ثارت مصر بشبابها , وتعثرت ثورتها , لغياب التنظيم الواضح والإتجاه الضابط , والرؤية المعبرة عن الطموحات والطاقات الثورية التي تأججت , وتوهجت في ميدان التحرير لتحقق التغيير الذي شهدته مصر.
وبما أن الساحة كانت خالية إلا من تنظيم قوي وعريق واحد , فأنه هو الذي تقدم الصفوف برغم أنه لم يقم بالثورة ولم يشارك بها إلا بعد أن رأى بأن الأمر قد حُسم , وأن النظام قد أوشك على السقوط.
وتسلم ذلك التنظيم المهمة , ولمدة عام تحقق فيه ما تحقق من تداعيات وتفاعلات وتغييرات دفعت بالملايين للثورة مرة ثانية , وتغير النظام بطريقة أخرى , وتصدر الجيش الواجهة السياسية , وتم وضع خارطة للطريق الجديد الذي سينقذ مصر مما وقعت فيه من محنة التخبط , وتداعيات إختطاف ثورتها من قبل الذين لم يشاركوا فيها.
وبعد أشهر من هذا التغيير , يبدو أننا أخذنا نستعيد مصر الأبية , بقدراتها وطاقاتها الإبداعية والفنية والعروبية وبثقلها العربي والعالمي , ودورها المتنوع التأثيرات في مسارات السلوك السياسي في واقع المنطقة المحفوفة بالطامعين.
فالمجتمعات التي لم تخسر جيوشها في تفاعلات الواقع العربي القائم , بقيت تمتلك القدرة على تقرير مصير مسيرتها , والإنطلاق بسيادة وقوة وإقتدار نحو ما تريده من طموحات وتطلعات وطنية وإنسانية.
ومن بين جميع التفاعلات التي أدت إلى التغيير , لم تحافظ المجتمعات على سلامة وقوة جيوشها إلا مصر وتونس , وبذلك فأن إمكانياتهما على الحفاظ على سلامتهما الوطنية أقوى من غيرهما , التي قتلت جيوشها , وسلمت أمرها للمليشيات والفئات المسلحة , التي نشرت الرعب والفساد , وقتلت العباد وأودت بمصير البلاد إلى الضياع.
وبما أن الجيش المصري قوي ومعافى , فأن الأمل كبير بعودة مصر إلى دورها العربي والإنساني والحضاري والثقافي والسياحي, وأن الأمن سيتحقق , والقدرة على التفاعل الخلاق مع المستقبل ستكون محسومة لصالح الأمل الوطني والحرية المشرقة , بالإنجازات الحضارية الساطعة.
تحية لمصر العربية , نبراس وجودنا , والعمود الفقري لعروبتنا وعزتنا وكرامتنا , وهويتنا الحضارية الإنسانية!!