• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : جون المجاهد والموقف الحر .
                          • الكاتب : فلاح السعدي .

جون المجاهد والموقف الحر

إن ثناء الإمام الحسين (عليه السلام) على أصحابه قد أبرز مكانتهم وخلّد أسمائهم حيث قال : (فإني لا أعلم أصحاباً أولى ولا خيراً من أصحابي، ولا أهل بيت أبرّ ولا أوصل من أهل بيتي، فجزاكم الله عنّي جميعاً خيرا). 
كما جاء في زيارة الناحية المقدسة أنّ إمام الزمان (عليه السلام)، قد سلّم عليهم كما يلي: (السلام عليكم يا خير أنصار الله).
وتحدثت الكثير من الكتب عن خصالهم (راجع كتب: أنصار الحسين، الدوافع الذاتية لأنصار الحسين، فرسان الهيجاء، مقاتل الطالبين و...)، ولو نظرنا إلى زيارة شهداء كربلاء، لوجدناها تثني على وفائهم بالعهد وبذلهم الأنفس في نصرة حجة الله.
وصف أحدُ الباحثين الصفات التي امتاز بها أفراد جيش الإمام الحسين (عليه السلام) بما يلي:
خلو جوهر النفس من الشوائب والرذائل.
الطاعة الخالصة للإمام.
التنسيق التام مع القيادة، بحيث أنهم لا يقاتلون إلا بإذن.
تحدي الخطر واستقبال الشهادة.
الشجاعة الفريدة.
المصابرة والصمود.
رفض المساومة.
الجد والعزم الراسخ.
الرؤية الإلهية والتوجّه الإلهي.
الانقطاع عن كل شيء والتعلق بالله.
الدقة والتنظيم والانضباط.
غاية النضج والكمال السياسي والثقافي.
.(ُأسوة عملية في الدفاع والمقاومة (لكم فيّ أسوة
أكثر الناس التزاماً ووفاءً بالعهد.
الأصالة والتحرر (هيهات منّا الذلّة).
القيادة المثلى والإدارة الناجحة.
الاستغناء عما سوى الله (انطلقوا جميعا).
الاشتراك في الميادين الحربية والسياسية والثقافية والاقتصادية والعسكرية منذ الطفولة.
النظرة الشمولية لا النظرة الجزئية (مثلي لا يبايع مثله).
صُنّاع حركات مصيرية.
التحدّي والمواجهة غير المتكافئة.
اليقين والبصيرة الكاملة.
الصمود والاستقامة على الحق مع القلة في مقابل الأكثرية (لا تستوحشوا طريق الهدى لقلة أهله).
تجلّي دور المرأة في المواجهة السياسية والثقافية عند بني الإنسان.
جعلوا أنفسهم درعاً للدين، ولم يجعلوا الدين درعاً لهم.
أعطوا الأصالة للجهاد الأكبر.
البناء الجسمي والروحي المتناسب مع رسالة عاشوراء.
ومن هؤلاء الأصحاب البررة الذين باعوا أنفسهم لله وضحّوا بأرواحهم في سبيل الحق ونصرة الإمام المظلوم؛ المولى (جَون) مولى أبى ذر الغفاري، وأسمه جون بن حوّي، عاد إلى المدينة من بعد استشهاد مولاه أبي ذر، وأصبح من موالي أهل البيت (عليهم السلام)، فكان في خدمة أمير المؤمنين، ثمّ من بعده الحسن والحسين والسجاد، وسار مع الإمام من المدينة إلى مكّة ومنها إلى كربلاء.
نقل ابنُ الأثير والطبري أنّه كان في ليلة عاشوراء يصلح سيفه، ومع أنّه كان شيخاً كبيراً إلاّ أنّه استأذن الإمام يوم الطف، ولكن الإمام أطلق سراحه وأعفاه وأذن له بالانصراف.
فقال للحسين: والله إنّ ريحي لمنتن، وأنّ حسبي للئيم، ولوني أسود، فتنفّسْ عليَّ بالجنة فتطيب ريحي، ويشرف حسبي، ويبيضّ وجهي.. لا والله لا أُفارقكم حتى يختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم. 
ثمّ قاتل حتى قُتل... 
فوقف عليه الحسين (عليه السلام) وقال:( اللهم بيض وجهه، وطيّب ريحه، واحشره مع الأبرار، وعرّف بينه وبين محمد وآل محمد).
وروي عن الباقر عن السجّاد (عليهما السلام): (أنّ الناس كانوا يحضرون المعركة ويدفنون القتلى، فوجدوا جون بعد عشرة أيّام تفوح منه رائحة المسك).
نسب إليه رجز كثير، من جملته إنه كان يقول:
كيف ترى الكفار ضرب الأسـود * بالسـيف ضرباً عن بني محـمد
أذبُّ عـنـهـم باللسـان واليــــــــد * أرجـو به الجـنّــة يوم المـورد
وهنا نقول: حينما تكون المعرفة بالأشخاص معرفة سطحية, فلا تثمر الوفاء في كثير من الأحيان إلا أن التآخي الذي يوثّق العلاقة لتكون ثمرتها الفداء من أجل الغير, والتضحية بالنفس والمال، وما حصل للعبد جون هو موقف لمن عرف أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) وتمسك بولائه وملأ قلبه من حبه كما أوصى بذلك النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله) وكما بيَّن في قوله تعالى: ( قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) .
موقف واحد يمتدّ من مواقف أصحاب الحسين(عليه السلام), وهو موقف الإنسان الذي يشعر بالمسؤولية أمام الله (جلّت عظمته) والنبي المصطفى الخاتم(صلى الله عليه وآله), فيجعل حياته منسجمةً مع خطّ المسؤولية، خط الوفاء والاقتداء بوصايا النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله).  
فسار هذا الإنسان في خط الشهادة؛ لأنّه شَعَرَ أن هناك عهداً بينه وبين الله، وهو عهد الإيمان والإسلام والوفاء.
Falah72n@yahoo.com



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=39518
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 11 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28