• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أضـــاءات بين يدي الأمام العسكري .
                          • الكاتب : ابواحمد الكعبي .

أضـــاءات بين يدي الأمام العسكري

 نقف عند القدوة الحسنة الروحية والفكرية التي تستغرق كل نواحي الحياة على صعيد الفرد والمجتمع هو أبو محمد الحسن العسكري .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ميلاد النور
ولد الإمام العسكري عليه السلام يوم الجمعة الثامن من شهر ربيع الأخر سنة232هـ في مدينة جده رسول الله صلى الله عليه و اله ، وهو القول المشهور في ولادته عليه السلام
حوى كل صفات الفضل وألقابها وأشهر ألقاب الإمام أبي محمد عليه السلام هو العسكري ، و قد أطلق عليه وعلي أبيه عليه السلام ، لانهما سكنا عسكر المعتصم الذي بناه لجيشه ، وهو سامراء
وقيل : هو اسم محلة في سامراء ، قال الشيخ الصدوق : سمعت مشايخنا رضي الله عنهم يقولون : ان المحلة التي يسكنها الإمامان علي بن محمد والحسن ابن علي عليه السلام بسر من رأي كانت تسمي عسكر ، فلذلك قيل لكل واحد منهما العسكري .
وكان هو وأبوه وجده عليه السلام يعرف كل منهم في زمانه بابن الرضا .
وهناك ألقاب أخرى تطلق علي الإمام العسكري عليه تدل على كمال من كمالاته او مظهر من مظاهر شخصيته التي تحكي مكارم أخلاقه وخصائصه السامية وصفاته الزكية ومنها :
الخالص ، الشافي ، الزكي ، المرضي ، الصامت ، الهادي ، الرفيق ، النقي ، المضيء ، المهتدي ، السراج ، وغيرها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صفــــــاته
كنيته : اشتهر الإمام العسكري عليه السلام بكنية واحدة هي أبو محمد سلام الله عليهما .
وصفه احد معاصريه من رجال البلاط العباسي ، وهو احمد بن عبيد الله بن خاقان بقوله : « انه اسمر اعين ـ اي واسع العين ـ حسن القامة ، جميل الوجه ، جيد البدن ، له جلالة وهيئة حسنة » .
وقال ابن الصباغ : « صفته بين السمرة والبياض » .
وجاء في صفة لباسه : « انه كان يلبس ثيابا بيضاء ناعمة ، ويلبس مسحا اسود خشنا علي جلده ، ويقول : هذا لله ، وهذا لكم » .
كان نقش خاتمه : سبحان من له مقاليد السماوات والارض ,وقيل : أنا لله شهيد , وقيل : ان الله شهيد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أضــاءات في حياة العسكري
زوجته وهي نرجس عليها السلام ، وكان الإمام أبو الحسن الهادي عليه السلام قد أعطاها الى أخته حكيمة بنت محمد الجواد عليه السلام وقال لها : « يا بنت رسول الله ، أخرجيها الي منزلك ، وعلميها الفرائض والسنن ، فإنها زوجة أبي محمد وام القائم » .
ونقل في التاريخ انه بعد شهادة الإمام العسكري عليه السلام هجم جند السلطان لتفتيش دار الإمام عليه السلام طلبا للولد ، ولما لم يعثروا علي شيء فقبضوا علي نرجس ، وحملوها الي داره ، فطالبوها بالولد فأنكرته .
ذكر المؤرخون ان له ثلاثة أخوة ، وهم : محمد سبع الدجيل ، والحسين ، وجعفر المعروف بالكذاب وله اخت واحدة مختلف في اسمها فقيل : علية ، اوعالية.
والمشهور هو أخوه السيد محمد ابو جعفر بن الإمام ابي الحسن الهادي ، المتوفي نحو سنة252هـ .
وقال عنه السيد محسن الامين : جليل القدر ، عظيم الشان ، وكان ابوه خلفه بالمدينة طفلا لما اتي به الي العراق ، ثم قدم عليه في سامراء ، ثم اراد الرجوع الي الحجاز ، فلما بلغ القرية التي يقال لها (بلد) علي تسعة فراسخ من سامراء ، مرض وتوفي ودفن قريبا منها ، ومشهده هناك معروف مزور ، ولما توفي شق اخوه ابو محمد ثوبه ، وقال في جواب من لامه علي ذلك : « قد شق موسي علي اخيه هارون » .
وامام امه اسمها سوسن ، وقيل اسمها حُديث ، وسُليل ، وسمانة .
