهم كما بقي جسد فرعون رمزا للظلم والطاغوت بقي قبر معاوية ذليلا كالمزبلة ...
وقد نكل بالكثير من الصحابة بسبب حبهم لأهل البيت {ع} في تلك الفترة السوداء. واليك قصة منها ..لما قدم معاوية المدينة لقيه أبو قتادة الأنصاري، "فقال له معاوية: يا أبا قتادة تلقاني الناس كلهم غيركم يا معشر الأنصار. ما منعكم؟ قال: لم يكن معنا دواب. قال معاوية: فأين النواضح؟ قال أبو قتادة: عقرناها في طلبك وطلب أبيك يوم بدر... أليس هذا هو التشيع رفض الباطل صراحة والتبريْ من الظالمين  قال: نعم يا أبا قتادة. قال أبو قتادة: إن رسول الله {ص}  قال لنا: إنا نرى بعده أثرة. يعني شدة .. قال معاوية: فما أمركم عند ذلك؟ قال: أمرنا بالصبر. قال: فاصبروا حتى تلقوه" وهذا استهزاء منه للأنصار .. 
يقول  ابن أبي الحديد: "قدم عبد الله بن الزبير على معاوية وافد، فرحب به  وأجلسه على سريره، ثم قال: ما حاجتك أبا حبيب. فسأله أشياء.... ثم انتقل للأمور العامة ... قال له: سل غير ما سألت. قال: نعم المهاجرون والأنصار، ترد عليهم فيئهم، وتحفظ وصية نبي الله فيهم، تقبل من محسنهم، وتتجاوز عن مسيئهم. فقال معاوية: هيهات هيهات، لا والله ما تأمن النعجة الذئب وقد أكل آليتها" ...
{ إغفال الأمويين ماضي الصحابة في خدمة الإسلام } بل تعدى الأمر ذلك إلى إغفال الأمويين ماضي الصحابة في خدمة الإسلام وعدم التذكير به.لذلك مدرسة الصحابة جاءت كنظرية متأخرة في زمن العباسيين وهو المعتصم العباسي الذي أطلقوا عليه اسم { محيي السنة} ومعاوية أطلق على عام تنازل الحسن بن علي{ع} عام الجماعة ... فظهرت مدرسة تسمي نفسها أبناء السنة والجماعة وهذه حقيقة تاريخية لا يمكن إنكارها .. إلا إذا أردنا أن نتنكر للتاريخ .. لذلك قال من قال إن الشيعة حزب سياسي ...
حين حضرت وفود الأنصار باب معاوية، وخرج إليهم حاجبه سعد أبو درة، قالوا له: استأذن لن، فدخل وقال لمعاوية: الأنصار بالباب، وكان عنده عمرو بن العاص ـ وهو الذي نال من الأنصار في أعقاب حادثة السقيفة، وله موقف من المهاجرين الذن رفضوا بيعة السقيفة , فالتفت لمعاوية حين سمع حاجبه يذكرهم باسم الأنصار ـ وهو اللقب الذي شاع لهم بين المسلمين، تبعاً للكتاب المجيد والسنة الشريفة ـ وقال له: ما هذا اللقب الذي قد جعلوه نسب؟! ارددهم إلى نسبهم....   { أين كرامة الصحابة عند عمر بن العاص } فقال له معاوية: إن علينا في ذلك شناعة، قال: وما في ذلك؟ إنما هي كلمة مكان كلمة، ولا مرد له. فقال معاوية لحاجبه: اخرج فناد: من بالباب من ولد عمرو بن عامر فليدخل. فخرج الحاجب، فنادى بذلك، فدخل ولد عمرو بن عامر كلهم إلا الأنصار.
