• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : كنسية عين التمر .
                          • الكاتب : محمد السمناوي .

كنسية عين التمر

لما نتهى خالد بن الوليد من فتح الحيرة وصالح اهلها ودفعوا الجزية اتجه الى اماكن اخرى في ارض السواد ’ ومنها عين التمر التي تقع بالقرب من كربلاء المقدسة , وقام بمحاصرتها , وقد طلبوا الامان منه ولم يعطهم حتى استنزلهم بغير امان , وضرب الاعناق وسبى النساء والذراري , وهنا لابد من مراجعة اهم المصادر , واقدمها في احداث تلك المدينة خصوصا الكنيسة التي دخل اليها خالد بن الوليد , مع ذكر تراجم الغلمان الذين عثر عليهم ووجدهم يقرأون الاناجيل , ويقع هذا البحث في عدة روايات .

(رواية الدينوري) 

رواية العلامة أبي حنيفة أحمد بن داود الدينوري المتوفى282 هجري , وفي هذا الباب لابد من الاشارة الى ذلك الكتاب الذي بعثه ابو بكر الى خالد حينما فرغ من اهل الردة ( 1) , وان يسير الى الحيرة , وقد تحصنوا اهلها فيها , وكانت مجمع الكنائب , وكثرة القسواسة والرهبان فيها , وقد صالحوه على القصور الثلاثة ( 2) على مئة الف درهم ( 3) , وعندما نذكر ولو على نحو الاجمال هذه الاحداث المتعلقة بالحيرة نذكرها لسببين الاول : وجود الكنائس والرهبان والقساوسة فيها , وقد نادوا يأهل القصور , ما يقتلنا غيركم( 4 ) , ومن خلال ذلك يتبين ان النصارى هم الاغلبية في تلك الاماكن , وثانيا : لوجود علاقة بينها وبين كربلاء وعين التمر من جهة تحرك الجيش الاسلامي بعد الفراغ من فتحها , وكانت كربلاء تابعة للحيرة من الناحية الادارية والاقليمية لقربها منها .

ذكر الدينوري حصار أهل عين التمر , وقد استنزلهم بغير الامان , وقام بقتلهم , وقطع رقابهم , وسبى ذراريهم , ومن ذلك السبي هم ابو محمد بن سيرين( 5 ), وحمران بن خالد التمري( 6 ), وهو مولى عثمان بن عفان , وقتل فيها خالد هلال بن عقبة او قيس بن البشر برواية البلاذري( 7) , وكان خفيرا في تلك الكنيسة ( 8) حيث صلبه خالد بن الوليد . 

( رواية البلاذري ) 