ذكر الشيخ عباس القمي في ( الأنوار البهية 251 ) :
( امه (عليه السلام) تسمى حديث او سليل، ويقال لها الجدة، وكانت من العارفات الصالحات، وكفى في فضلها انها كانت مفزع الشيعة بعد وفاة ابي محمد (عليه السلام)،)
كانت وفي فترة مهمة تعتبر أحد الوسائط بين الإمام الحجّة القائم ( عليه السلام ) وبين شيعته و من علو شانها في هذا المجال مارواه الشيخ الصدوق في كتاب (كمال الدين: ج 2 ص 507 ) :
عن أحمد بن إبراهيم قال: دخلت على حكيمة بنت محمد بن علي الرضا أخت أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام في سنة اثنتين ومئتين، فكلمتها من وراء حجاب وسألتها عن دينها فسمت لي من تأتم بهم .
ثم قالت: والحجة بن الحسن (عليه السلام) فسمت
إلى أن قال: فقلت لها: أين الولد ؟ يعني الحجة عليه السلام
قالت: مستور، فقلت: إلى من تفزع الشيعة ؟
فقالت : إلى الجدة أم أبي محمد عليه السلام،
فقلت لها اقتدي بمن وصيته إلى امرأة ؟
قالت: اقتداء بالحسين بن علي، والحسين بن علي عليه السلام أوصى إلى أخته زينب بنت علي عليهما السلام، في الظاهر، وكان ما يخرج عن علي بن الحسين عليه السلام من علم ينسب إلى زينب ستراً على علي بن الحسين عليه السلام.
من هنا نعلم انها كانت المفزع للشيعة بعد وفاة ابنها العسكري ( عليه السلام ) ويذكر إنّ الإمام العسكري ( عليه السلام ) قد أوصى إليها وثبتت وصيّته لها عند القاضي فقسّم ميراثه بين أُمّه وأخيه جعفر .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السيره العسكريه
الإمام قضى طيلة حياته تقريبا في مواجهة مع طواغيت بني العباس فقد ولد الإمام العسكري عليه السلام في الثامن من الربيع الأخر سنة232هـ وذلك في أواخر ملك الواثق بن المعتصم (227ـ132هـ) وبويع بعده لأخيه بالمتوكل لست بقين من ذي الحجة سنة232هـ ، وكان عمر الإمام العسكري عليه السلام نحو ثمانية أشهر ونصف وتولي بعده ابنه المنتصر السلطة لستة اشهر ومات سنة248هـ ، فتولي بعده المستعين سنة248هـ ، وخلع نفسه بعد فتنة طويلة وحروب كثيرةسنة251هـ ، وتولي بعده المعتز وفي حكمه استشهد الإمام علي الهادي عليه السلام بعد مضي سنتين ونصف من حكم المعتز في الثالث من رجب سنة 254هـ ، ثم تولى الإمام العسكري الإمامة الإلهية.
ثم جاء الي السلطة المهتدي بعد خلع المعتز وقتله سنة 255هـ ، وحكم نحو سنة واحدة ، ثم قتله الأتراك سنة256هـ ، وتولي المعتمد حتى قتل سنة 279هـ ، وهكذا استغرقت حياة العسكري عليه السلام الأيام الأخيرة من حكم الواثق ، ثم تمام حكم المتوكل والمنتصر والمستعين والمعتز والمهتدي وبقى اربع سنين من حكم المعتمد ، حيث استشهد إمامنا عليه السلام في الثامن من ربيع الاول سنة260هـ .
كان هذا العصر بداية لضعف الدولة العباسية وزوال هيبتها لأسباب كثيرة منها استيلاء الأتراك سلطويا وانفلات أطراف الدولة واستيلاء الولاة عليها وانصراف الخلفاء الى اللهو والمجون وقد وصف بعض الشعراء حالة الخلافة العباسية في زمن المستعين مع امراء الجند الاتراك ومنهم وصيف وبغا بقوله :
خليفة في قفص بين وصيف وبغا
يقول ما قال له كما تقول الببغـا
فضلا عن استعمالهم بيت المال لخدمة مصالحهم الخاصه وحرمان الأغلبية فقد كان رجال الدولة ينفقون الأموال الكثيرة لاتفه الأمور منها مثلا بناء القصور والجواري والمغنين والمجون و يسرفون في البذخ على الشعراء فتفشى التفاوت الطبقي بين أبناء الأمة وخصوصا الغالبية مسحوقة مما ولد حالات الشغب والاضطراب وكثرة الثورات الداخلية وعلي رأسها ثورة الزنج والخوارج .
