• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : انتهت القصة ، ونحمد الله أننا في بلداننا حيث جميع الوزراء أذكياء ولا يبددون المال العام... .
                          • الكاتب : فلاح السعدي .

انتهت القصة ، ونحمد الله أننا في بلداننا حيث جميع الوزراء أذكياء ولا يبددون المال العام...

 أنقل لكم هذه القصة لتكون لنا عبرة (والعبرة لمن أعتبر وما أكثرها وأقل المعتبر)
تعود ملك في قديم الزمان على الخروج كل أسبوعٍ مع وزيره متخفيين بملابسٍ رثّة لتفقد الرعية. 
وفي أحد الأيام مر الملك بفلاحٍ يفلح أرضه، فدار بينهما هذا الحديث:
الملك : أسعدت صباحاً يا كهرمان
الفلاح: أسعدت صباحاً يا ملك الزمان
تجهم وجه الوزير وارتسمت عليه سمات الدهشة
الملك: كيف البعيد؟
الفلاح: صار قريباً
الملك: والأخوة؟
الفلاح: شتت الزمان شملهم
الملك: وكيف الاثنتان؟
الفلاح : صارتا ثلاثة
الملك : ألم تسر مبكراً؟
الفلاح: بلى يا ملك الزمان قد سريت مبكراً ولكن سروتي ذهبت لغيري
الملك : لا تبع رخيصاً
الفلاح : بأمرك يا ملك الزمان
انتهى الحوار وأكمل الملك طريقه مع وزيره الذي كان يحاول لملمة ما تناثر في رأسه هناك. 
ثم سأله عن سبب انشغال فكره؟؟؟
فرد الوزير: بأنه لم يفهم من حوار الملك مع الفلاح شيئا. 
استغرب الملك وسأله: «ألم تفقه حديثي مع فلاحٍ وأنت وزيري؟ سأمهلك فرصة حتى الغد!!!
إذا لم تأتني بتفسيرٍ كامل للحديث الذي دار بيني وبين الفلاح، فسأخلعك من الوزارة».
هرول الوزير إلى حيث أرض الفلاح. استدل على كوخه وكان هذا الحوار.
الوزير: قد جئتك في أسئلة عدة، وحدك يستطيع الإجابة عنها
الفلاح بردة فعل مباغتة لم يتوقعها الوزير : ألف درهم عن كل إجابة 
الوزير : ولكن هذا كثير، ثم انك لم تعلم ماذا أريد ان أسأل! 
الفلاح: بل أعلم جيداً ولن اتنازل عن الثمن المحدد
الوزير : اتفقنا، أخبرني الآن كيف عرفت أنه الملك؟
الفلاح: هات ألف درهم وبعد أن أخذ الثمن استرسل
قائلاً: الملك قال لي أسعدت صباحاً يا كهرمان، ولا أحد ينادي الفلاح بكهرمان غير الملوك، فعرفت انه الملك
الوزير: والثانية؟
الفلاح بعد أن استقرت الدراهم في يده : قصد الملك بالبعيد النظر السليم،
فأخبرته أن نظري لم يعد سليماً وأنني لم أعد أميز الأشياء عن بعد
الوزير: من هم الأخوة الذين باعد الزمان بينهم؟
الفلاح : هي الأسنان في الفم، فقد كانت متراصة الواحدة بجانب الأخرى، أما اليوم فقد فرقت الشيخوخة بينها وشتّتت شملها
الوزير: وماذا عن الاثنتين اللتين صارتا ثلاثة؟
الفلاح : هما القدمان كانتا اثنتين فصارتا ثلاثة عندما أضفت عكازي
الوزير: سألك الملك ألم تسر مبكراً فماذا كان يقصد؟
الفلاح: نظر الملك حولي فلم يجد لي أولادا يعينونني فسألني إذا ما كنت قد تزوجت مبكراً. أخبرته أنني تزوجت لكن ذريتي كانت جميعها من الإناث فذهبن لمن هم غيري بعد زواجهن
الوزير: والأخيرة؟
الفلاح : أما هذه فألفا درهم 
الوزير : قد أفلستُ على يديك 
الفلاح: وزير مفلس خيرٌ من وزير غني مخلوع عن وزارته 
الوزير: كيف علمت أنني سأخلع عن الوزارة؟ 
الفلاح: جواب هذا السؤال هو نفسه جواب السؤال الذي تريد 
الوزير: حسنا سأدفع 
الفلاح: عندما رأى الملك وجهك متجهما يكتنفه الصمت علم كما علمتُ أنا،
أنك غبي مقارنة بالوزراء، وأن غباءك هذا لم يساعدك على فهم شيء من حديثنا، 
فأضمر الملك أنه سيهددك بخلعك عن الوزارة إذا لم تخبره مضمون حديثنا، 
والمنطق يقول انك ستعود اليَّ لكي أخبرك أنا، فطلب مني ألا أبيعك ما تريد بثمنٍ بخس، 
وهاأنذا عملت بنصيحة الملك وأخذت منك مالا كثيرا.
 
انتهت القصة، ونحمد الله أننا في بلداننا حيث جميع الوزراء أذكياء ولا يبددون المال العام... 
والأهم من ذلك كله أنهم يفهمون الشعب بلا حوار, فيجهزون له كل ما يحتاجه وبلمح البصر لكي يعيشوه في رغيد ويكون دوما سعيد...
ويفهمون بسرعة ومن المرة الأولى الحوارات مع الرؤساء ومع عامة الشعب.
 
 
 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=3942
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 03 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29