فقال معاوية: اخرج فناد: من كان هاهنا من الأوس والخزرج فليدخل، فخرج فنادى ذلك. فوثب النعمان بن بشير فأنشأ يقول: وكان النعمان بن بشير حاضرا وسمع الاهانة لعمومته وللأنصار  فقام مغضبا وقال : 
يا سعد لا تعد الدعاء فما لن  ***  نسب نجيب به سوى الأنصار
وقام مغضباً فانصرف. فرده معاوية وترضاه، وقضى حوائجه وحوائج من كان معه من الأنصار  وهناك عشرات القصص التي أهانت الأنصار والمهاجرين  ...وضاق مروان بن الحكم بحجر وضعه رسول الله {ص} على قبر عثمان بن مظعون.  حين دفنه رسول الله{ص} بالبقيع جعل على قبره حجر، ليعرف به، ويدفن عنده من يموت من أهل بيت النبي {ص}  فلما ولي مروان  المدينة من قبل معاوية مر على ذلك الحجر، فأمر به فرفع من القبر وقال: "لا يكون على قبر عثمان بن مظعون حجر يعرف به".فأتته بنو أمية، فقالوا: بئس ما صنعت، عدت إلى حجر وضعه النبي {ص} ورميت به. بئس ما عملت ، فأمر به فليرد. قال: "أما والله إذ رميت به فلا يرد" 
           أما البقية فتم ترويع نساءهم و هدم دورهم و تقطيع أيديهم و أرجلهم و ألسنتهم و تسميل أعينهم و صلبهم على جذوع النخل، و دفنهم أحياء، في ( تاريخ اليعقوبي ) ج 2  قال معاوية للإمام الحسين{ع}  " يا أبا عبد الله علمت إنا قتلنا شيعة أبيك و كفناهم و صلينا عليهم و دفناهم "، و ذلك إمعانا في إيذاء الإمام عليه السلام في  شيعته. .. وهذا جرى في المدينة والكوفة ومكة ... يقول الامام زين العابدين  وولده الباقر عليهما السلام " لم يبق لنا في مكة والمدينة عشرون بيت} من شيعتنا ومحبينا .. يعني حملة ابادة جماعية  منظمة من ذلك اليوم ولحد الان تجري ضد شيعة امير المؤمنين {ع} .....
            فماذا بقي من الشيعة في الكوفة بعد كل هذا ؟ إن ما تبقى من شيعة الإمام الحسين {ع} حين قدومه لكربلاء...؟ ومن قبل  نكل بهم ابن زياد سجنا وقتلا وتهجيرا  واختفى عدد كبير منهم هربا من بطش زياد بن أبيه ... يذكر المؤرخون ان السجناء في الكوفة يزيدون عن ثلاثة عشر ألف شيعي زج بهم ابن زياد في السجون و المعتقلات، و هم الذين كسروا السجون بعد أن ترك ابن زياد العراق و ألتحق بالشام وهم الذين  خرجوا ثائرين بدم الإمام الحسين {ع} " التوابون "  و ذلك قبل ثورة المختار، و توجهوا نحو الشام و التقوا بجيوش الأمويين و قاتلوا حتى قتلوا عرفوا بالتاريخ باسم ( التوابين ) و هي تسمية غير واقعية لأنهم في الواقع ( الآسفون ) لأنهم يأسفون أنهم لم يستطيعوا أن ينصروا الإمام الحسين {ع}  في كربلاء. والتائب ليس كالمتأسف ... لان التوبة تكون من ذنب وهؤلاء في السجون ........
من الذي قتل الحسين من أهل الكوفة :...هم أهل الكوفة المجتمع الذي سكن المدينة ذلك الوقت .. الذين يتألفون من خليط عجيب و غريب كما يذكر المؤرخون في كتب التاريخ مثل طبقات ابن سعد ، و معجم قبائل العرب، و فتوح البلدان، و تاريخ الكوفة،وغيرها من المصادر تقول :{{{{ الكوفة كان فيها خليط من القوميات و الأعراق و الأديان و المذاهب، فهم من العرب من القبائل اليمانية و النزارية وهذا فرق كبير في التراث والتربية ...وفيها  من الفرس و هم بقايا فلول الجيوش الساسانية و كانوا يسمون الحمر أو الحمراء ... ونصارى الأنباط و السريانية و الخوارج و الحزب العثماني الأموي الحاكم و النصارى و هم نصارى تغلب و نجران و اليهود الذين أجلاهم عمر بن الخطاب من الحجاز ...المنافقين و المرتزقة و العبيد و الصابئة و غيرهم}}}}}..... هؤلاء هم الذين قتلوا الإمام الحسين {ع} ليس فيهم شيعي واحد شارك بالجريمة  إنما الشيعة  على قلتهم كانوا في الجبهة الأخرى، جبهة الحق و البطولة و الشرف و العز و الخلود و الشهادة، البهية التي رضي الله عنها و رسوله الكريم و أمير المؤمنين عليهم صلوات الله .