في المقابل كانت السلطة تشعر بالخوف من الإمام وتأثيره في الأمة الإسلامية حتى وصل الأمر الى درجة خانقة فتعاملوا مع الإمام بحصار ورقابة ضده وضد أصحابه وشيعته .
ونحن نعلم ان الإمام العسكري عليه السلام رافق أباه في رحلته من المدينة المنورة الي سامراء وكان صبيا حينما استدعي الإمام الهادي عليه السلام من قبل المتوكل الى العاصمة ليكون مراقبا ومعزولا عن عموم الأمة وعن شيعته خصوصا حتى استشهد الهادي في سنة (254هـ) .
كان من اشد الخلفاء بغضا لأهل البيت ( ع ) وقال ابن الاثير : « كان المتوكل شديد البغض لعلي بن ابي طالب ولأهل بيته ، وكان يقصد من يبلغه عنه انه يتولي عليا وأهله بأخذ المال والدم ، وكان من جملة ندمائه عبادة المخنث ، وكان يشد علي بطنه تحت ثيابه مخدة ويكشف رأسه وهو أصلع ويرقص بين يدي المتوكل ، والمغنون يغنون ، قد اقبل الأصلع البطين خليفة المسلمين ، يحكي بذلك عليا عليه السلام والمتوكل يشرب ويضحك.))
و كان ينادمه جماعة قد اشتهروا بالنصب والبغض لعلي ، منهم : علي بن الجهم الشاعر الشامي وعمرو بن الفرج الرخجي ، وابو السمط من ولد مروان بن ابي حفصة .
كان المتوكل حريصا على وضع الإمام الهادي عليه السلام تحت الرقابة وعزله عن الناس لهذا كتب بأشخاصه مع اهل بيته من مدينة جده صلى الله عليه و اله الى سامراء.
ذكر الشيخ المفيد انه لما ابا الحسن عليه السلام سعاية عبد الله بن محمد به ، كتب الي المتوكل يذكر تحامل عبد الله بن محمد عليه ويكذبه في ماوشي به اليه ، فتقدم المتوكل بإجابة الإمام عليه السلام بكتاب دعاه فيه الي حضور العسكر علي جميل الفعل والقول .
وكان جواب المتوكل الذي استدعي بموجبه الامام عليه السلام الي سامراء هادئا لينا ، تظاهر فيه بتعظيم الامام عليه السلام واكرامه ، و وعده فيه باللطف والبر ، وذكر فيه براءته مما نسب اليه واتهم به من التحرك ضد الدولة ، وانه امر بعزل الوالي الذي سعي به ـ وهو عبد الله بن محمد ـ عن منصبه و ولي محله محمد بن الفضل ، وادعي في أخر الكتاب انه مشتاق الي الإمام عليه السلام ، ثم أفضى الي بيت القصيد وهو ان يشخص الإمام عليه السلام الي سامراء مع من اختار من أهل بيته ومواليه ، وان يرافقه يحيي بن هرثمة الذي أرسله لأداء هذه المهمة علي رأس الجند.
ان المتوكل لم يكن صادقا فيما وعد ، فحينما دخل يحيي بن هرثمة المدينة فتش دار الإمام عليه السلام حتى ضج أهل المدينة ، ولما وصل ركب الامام عليه السلام الي سامراء احتجب عنه المتوكل في اليوم الأول ، ونزل عليه السلام الإمام في خان الصعاليك ، وأمر بتفتيش داره في سامراء مرات عديدة ، ولم يمض مزيد من الوقت حتى عزل محمد بن الفضل وولي مكانه محمد بن الفرج الرخجي المعروف بعدائه السافر لأل البيت عليهم السلام .
ورافق العسكري أباه الهادي عليهما السلام في رحلته من المدينة الي سامراء مع أهل بيته وبعض مواليه سنة 234هـ و عمر الإمام العسكري عليه السلام حينما غادر المدينة نحو سنتين .
فرض العباسيون على الإمام العسكري عليه السلام الإقامة الجبرية لتقليص حركته بل أوجبوا عليه ان يركب الى دار الخلافة أسبوعيا في كل اثنين وخميس .