عندما وصل خالد عين التمر , والصق بحصنها , وقام بمحاصرتهم , وقد طلبوا الامان منه فأبى أن يؤمنهم , وافتتح الحصن عنوة , وقتل وسبى , ووجد في كنيسة هناك جماعة سباهم فكان من ذلك السبي حمران بن ابان بن خالد التمري , وقوم يقولون كان اسم ابيه أبا , وحمران مولى عثمان , وكان للمسيب بن نجبة الفزاري فاشتراه منه فأعتقه , ثم انه وجهه الى الكوفة للمسألة عن عامله فكذبه فأخرجه من جواره فنزل البصرة , وسيرين ابو محمد بن سيرين واخوته , وهم : يحيى بن سيرين وأنس بن سيرين ومعبد بن سيرين , وهو اكبر اخوته , وهم موالي أنس بن مالك الانصاري , وكان من ذلك السبي ايضا ابو عمرة جد عبد الله بن عبد الاعلى الشاعر , ويسار جد محمد بن اسحاق صاحب السيرة , وهو مولى قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف , وكان منهم مرة أبو عبيد جد محمد بن زيد بن عبيد بن مرة , ونفيس بن محمد بن زيد بن عبيد بن مرة , صاحب القصر عند الحرة بن محمد هذا , وبنوه يقولون عبيد بن مرة بن المعلى الانصاري ثم الزرقي , ونصير ابو موسى بن نصير , صاحب المغرب , وهو مولى لبني امية وله بالثغور موال من اولاد من عتق يقولون ذلك , وقال الكلبي كان ابو فروة عبد الرحمن بن الأسود , ونصير ابو موسى بن نصير عربيين من أراشة من بلىّ سبيا أيام ابي بكر (( رحه )) , من جبل الجليل بالشام , وكان اسم نصير نصرا فصغر واعتقه بعض بني امية فرجع الى الشام وولد له موسى بقرية يقال لها كفر مري ,وكان اعرج , وقال الكلبي وقد انهما اخوان من سبي عين التمر , وان ولاءهما لبني ضبة , وقال علي بن محمد المدائني يقال ان ابا فروة ونصيرا كانا من سبي عين التمر فابتاع ناعم الاسدي ابا فروة , ثم ابتاعه منه عثمان وجعله بحفر القبور , فلما وثب الناس به كان معهم عليه فقال له رد المدالم او المظالم كما في بعض النسخ فقال له انت اولها ابتعتك من مال الصدقة لتحفر القبور فتركت ذلك ,وكان ابنه عبد الله بن ابي فروة من سراة الموالي والربيع صاحب المنصور الربيع بن يونس بن محمد بن ابي فروة , وانما لقب ابا فروة بفروة كانت عليه حين السبي , وقد قيل ان خالدا صالح اهل حصن عين التمر , وان هذا السبي وجد في كنيسة ببعض الطسوج , وقيل ان سيرين من اهل جرحرايا , وانه كان زائرا لقرابة له فأخذ في الكنيسة معهم ( 9 ) .

( رواية ابن خلدون ) 

ذكر العلامة ابن خلدون في تـأريخه حادثة تلك الكنيسة التي سيطر عليها خالد بن الوليد , وجنوده , وقد اكثر فيهم القتل , وقد وقع في قبضته اكثرهم أسرى , وعندما وصل الخبر الى مهرام فهرب , وترك الحصن , وتحصن به المنهزمون , وأستأمنوا لخالد فأبى , فنزلوا على حكمه فقتلهم أجمعين وعقبة معهم وغنم مافي الحصن وسبى عيالهم وأولادهم وأخذ من البيعة وهي الكنيسة غلمانا كانوا يتعلمون الانجيل ففرقهم في الناس , منهم سيرين أبو محمد ونصير أبو موسى وحمران مولى عثمان , وبعث الى أبي بكر بالفتح والخمس ( 10).

( رواية ابن الاثير )

ذكرابن الاثير في الكامل في التأريخ تلك الكنيسة والغلمان , وحادثة المقتلة والسبي لهم , حيث طلبوا منه الامان , فأبى , فنزلوا على حكمه , فأخذهم أسرى , وقتل عقة , ثم قتلهم أجمعين , وسبى كل من في الحصن , وغنم مافيه , ووجد في بيعتهم اربعين غلاما يتعلمون الانجيل , فأخذهم فقسمهم في أهل البلاء , منهم : سيرين أبو محمد , ونصير أبو موسى , وحمران مولى عثمان , وارسل الى ابي بكر بالخبر والخمس(11 ) . 

( رواية البداية والنهاية ) 

ذكر بن كثير الدمشقي رواية كنيسة عين التمر الواقعة بالقرب من ارض كربلاء , وتسمى تلك الغزوات ذات العيون , ومنها عين التمر , وحادثة هزيمة عقة وجيشه الذين هزموا على يد خالد بن الوليد , وفي تلك الاثناء رجعت فلال النصارى والقساوسة الى الحصن واحتموا به ولما جاء خالد وأحاط بهم وحاصرهم , وقد طلبوا منه الصلح فرفض , وقام بقتلهم وسبى نسائهم واطفالهم , ثم امر بضرب عنق عقة ومن معه من الاسرى , وغنم كل ماهو موجود في ذلك الحصن , ووجد في الكنيسة اربعين غلاما يتعلمون الانجيل , وعليهم باب مغلق , فكسره خالد وفرقهم على الامراء وأهل الغناء ( 12) .