هذه الليلة ننتقل الى معسكر الحسين ... نعيش تفاصيل البطولة والخلود والآباء ... رجال المعسكر ينقسمون الى قسمين ... القسم الأول بنو هاشم وهم بنو علي وعقيل عليهما السلام .. أما القسم الثاني ضم عدد كبير من العشائر .. واشرف نص جاء فيهم قول الصادق –ع- { بابي انتم وأمي } ..وصف الامام لهم بهذا المعنى ليس للعاطفة ولا للترجي .. وقد اختلف البعض على هذه الكلمة باعتبار لا يجوز الفداء بمسلم ولكن ليس هذا معنى القول … فداك ابي وامي اي انهما يدافعان عنك وذلك لما لهما من حب في قلوبنا , رغم ذلك نتمنى ان يكون احب الناس الينا يفديان من هو احب الينا من ابوينا …
ولا فرق بين الحسين وبين حواريه … لا يختلف اثنان إن اصحاب الامام الحسين{ع} يوم عاشوراء جميعهم من الحواريون بل هم افضل الحواريون وحتى افضل من اصحاب الني الاكرم ص وافضل من اصحاب امير المؤمنين و اصحاب سائر الائمة عليهم السلام
قولنا هذا لا يستند على العاطفة رغم وفرة المشاعر الدالة على ذلك ولكن تعززه الأدلة المستقاة من كلام الأئمة عليهم السلام وهم المعصومون بابي هم وأمي وتعززه المواقف التي حرص الاوفياء من شهداء ملحمة عاشوراء على ابرازها في اشد المواقف قسوة وظلمة قصة إسلامية : حين نصر الاحنف البصري رسول الله وهو لم يسلم بعد .. اليك القصة 
روي أن النبي (   ، أرسل جماعة يرأسهم رجل من بني ليث إلى البصرة ، ليدعوا أهلها إلى الإسلام و التمسك بفضائله ، لكنه لم يجد أذناً صاغية ، فقال الأحنف للناس : ( و الله أن الرجل يدعو إلى خير ، و يأمر بالخير ، و ما أسمع إلا حُسناً ، و أنه ليدعو إلى مكارم الأخلاق ، و ينهى عن رذائلها ) .
و لما عاد الليثي إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، ذكر له ما جرى هناك ، و ما سمعه من الأحنف ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : ( اللهم اغفر للأحنف ) ، فكان الأحنف بعد ذلك يقول : ( فما شيء أرجى عندي من ذلك ، يعني من دعوة النبي {ص}  فَأسلَمَ …… اما في كربلاء كان الموقف مختلف تماما… نشير الى بعض النقاط التي تعزز هذا القول:-
1 - لما ورد عن سيدنا ومولانا الإمام أبي عبدالله الحسين عليه الصلاة والسلام حيث خطب في أصحابه ليلة عاشوراء وقال ضمن ما قال: (أما بعد: فإني لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي، ولا أهل بيت أبر ولا أوصل من أهل بيتي)  سيد شباب اهل الجنة يقول : بأن أصحابه أوفى وخير من أصحاب جده وأبيه وأخيه , معنى ذلك أنهم أوفى وخير حتى من حواريي سيد الأولين والآخرين ومن حواريي سيد الوصيين ومن حواريي السبط الأكبر عليهم صلوات المصلين.
2 – البصيرة النافذة  كانوا في قمة الأيمان بقضيتهم .. لذلك هانت نفوسهم عليهم  فابدوا تضحية  في يوم عاشوراء لم نر مثيلاً لها من أي واحد من الحواريين، حيث إن عظمة العظماء تتجلى وتظهر في الأزمات والصعوبات وقد ظهر من أصحاب الحسين في أصعب المواقف ما لم يظهر من غيرهم أبداً.