فقد جاء في الرواية: « حد ثني ابي ، انه كان يغشي ابا محمد عليه السلام بسر من راي كثيرا ، و انه اتاه يوما فوجده وقد قدمت اليه دابته ليركب الي دار السلطان ، وهو متغير اللون من الغضب ، وكان يجيئه رجل من العامة ، فاذا ركب دعا له وجاء باشياء يشنع بها عليه ، فكان عليه السلام يكره ذلك... »
وبلغت درجة الحيطة لديه عليه السلام انه أوصى بعض أصحابه ان لا يسلم عليه او يدنو منه فقد خرج التوقيع منه عليه السلام إليهم : « الا لا يسلمن علي احد ، و لا يشير الي بيده ، ولا يومئ ، فأنكم لا تامنون علي أنفسكم ».
و نادى عليه السلام يوما حمزة بن محمد بن احمد بن علي بن الحسين بن علي ، وقد اراد الاقتراب منه حينما خرج مع السلطان وأحس منه خلوة : « لا تدن مني ، فان علي عيونا ، وانت ايضا خائف ».
و من بين تلك الإجراءات الاحترازية ما روي انه كان يضع بعض كتبه في خشبة مدورة طويلة ملء الكف كأنها (رجل باب) ليرسلها الي العمري .
وكان الوكلاء يحتاطون كثيرا في الوصول الى الإمام عليه السلام فمثلا تجد أوثق وكلائه عثمان بن سعيد العمري السمان يتاجر بالسمن حتى كان الشيعة إذا حملوا الى الإمام عليه السلام شيئا أنفذوها إليه فيجعلها في جراب السمن وزقاقه .
وتستمر الضغوط العباسية حتى تعرض العسكري عليه السلام خلال خلافة المعتز والمهتدي والمعتمد إلى السجن أكثر من مرة ، ومن أساليبهم أنهم كانوا يوكلون به أشخاصا من ذوي الغلظة والعداء لأهل البيت عليه السلام من أمثال : علي بن اوتامش ، واقتامش ، ونحرير ، وعلي بن جرين حتى ان العباسيون يدخلون علي بعض مسئولي السجن ومنهم صالح بن وصيف فيوصونه بان يضيق عليه حتى في الاعتقال كانت الرقابة بدس الجواسيس بين أصحابه في السجن .
يذكر أبو يعقوب إسحاق بن أبان حراسة السجن الذي يودع فيه الإمام عليه السلام بقوله : « ان الموكلين به لا يفارقون باب الموضع الذي حبس فيه عليه السلام بالليل والنهار ، وكان يعزل الموكلون ويولي آخرون بعد ان تجدد عليهم الوصية بحفظه والتوفر علي ملازمة بابه » .
وكان موقف الإمام عليه السلام من السجن والسجانين يتمثل في إقامة الحجة عليهم من خلال أقواله وأفعاله وعبادته وصلاحه وقد استطاع هداية بعضهم و يفرض هيبته علي غالبيتهم حتى ان بعضهم يزداد خوفا بمجرد ان ينظر اليه فقد قال بعض الأتراك الموكلون به حينما كان في سجن صالح بن وصيف : « ما نقول في رجل يصوم النهار ويقوم الليل كله ، ولايتكلم ولايتشاغل بغير العبادة ، فاذا نظر الينا ارتعدت فرائصنا وداخلنا ما لانملكه من انفسنا » .
وحينما كان في سجن علي بن اوتامش الذي كان شديد العداوة لأهل البيت عليه السلام لكنه تأثر بالإمام عليه السلام و أخلاقه ، فوضع خده علي الارض تواضعا له ، وكان لا يرفع بصره اليه اجلالا ، وخرج من عنده وهو أحسن فيه قولا .
وحينما أوصى العباسيون صالح بن وصيف عندما حبس ابو محمد الحسن العسكري عليه السلام عنده بان يضيق عليه ، قال لهم صالح وهو يلعن اعتذاره وعجزه عن هذا الامر : « ما اصنع به وقد وكلت به رجلين من شر من قدرت عليه ، فقد صاروا من العبادة والصلاة والصيام الي امر عظيم ».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شهادة الإمام الحسن العسكري عليه السلام
في وقت كان الإمام العسكري عليه السلام كان بصدد تهيئة الشيعة لمرحلة الغيبة الصغرى والكبرى ومن هنا نجده قد نعى نفسه لأصحابه في أكثر من مناسبة ومن ابرز من اخبره بقرب الشهادة هو امه السيدة سوسن ( رض ) .