نستنتج من هذه الروايات الخمسة التي ذكرها المؤرخون ان خالد بن الوليد بجيشه الاسلامي دخل هذه الاراضي , ومنها كربلاء في ايام حكومة ابي بكر , ودخل العديد من القرى والمدن , وكانت فيها كنائس , واديرة لتعليم الاناجيل وحفظه , وقد قام بقتل الكثير منهم , وسبى نسائهم , وكل شيء في حصونهم , ووجد اربعين غلاما كانوا يتعلمون الاناجيل بحسب مانقلته هذه الكتب التأريخية المهمة , ليس فقط في العراق فحسب وانما تكرر هذا الفعل اثناء فتحه لبلاد الشام لعام 13 للهجرة , وهذه من عادته ان يغير على الكنائس , وقد بعث اليهم الجيش , وأتوا مرج راهط , فأغاروا على غسّان في يوم فصحهم , فقتل وسبى , ووجه بسر بن أرطاة , وحبيب بن مسليمة الى الغوطة , فأتوا كنيسة فسبوا الرجال والنساء , وساقوا العيال الى خالد (13) , ومما نلاحظ عليه ان خالدا لما اقام بالثّني أخذ يسبي عيالاتهم , ومن اعانهم وكان يأخذ كل شيء عنوة , وبعدها يدعوهم الى الجزاء , ويصيرون اهل ذمة ( 14).

المصادر والهوامش : 

 

1 - الردة : هي عصيان مدني من القبائل . 

2 - القصور الثلاثة هي : القصر الأبيض , وقصر ابن بقيلة , وقصر العدسيين . انظر البلاذري , فتوح البلدان ص 245. 

3- الاخبار الطوال لابي حنيفة الدينوري ص 164 .

4 - تأريخ الطبري ج2 ص 316 . 

5- في المصدر نفسه , ص 248 , : (أبو محمد بن سيرين , وأخوته وهم يحيى وأنس ) . 

6 - حمران بن ابان انظر البلاذري في فتوح البلدان ص 248. 

7 - فتوح البلدان للأمام أبي العباس أحمد بن يحيى بن جابرالبلاذري المتوفى 279 ه , ص 249 : ( عقبة بن قيس بن البشر ) بدل (هلال بن عقبة ) , وفي الطبري , ج2 , ص 576 , ص 577هو ( عقة بن أبي عقة , وكام خفير القوم ) , وفي الجمهرة ج2 , ص 301 : ( وهو عقبة قيس بن البشر بن هلالسيد المرتدين من بني النمر , قتله خالد بن الوليد , وصلبه يوم عين التمر ). هامش الاخبار الطوال للدنيوري ص 165. 

8- لم نجد ذكر لتلك الكنسية في كلمات العلامة الدنيوري في كتابه الاخبار الطوال , نعم فقد ذكر الغلماء الذين عثر عليهم خالد بن الوليد فيها وكانوا يتعلمون الانجيل . 

9 -فتوح البلدان , ص 435, 346, 347. 

10- تأريخ ابن خلدون للعلامة عبد الرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمي المغربي المتوفى 808 ه , ج2 , ص 418, الطبعة الاولى دار احياء التراث العربي بيروت لبنان تأريخ النشر 1419ه . 

11- الكامل في التاريخ ج2 , ص 366 , للمؤرخ عز الدين أبي الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد ابن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني المعروف بابن الاثير , المتوفى 630 ه , تحقيق الشيخ خليل مأمون شيحا مطبعة دار المعرفة بيروت لبنان . 

12 - البداية والنهاية للأمام الحافظ عماد الدين أبي الفداء اسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي المتوفى 774ه ج5 , 333 . مطبعة دار احياء التراث العربي بيروت لبنان .

13- تأريخ الطبري ج 2, ص 341 . 

14نفس المصدر السابق ج2 , ص 312. 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=39471
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 11 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29