• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الحلقة الأربعون السياسة الخارجية والجهاد صفة الدولة الإسلامية (دولة الخلافة)، مطلب المسلمين الأعظم .
                          • الكاتب : د . محمد سعيد التركي .

الحلقة الأربعون السياسة الخارجية والجهاد صفة الدولة الإسلامية (دولة الخلافة)، مطلب المسلمين الأعظم

السياسة الخارجية هي رعاية شؤون الأمة فيما يتعلق بالعلاقات مع الدول الأخرى، وإن المحور الأساسي التي تدور حوله السياسة الخارجية للدول هو الحفاظ على وجهة نظرها في الحياة أي على مبدئها، أي عقيدتها ونظامها المنبثق من هذه العقيدة، رأسمالية ديمقراطية، شيوعية، الإسلام .
 
حفاظ الدول على وجهة النظر في الحياة (المبدأ)، تتم ابتداء من قوة سلطان الأمة التي تحمل وجهة النظر هذه، حيث يقوى سلطان هذه الأمة أو تلك بقوة قناعتها بما تحمل من عقيدة، فإذا ما زاد إيمانها بعقيدتها، زاد تمسكها بها.
 
قوة تمسك الأمم بعقيدتها والنظام المنبثق عنه كما ذكرنا يأتي من قوة صدق العقيدة، وقوة القناعة العقلية بهذه العقيدة، وقوة موافقتها لفطرة الإنسان، فإذا ما تم ذلك، كانت فاعلية العقيدة والنظام المنبثق عنها هي التي تدفع بالأمة إلى التمسك بعقيدتها، والعمل لحمل هذه العقيدة فيما بينها، وصيانتها من كل ما يخالفها، والذود عنها، حتى تصبح العقيدة على هذا الأساس متجسدة بشكل كلي في الأمة، بمجموعها وفي كل فرد فيها، حتى تصبح الأمة كأنها كتلة واحدة وجسد واحد .
 
إذا ما تم لأمة من الأمم تحقيق هذه الشروط والأحوال في نفسها، كانت من أقوى الأمم وأعظمها (أقول هنا الأمم، وليس الدول)، وكانت الأمة نفسها درعاً حصيناً لدولتها وحاكمها، ونموذجاً يُحتذى به في العالم المجاور والبعيد، وكانت هي المؤثر الشديد على سياستها الخارجية تجاه الدول الأخرى، وعنصراً هاماً في انتقال فكرها وعقيدتها للدول الأخرى.
 
ولو استعرضنا الإسلام على ما ذكرنا، لوجدنا الإسلام كوجهة نظر (مبدأ) في الحياة، والأمة الإسلامية كنموذج حي قائم حتى عهد قريب، لوجدناهما الصورة المثالية العظمى الفاعلة في العالم، والتي كانت وما زالت مهيبة إلى يومنا هذا، ولذلك كانت السياسة الخارجية في دولة الخلافة لا يهزها هزيمة في معركة، أو خروج جيشها مهزوماً من أرض ما، لأن الأمة كلها مجتمعةً كانت تقف وراء حاكمها المُنصّب ببيعتها (أياً كانت صفة تلك البيعة)، وتقف وراء هذا الجيش، ووراء السياسة الخارجية .
 
ولذلك فإن الدول عادة ما، تعمل من خلال سياستها الخارجية وأعمال السياسة الخارجية على نشر فكرتها وفرض عقيدتها على الشعوب والأمم الأخرى، لأنها إن فعلت ذلك كُفيت شر تلك الشعوب المخالفة لها، وتحولت تلك الشعوب بالتالي من عدو مخالف إلى حليف مناصر، أو تسير في فلكها، إن لم تكن قد أصبحت جزءاً منها .
 
ولذلك نجد الأمريكان والأوروبيين، وأمثالهم من الرأسماليين، يُلقون بكل قواهم تجاه السياسة الخارجية، إما عن طريق الاحتلال المباشر لبلدان العالم الضعيفة، أو غير المباشر للأضعف منها، أو العمل الدؤوب على نشر الديمقراطية الواهمة للشعوب الضالة، حتى تتمكن من السيطرة على تلك الشعوب سيطرة فكرية عقدية، فتطوعها لخططها الخارجية الإستنزافية.
 
وعلى هذه الفكرة تقوم السياسة الخارجية الرأسمالية المنبثقة أصلاً من عقيدتها وعقيدة الأمة التي تقودها، برفع مستوى المعيشة لشعوبها على حساب دماء الآخرين، لتحقيق مستوى عال من الرفاهية يحقق السعادة (أكبر نصيب من المتع الجسدية) لدى شعوبها، لكسب رضا شعوبها وكسب تأييدها، وإرغام الشعوب على السكوت عن الجرائم التي تقترفها في حق بلدان الدول الضعيفة في أنحاء العالم.
 