ورد عن المسعودي : « انه امر ابو محمد عليه السلام والدته بالحج في سنة259 ، وعرفها ما يناله في سنة (260) ، واحضر الصاحب عليه السلام فاوصى اليه ، وسلم الاسم الاعظم والمواريث والسلاح إليه ، وخرجت ام أبي محمد مع الصاحب عليه السلام جميعا الى مكة ، وقبض في شهر ربيع الأخر سنة260هـ ». .
وعن محمد بن ابي الزعفران ، عن ام ابي محمد عليه السلام قالت : « قال لي ابومحمد يوما من الايام : تصيبني في سنة ستين حزازة اخاف ان انكب فيها نكبة ، فان سلمت فالي سنة سبعين ، قالت : فاظهرت الجزع وبكيت ، فقال : لابد لي من وقوع امرالله فلا تجزعي » .
استشهد الإمام العسكري عليه السلام وهو في عمر الشباب ، حيث كان عمره 28عاما وقيل : 29 عاما .
واما سبب شهادته عليه السلام فان بحث الإخبار والضروف والاستنتاجات تقودنا الي الاعتقاد بان السلطة العباسية التي كانت منذ زمن المعتز (252 ـ255هـ) تنوي قتل الإمام ( ع ) .
مثلا نقل التاريخ ان المعتز امر سعيد بن صالح الحاجب ان يحمل الإمام العسكري عليه السلام الى الكوفة ويضرب عنقه في الطريق ، لكن الإمام عليه السلام اجتهد بالدعاء عليه ، فقتل قبل ان ينفذ عزمه .
وروى ثقة الإسلام الكليني عن احمد بن محمد بن عبد الله ، قال : « خرج عن ابي محمد عليه السلام حين قتل الزبيري : هذا جزاء من اجترا علي الله في اوليائه ، يزعم انه يقتلني وليس لي عقب ، فكيف راي قدرة الله فيه؟وولد له ولد سماه محمدا » .
ومن ثم حاول المهتدي العباسي ذلك فهدد الإمام عليه السلام بالقتل قائلا : « والله لا جلينهم عن جديد الأرض » لكنه قتل قبل ذلك وأيضا المعتمد اكثر من مرة حاول قتل الإمام عليه السلام .
فضلا انه ورد التصريح بموت الإمام عليه السلام مسموما عن كثير من مؤرخي الشيعة وغيرهم فقد قال الطبرسي :
« ذهب كثير من اصحابنا الي انه عليه السلام مضي مسموما ، وكذلك ابوه وجده وجميع الائمة عليهم السلام خرجوا من الدنيا بالشهادة ، واستدلوا علي ذلك بما روي عن الصادق عليه السلام من قوله : مامنا الا مقتول شهيد. والله اعلم بحقيقة ذلك » .
يكفي ان الثابت ان جميع الأئمة عليهم السلام فارقوا الدنيا بالقتل واغلبهم من خلال دس السم وليس منهم من يموت حتف انفه .
واما الصلاة على الإمام عليه السلام فقد روي عن احد خدم الإمام العسكري انه قال في حديث طويل منه : « فلما هم (جعفر) بالتكبير خرج صبي بوجهه سمرة ، بشعره قطط ، بأسنانه تفليج ، فجبذ برداء جعفر بن علي ، وقال : تاخر ياعم ، فانا احق بالصلاةِ علي ابي ، فتاخر جعفر وقد اربد وجهه واصفر » .
و عن احمد بن عبد الله الهاشمي من ولد العباس ، قال : « حضرت دار ابي محمد الحسن بن علي عليه السلام بسر من راي يوم توفي ، واخرجت جنازته ووضعت ، ونحن تسعة وثلاثون رجلا قعود ننتظر حتي خرج الينا غلام عشاري حاف عليه رداء قد تقنع به ، فلما ان خرج قمنا هيبة له من غير ان نعرفه ، فتقدم وقام الناس فاصطفوا خلفه فصلي ، ومشي فدخل بيتا غير الذي خرج منه » .
واما فضل قبره الطاهر الذي اعتدى عليه الوهابيون – سود الله وجوههم – قبل سنوات فقد ورد فيه عن الحسين بن روح ، قال : « قال ابو الحسن عليه السلام : قبري بسر من راي امان لاهن الخافقين » .
وعن ابي هاشم الجعفري ، قال : « قال لي ابو محمد الحسن بن علي عليه السلام : قبري بسر من رأى أمان لأهل الجانبين » .
السلام على الإمام التقي الطاهر أبي محمد الحسن العسكري ورحمة الله وبركاته.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=41446
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 01 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18