• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تاملات في القران الكريم ح179 سورة النحل الشريفة .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تاملات في القران الكريم ح179 سورة النحل الشريفة

بسم الله الرحمن الرحيم

وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي اللّهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ{41} 

تنعطف الاية الكريمة لتسلط الضوء على المهاجرين في سبيل الله تعالى ( وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي اللّهِ ) , بعد ان وقع الظلم عليهم ( مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ ) وهم رسول الله (ص واله) والمهاجرين من اصحابه (رض) بعد ان ظلمتهم قريش , فهاجر بعضهم الى الحبشة ومن ثم الى المدينة المنورة , واخرون محبوسون معذبون في مكة , ( لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً ) , يطرح المفسرون فيها عدة اراء فنختار منها اثنين : 

1- المدينة المنورة . "تفسير الجلالين للسيوطي ". 

2- مبأة حسنة وهي الغلبة على أهل مكة الذين ظلموهم وعلى العرب قاطبة وعلى أهل المشرق والمغرب . "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني".         

ذلك الاجر عاجل في الدنيا , اما في الاخرة ( وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ ) , ما اعده الله تعالى لهم في الاخرة اكبر واعظم مما في الدنيا , ( لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ ) , هناك عدة اراء حول المخاطبين في النص المبارك :        

1- المهاجرين انفسهم : كونهم لا يعلمون الاجر والثواب الذي اعده الله تعالى لهم في الاخرة , مع ذلك هاجروا طلبا لرضاه جل وعلا , او انهم يعلمون انهم قد نالوا الاجر , لكن لم يكن ليخطر على قلب احدهم عظمته . 

2- المتخلفين عن الهجرة : حيث ان هؤلاء فاتهم هذا الاجر , ولو كان يعلمون به لما تخلفوا عنها . 

3- كفار مكة : كفار مكة كانوا جاهلين غافلين عن الاجر الذي سيناله المؤمن في الاخرة , كونهم لا يؤمنون بذلك اصلا .

الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ{42} 

تصف الاية الكريمة المهاجرين مادحة اياهم : 

1- ( الَّذِينَ صَبَرُواْ ) : حيث انهم صبروا على امرين : 

أ‌) اذى الكفار لهم . 

ب‌) صبروا على الهجرة ومفارقة الوطن والاهل والاحبة . 

2- ( وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) : يفوضون كل امورهم له تعالى وحده جل وعلا .        

 

وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ{43}

نستقرأ الاية الكريمة في موردين : 

1- ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ ) : النص المبارك في محل الرد على ادعاءات الكفار وقولهم ( ان الله اعظم من ان يرسل لنا بشرا مثلنا ) , وكذلك ردا على اقتراحاتهم ان يرسل الله ملائكة مع الرسول {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً }الفرقان7 , { وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءنَا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْ عُتُوّاً كَبِيراً }الفرقان21 , فيؤكد النص المبارك ان الله تعالى ذكره لا يرسل ملائكة ليقوموا بدور الرسل والانبياء (ع) بل يرسل ( رِجَالاً ) يتلقون الوحي , وكلمة  ( رِجَالاً ) تدل على امرين : 

أ‌) انهم رجال من بني ادم , لا من الملائكة ولا من غيرهم كالجن مثلا . 

ب‌) كل الانبياء والرسل (ع) كانوا رجالا ذكورا ولم يكن منهم نساء .       

2- ( فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ) : النص المبارك يرشد وينصح ان يسأل اهل الذكر في كل ما خفى وجهل  , وايضا لتأكيد ما جاء في المورد الاول , لكن المفسرين يختلفون في من هم اهل الذكر ؟ , وهناك اراء كثيرة حولهم : 

أ‌) اصحاب وعلماء الكتب السابقة كالتوراة والانجيل , يذهب الى هذا الرأي  كثير من المفسرين ومنهم السيوطي في تفسير الجلالين وكذلك الفخر الرازي في تفسيره . 

لكن العياشي يخالف هذا الرأي في تفسيره , حيث اخرج ( عن الباقر عليه السلام إن من عندنا يزعمون أن قول الله فاسئلوا أهل الذكر أنهم اليهود والنصارى قال إذا يدعونكم إلى دينهم ثم ضرب بيده إلى صدره  "ثم قال وأومأ بيده إلى صدره"  نحن أهل الذكر ونحن المسؤولون ) .

ب‌) كان في عرب الجاهلية اشخاصا اشتهروا بالحكمة والمعرفة بأخبار الامم السابقة , فيكونوا هم المقصودين بـ ( فَاسْأَلُواْ ) . 

ت‌) يذهب جملة من المفسرين واصحاب الرأي ( القمي – العياشي – الكافي ) الى ان الذكر النبي الاكرم محمد (ص واله) واهل بيت النبوة (ع) المسؤولون مستدلين بكثير من الاحاديث في ذلك ومنها ما جاء في اخبار عيون الرضا ( عن الرضا عليه السلام قال الله تعالى قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا يتلو عليكم آيات الله فالذكر رسول الله ونحن أهله ) , ومنها ايضا ما جاء في كتاب البصائر ( عن الباقر عليه السلام : الذكر القرآن وأهله آل محمد صلوات الله عليهم ) .         

واقع الاختلاف في الآراء في من المخاطب بــ ( فَاسْأَلُواْ ) , فأن كان : 

1- المشركون : كأن يخاطب النص المبارك المشركين ( فَاسْأَلُواْ ) بالتوجه الى طلب الحقيقة والبحث عنها بما لدى الاحبار والرهبان من معارف وعلوم , فيعترض على هذا الرأي بعدة امور منها : 

أ‌) ما ورد من اعتراض العياشي في تفسيره على هذا الرأي وما اخرجه عن الامام الباقر (ع) " إن من عندنا يزعمون أن قول الله فاسئلوا أهل الذكر أنهم اليهود والنصارى قال إذا يدعونكم إلى دينهم ثم ضرب بيده إلى صدره  ( ثم قال وأومأ بيده إلى صدره ) نحن أهل الذكر ونحن المسؤولون " , فلو توجه احد المشركين للبحث عن الحقيقة لدى احد الاحبار او الرهبان لدعاه الى دينه  . 

ب‌) النص المبارك بالجملة ( فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ) في محل المدح لــ ( أَهْلَ الذِّكْرِ ) , ولا يمكن ان يكون المعني بهم الاحبار والرهبان لان القرآن الكريم قد ذمهم في عدة موارد منها { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }التوبة34 . 

2- المؤمنون : يستفاد من النص المبارك ان المخاطب به المؤمنين دون سواهم , وبذا وجب ان يكون ( أَهْلَ الذِّكْرِ ) من امة الاسلام لا من غيرها , استدلالا بعرض معنى ( الذكر ) على القرآن الكريم يكون : 

أ‌) الذكر هو النبي الاكرم محمد (ص واله) واهل الذكر هم اهل بيته (ع) ( أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُوْلِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً{10} رَّسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً{11} سورة الطلاق الشريفة . 

ب‌) الذكر هو القرآن الكريم واهله النبي الاكرم محمد (ص واله) واهل بيته (ع) , {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ }ص1 , { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }الحجر9 . 

الجدير بالذكر هنا ان الاية الكريمة وردت في سورتين شريفتين :

وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ{43} سورة النحل .

{وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }الأنبياء7.

بفارق حرف الجر ( من ) ورد محذوفا في الاية السابعة من سورة الانبياء الشريفة . 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=41256
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 01 / 05
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29