أما في الاشتراكية ومنها الشيوعية، فإن فكرة السياسة الخارجية ليست بعيدة عن الرأسمالية، إلا أنها تعتمد بشكل رئيس على نشر الفكر الشيوعي، من خلال زرع أحزاب شيوعية في البلدان، خاصة الإسلامية منها، حتى تصل إلى الحكم في تلك البلدان، بدعم مادي وسياسي قوي، فتجعل تلك البلاد خاضعة لها بشكل غير مباشر، أو تُسيّرها في فلكها، أو تقوم إلى جانب ذلك باحتلالها.
 
أما في الإسلام، فإن السياسة الخارجية تقوم على أمر الله سبحانه وتعالى للمسلمين بتكليفهم بحمل الإسلام للأمم الأخرى حملاً فكرياً، عقدياً، عادلاً، سلماً، أي أن تكون حمل الدعوة الإسلامية هي المحور التي تدور حوله السياسة الخارجية. أو إزالة حكام البلاد التي يُراد فتحها عن طريق الحرب، لمنعهم من الوقوف دون هذه الدعوة وهذا الأمر المبارك، بعد تخيير هؤلاء الحكام بالدخول في الإسلام وتطبيق نظام الإسلام، حتى يتيحوا لشعوبهم العيش بنظام الإسلام الحق العادل، أو على الأقل التعرف على الإسلام ودراسته، وإعطاء الشعوب الفرصة للاختيار بين الدخول فيه، أو البقاء على غيره من دين،،، أو خضوع الدولة للجزية، فإن أبى الحكام، كانت عليهم الحرب لإزالتهم، وليس لاحتلال بلدان شعوبهم أو استنزاف ثرواتهم أو تدمير صناعاتهم وزراعاتهم ثم إخضاعهم للعبودية (كما تفعل أمريكا وأوروبا وغيرهم اليوم بالشعوب والبلدان)، وإنما الجهاد والسياسة الخارجية هي لإزالة من يقف في طريق الدعوة الإسلامية، ويقف في طريق تطبيق نظام الإسلام العادل على الناس كافة، المسلم منهم وغير المسلم، وتطبيق نظام الإسلام عليهم رحمة وهدى من رب العالمين .
 
هذه الكيفية لحمل الدعوة في الإسلام للخارج، كما هي في الداخل، وهي أمر من الله سبحانه وتعالى نافذ، وهي الطريقة الشرعية التي يجب على المسلمين تطبيقها في السياسة الخارجية، وهي التي إن لم تكن قائمة وجب إقامتها، وهي التي إن لم تكن قائمة أثم المسلمون جميعهم، كل على قدر قوته وطاقته وتكليفه .
 
السياسة الخارجية والجهاد في الإسلام كلٌ لا يتجزأ مع العقيدة الإسلامية ودولة الخلافة، ولا ينفصل بعضه عن بعض، وعلى أساس هذا الحكم تقوم كل السياسات والأعمال السياسية الخارجية، فلا سلطان لغير المسلمين على أراضي المسلمين، ولا معاهدات عسكرية مع العدو، وما يلحق بها من معاهدات سياسية، أو تأجير مطارات للعدو وما شابه ذلك، ولا سماح للعدو ببناء قواعد عسكرية على أراضي المسلمين، ولا تجارة ولا صناعة ولا زراعة، إذا لم تكن جميعها تخدم السياسة الخارجية القائمة على الدعوة إلى الإسلام والجهاد في سبيل الله، وتخدم لأن تكون العزة لله ولرسوله وللمؤمنين.
 
وإن حدود الدولة الإسلامية (دولة الخلافة) هي فقط مع بلاد غير المسلمين من الأعداء المحاربين فعلاً أو حكماً، وهي ليست مرسومة ولن تكون، ولا يمكن رسمها، فهي حدود متحركة، بتحرك جيوش المسلمين التي لا تقف عند نقطة محددة، وإن السياسة الخارجية والجهاد يعملان لألا يكون لغير المسلمين (أمريكا أو أوروبا أو الأمم المتحدة أو مجلس الأمن أو منظمة التجارة العالمية، أو البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي أو محكمة العدل الدولية أو منظمة حقوق الإنسان أو منظمة اليونسكو أو غيرهم، والقرارات الصادرة من هذه المؤسسات) سلطان على الدولة الإسلامية أو قراراتها، أو أعمالها أو تحركات جيوشها، أو اقتصادها أو حرية قراراتها .
 
هذه هي السياسة الخارجية في الدولة الإسلامية والتي ستقوم بإذن الله قريباً، كما وعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وهي التي كانت وستسير عليها السياسة الخارجية إن شاء الله، لتعز بها الإسلام وأهله وتذل بها الشرك وأهله، وتنشر الخير في العالم أجمع، وتدمغ كفر وفجور وطغيان أمريكا والعالم الغربي الحاصل في العالم اليوم . 
 
قال سبحانه وتعالى في سورة التوبة 36
وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ
يقول الله سبحانه وتعالى في سورة القصص 83 
تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ
وقال الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة120
وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ 
قال الله تعالى في سورة الأنفال 39
وقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ 
يقول الله سبحانه وتعالى في سورة النساء 141 
وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً
 
http://dralturki.blogspot.com/2009/02/blog-post.html



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=38595
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 10 / 31
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28