انظر إلى: كلماتهم في آخر ليلة من حياتهم - مع علمهم بأنها الليلة الأخيرة - ولا شك أنها من أصعب الليالي في حياة كل إنسان.فهذا زهير بن القيّن البجلي في آخر ليلة من حياته بدل أن ينشغل بالبكاء على فراق زوجته وأهله وفراق ملذات الحياة الدنيوية و... انشغل عن كل هذا بالتفكير في الحسين وفي أهله ولذلك يقول للحسين عليه السلام كلمته الخالدة: يا ابن رسول الله وددت أني قُتلت ثم نشرت ثم قتلت ثم نشرت ثم قتلت ثم نشرت فيك وفي الذين معك مئة قتلة وأن الله دفع بي عنكم أهل البيت!
نقطة أخرى ..: أراجيزهم هذه الليلة ويوم عاشوراء في تلك المواقف الصعبة سجلت عظمة لا تقاس، فكل أراجيزهم  ذكر لإمام زمانهم وللنبي الأطهر ولله عز وجل وللآخرة وكأنّه لم يكن للدنيا وما فيها في قاموس فكرهم  نصيب . وكأنهم عشقوا الآخرة عن طريق الحسين .. وها هم الليلة يعيشون أحلى لحظات العشق الحسيني فنسوا أنفسهم  وأموالهم وبيوتهم وأبناءهم ... هذه الليلة كانت لهم ولادة جديدة .. ولادة الخلود مع الشهادة فذلك الشاب المجاهد الذي لم يذكر - في رجزه - عن نفسه شيئاً حتى إنه لم يذكر اسمه بل كان كل رجزه عن الحسين حيث ارتجز قائلاً:أميري حسين ونعم الأمير سرور فؤاد البشير النذير.....علــــــــي و فاطمة والداه فهل تعلمون له مـن نظير..... له طلعة مثل شمس الضحى لــــــه غرة مثل بدر منير.
والموقف الثالث وهو الأصعب على الإطلاق ومع لحظات الاحتضار، كلماتهم الفريدة والأغلى من الدرر في هذا الموقف وهو الثالث في سجل نقاط عظمتهم الكثيرة، فهذا مسلم بن عوسجه - الشيخ الذي جاوز حد الثمانين من عمره - حتى في اللحظات الأخيرة وعندما كان يتنفس أنفاسه الأخيرة لم يكن يفكر في أي شيء أو أي شخص غير إمام زمانه حيث قال في كلماته الأخيرة لحبيب بن مظاهر - بصعوبة بالغة -: أوصيك بهذا - وأشار إلى الإمام الحسين عليه السلام - فقاتل دونه حتى تموت.......هذه مواقف عظيمة ونموذج واحد من كل موقف، ولو أردنا أن نسرد النماذج لطال بنا المقال ....
ثير الكثير من نقاط العظمة يمكننا الاطلاع عليها بمراجعة المقالات فالمتحصل من هذه وغيرها أن أصحاب الإمام الحسين في يوم عاشوراء (حواريي الإمام) وصلوا إلى مرتبة من العظمة  فاستهانوا بالموت .. والا ماذا نقول لعابس حين حمل .. صاح الناس هذا عابس  فكان يطرد اكثر من مائتين , فلما راى ذلك عبر عما في نفسه  رمى درعه ومغفره وحسر صدره .. شق قميصه يدعوهم ان يكروا عليه .. فصاح أصحابه .. أجننت يا عابس .. قال نعم ان حب الحسين اجنني ... بقي سؤال لا بد ان نطرحه .. وهو وراء كل عظيم امرأة .. فمن هي العظيمة التي وقفت مع النبي {ص} والتي وقفت مع علي{ع} والتي وقفت مع الحسين {ع} الأولى خديجة .. وتاريخها مع النبي معروف حتى سلم عليها جبرائيل يقول للنبي ان الله تعالى يسلم على خديجة ... أما علي{ع} التي وقفت معه وساندته ودافعت وبذلت حياتها هي مولاتانا فاطمة الزهراء{ع} وفي كربلاء زينب  ... ولكن الحسين حصل على آلاف النساء ابتداء من زينب وأم البنين إلى يومنا هذا يولدن أبناء فداء للحسين {ع}...  كنت أتمنى أن اعرف موقف أم البنين هذه الليلة لو عرفت أن الأعداء يحيطون بولدها الحسين ... هل تسكت أو تخرج غدا تحمل سيفا تدافع عن عزيزها أبي عبد الله ..
     الحمد لله رب العالمين 
29/10/2013



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=38555
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 10 / 30
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28