• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ويسـألونـي لم كل هـذا العشـق .
                          • الكاتب : ابواحمد الكعبي .

ويسـألونـي لم كل هـذا العشـق

 
عبرات تنسكب من عينٍ ما رأتك لتغسل وجنات من ذابت شوقاً للقاك في فكرك، في نهجك،
عبرت الأيّام سرب الزّمان، ولم يمنّ القدر عليّ أن ألتقيه لأبحر في عباب عينيه التّائهتين في بحر الإيمان، لأقرأ في قلبه صمت التّقى والرّضوان، ولأسمع صدى الصّبر يتصاعد من روحه الطّاهرة، فأفهم معنى الإسلام الحقّ، معنى أن يكون الإنسان إنساناً لإنسانيّته.
وبعد.. ماذا بعد؟! رحت أتأمّل صورته المعلّقة على أوتار قلبي، تراودني أسئلة مثل: ماذا لو رأيته؟ ماذا كنت قلت له؟ لا أستطيع أن أتخيّل الأحاسيس الّتي كانت ستختلجني، جلّ ما يمكن وصفه، دقّات قلب تنتفض شوقاً في اللّقاء، نبضات تتسارع علّها توقف الزّمان، فأظلّ غارقةً في وجهه السّمح يتصبّب إنسانيّةً وهدى وحناناً، لو أنّني رأيته، لنذرت الدّموع فرحاً وفخراً بلقاء من ذاب تواضعاً، من أحبّ النّاس فأحبّوه، لأنّي لمحت من عاش مع النّاس بأخلاق نبويّة، فكان مرآة لروحيّة الإسلام، عكست مواقف الرسالة الحضاريّة.
هو صاحب العمّة والعمامة، من رحب آفاقه نقطف العبر اليانعة، هو ذا سماحة المرجع الشيخ المقدس جواد التبريزي (رض)، سيّد الكلمة والموقف، دعانا لنفكّر معه، مجهراً بصوته: "فكّروا معي"، ولم يرض أن يفكّر عنّا
هو ذا الفقيه المجدّد والعلاّمة المنفتح، من ينبوع الوحدة الإسلاميّة روى ظمأ النّاشئة، فهو من دعا إلى تلاقح الأفكار عبر الحوار، مؤيّداً تواصل المؤمنين، وكان السبّاق إلى ذلك، دون أن يكلّ لسانه من الدّعوة إلى الحصانة من هوجاء التعصّب والتمذهب، من خلال بناء الجسور بين ابناء المذاهب، على قاعدة أنّ العدل ميزان الأخلاق، وأنّ الظّلم لا دين له.
عرفناك فكراً صافياً مؤمناً بأنّ الألتفاف حول أهل البيت مدخل للعيش الكريم، وبأنّ التمسك بالعتره الطاهره هي الإبادة للفتنة في مهدها، وبأنّها قوّة في وجه المؤامرات والتّهديدات والمخطّطات الهادفة للنّيل من عزّة هذه الأمّة.
شيخنا الجليل، تشهد لك المنابر أنّك خطيب للحقّ، يعلو صوته نصرةً للمظلوم، رافعاً شعار: "لا يوحشنّك إلا الباطل، ولا يؤنسنّك إلاّ الحقّ". يمجّد له التّاريخ دوره السّامي، الوحدويّ والوطنيّ، فنى حياته لأجل مجابهة المنافقين وضدّ الجهل والتخلّف، ولأجل رسالته دفع ضريبة كبيرة وكبيرة جداً.
رحل الشيخ ، غاب الجسد، ولازال الحضور قائماً في الغياب، ينثر صبحاً ومساءً مع الفجر وعند الغروب، قطرات حبّ من فؤاد الشيخ المقدس، أسمع طرقاتها على القلوب: "لأنّي أحبّكم جميعاً، أحبّ كلّ النّاس الذين يتّفقون معنا والذين يختلفون معنا".
شيخنا ، أستميحكم عذراً، فهذا ليس مديحاً أو ثناءً، فكلّ العبارات تتساقط أمام قامتكم العلميّة والفكريّة والإنسانيّة. سيّدي، هذا بعض من عصار قلبي الّذي انفطر شوقاً ووجداً. سيّدي، أستميحكم عذراً، لأنّني أريد أن أكفّف دموعي بمنديل الكلمات، وأضمّد جرحي الغائر برباط السّطور، وأبلسم الألم بالحروف.
لك يا شيخنا المقدس، يا من أخذتنا إلى الغد، إليك في عليائك، أحمل القلب على الكفّين وأقدّمه، أنحني لعباءتك وعمامتك، إجلالاً لروحك الّتي لم تعرف إلا التّحليق في الأسمى والأنقى والأطهر.
ستبقى حاضراً مع فرحة اليتيم وشفاء المريض، مع بسمة الفقير وأمل الكفيف، ومع نجاح كلّ طالب علم.
ويبقى الختام، عهدنا لك أن نكمل المسيرة، كما دعوتنا لتمسك بالقضايا المصيريه الّتي نام همّها معكم في سكون مرقدكم الشّريف. والآن، وبعد هذه الكلمات، لن أسمح لأحد بأن يسألني: لم كلّ هذا العشق لجواد التبريزي؟
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=40528
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 12 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29