• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : اراء لكتابها .
                    • الموضوع : فضيحة دستور مصر.. و القادم من فضائحنا .
                          • الكاتب : بشرى الهلالي .

فضيحة دستور مصر.. و القادم من فضائحنا

 في تقرير اخباري، فريد من نوعه، عرضته قناة (العربية الحدث) يدور عن مؤتمر صحفي عقدته لجنة الخمسين حول الدستور المصري المطروح للتصويت، دأب كل الاعلاميين الحاضرين على الإصغاء الى تصريحات عمرو موسى، رئيس اللجنة، ومن رافقه من أعضاءها، إلا صحفيّ أمريكي، كان منشغل بأمر آخر.
على الحائط الذي تدير اللجنة ظهره لها وهي تواجه الجمهور، ثبّت ملصق إعلامي كبير يضم صورا لخمسة مواطنين (مصريين)، وعبارة تتوسط الملصق بالعربية (دستور لكل المصريين)، جرى ترجمتها الى الانكليزية كما يلي: (All Egyptians constitution  ). لم يدقّق أحدا النظر الى الترجمة رغم إن عمرو موسى ومن حوله يجيدون الانكليزية، وأي طالب مبتدئ في اللغة سيكتشف إن فيها خطأ قواعدي، إكتشفه الصحفي الامريكي، حيث يجب كتابتها : (All Egyptians’ Constitution  ). وليس هذا فقط، بل إن الصحفي الأمريكي دقّق النظر في الصور الخمسة للمواطنين -الذين يفترض إنهم مصريين- وشكّ في أمرهم كون وجوه ثلاثة منهم لم تكن مصرية. وبعد بحث طويل على محرك كوكل، إكتشف الصحفي إن صورة المرأة في الملصق الاعلاني هي لإعلان عن سيدات الاعمال الاميركيات، وإن صورة الطبيب المصري هي أيضا مأخوذة عن أخرى لطبيب أمريكي ضمن موضوع يتحدث عن علاج تجاعيد الرقبة، أما صورة الصبيّ، فهي لصبي أمريكي مصاب بمتلازمة داوني، أي إن جميع الصور هي دعائيّة متوفرة على محرك كوكل. ولم يكتفي الصحفي (الخبيث) بهذا، بل دقّق في الصورتين الباقيتين، فإكتشف إنّ صورتي الفلاح والجندي المصريان مأخوذة أيضا من صور متوافرة على النت لشخصيات مصرية. فضيحة لم ينتبه لها جهابذة السياسة في مصر وعلى رأسهم عمرو موسى الذي خبر العديد من المناصب العربية والدولية وقضى حياته (طامسا) في السياسة، بينما أثارها صحفي أمريكي جعل من سياسي مصر ودستورهم فضيحة، بدا جهلهم فيها واضحا لأساليب الدعاية التي يمكن أن تجذب الشعب المصري الى صناديق الإقتراع على الدستور. فضلا عن كل ذلك، أثار الصحفي الأمريكي قضية بدت مهمة جدا، هي إن الصور الخمسة تفتقر الى إمرأة محجبة أو رجل ملتحي، فهل بلغ حقد قيادات إنقلاب 30 حزيران إلى الاعتراف حتى بوجود أي دليل على الإسلاميين في مصر؟ وهل إن كل إمرأة محجبة أو رجل ملتحي هما ضمن دائرة الشبهة التي صار تحيط ب(الاخوان المسلمين)؟
وأنا أشاهد هذا التقرير، قفزت إلى رأسي ومضات عن إعلانات المرشحين في الدورة السابقة آذار 2010، والدورة التي سبقتها في كانون الثاني 2005. كانت الشعارات التي رفعها مرشحو 2005 تدور حول الدين والطائفة ومعاداة لكل مايمت للنظام السابق بصلة، لتتراجع النبرة في 2010 وتبتكر كلمات مثل (مستقلون) و (الوطني) حيث أصبح جميع المرشحين مستقلين ووطنيين فجأة، رغم إنها نفس الوجوه التي مثّلت الطوائف والاديان في 2005، وذلك لأنهم أدركوا رفض الشارع العراقي للشعارات الدينية التي لم تبث جدواها في الفترة البرلمانية الاولى. و بعد إن ثبت للشارع العراقي إن لا أحد منهم كان (مستقل) أو وطنيّ، ولم يطبق أيّ منهم الشعار الذي رفعه، بل إن جميع الكتل تقريبا لم يكن لها مشروعا واضحا، وإن ماسطّر من بنود لهذه المشاريع (الوطنية) المفترضة لم يكن سوى حبر على ورق.
يتساءل البعض في الشارع العراقي الآن، إن كان مايزال مهتما بالإنتخابات، عن نوع الشعارات التي سيرفعها مرشحي هذه الدورة، إسلامية، وطنية، خدمية، محاربة الفساد، القضاء على الإرهاب والفتنة الطائفية، أم سيبتكرون جديدا؟
وعلى رأي المصريين، (الجواب باين من عنوانه)، فما زال أمامنا أربعة أشهر للانتخابات، وبدأت خيرات الصراعات تهل على الشعب الذي إبتلى بحفنة من السياسيين والقادة (المتدربين)، فالتفجيرات في كل مكان من بغداد، والإرهاب اليوم أجهز على ماتبقى من أمن بغداد والمحافظات في عمليات نوعية لإحتلال مراكز الشرطة والدوائر الحكومية والاغتيالات، حتى عادت (فزّورة) الأمن الى (المربع الأول)، حسب تعبير السياسيين. و أطرف مافي الأمر، إن السياسيين يعيشون حالة قلق بل (سعار) خلال هذه الأيام، وسيستمر للاربعة الأشهر القادمة، لا من أجل إستتباب الأمن وبث الأمان في نفوس المقترعين ومحاولة زرع الثقة لدفعهم للذهاب الى صناديق الإقتراع، بل من أجل الترويج لأنفسهم بطرق (مخجلة) أحيانا ينطبق عليها المثل القائل (مجدّي يجدي من مجدّي)، ناهيك عن جولاتهم المكوكية في بلدان الوطن العربي والدول المجاورة (الصديقة) للحصول على دعم وتمويل لحملاتهم الانتخابية، تحالفات مشبوهة، تسقيط وفضائح وإتهامات متبادلة، كشف (المستخبي)، فأي كارثة يقبل عليها الشعب العراقي وكيف سيحتمل أربعة أشهر قادمة من الفوضى والقتل والارهاب والدمار، ودماء أبناءه تتحول إلى حبر يخطون به (لافتاتهم)، وكل الخشية أن يحذو بعضهم أو جميعهم حذو عمرو موسى فلا ينتبهون حتى إلى الأخطاء الاملائية، وإنّما الى الكرسي الذي يجلسون عليه، وصور وجوههم المزيفة على شاشة التلفاز، وتصريحاتهم (المسمومة). وربما عليهم أن يتعظوا فلا يسمحوا للصحفيين الأجانب بحضور عرسهم الإنتخابي خشية أن يظهر لهم صحفي أمريكي يكشف مالم نكتشفه بعد من فضائحهم!!
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=40635
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 12 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18