• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : قامة معرفيّة في عودٍ إلى الجذور .
                          • الكاتب : عماد يونس فغالي .

قامة معرفيّة في عودٍ إلى الجذور

يقدّم المطران مارون ناصر الجميّل كتابًا جديدًا في عالمٍ هو أحد أئمّته الفكريّة! مطرانٌ مارونيّ باحثٌ في عمق كنيسته وتشعّباتها تأسُّسًا ونشأةً ومسيرةً شاقّة عبر الاضطهادات والصعوبات، لم تنِ تُثبت صحّةَ عقيدةٍ مستقيمة في وجه رياح الاتّهامات وسوء الاعتبار! هو باحثٌ كرّس تعلّقَه بكنيسته وتخصّصَه الأكاديميّ لتاريخ أمّةٍ انتمى إليها، وهو خادمُها اليوم في ملء الدرجة المقدَّسة! 
عاد المطران مارون ناصر بكنيسته إلى ولادتها في مؤلَّفاته، جاعلاً لها إطارًا تاريخيًّا وإنسانيًّا، ومكانًا ثقافيًّا وعقائديًّا أثبتت من خلالهما نفسها شعبًا مرضيًّا لله! وفي بحثه الذي بين أيدينا، يغوص المؤلّف في عودةٍ إلى الجذور المارونيّة العميقة، حيث يعرض لأعلام موارنة لم يصنعوا التاريخ المارونيّ فحسب، لكنّهم أرسَوا أعمدةَ أمّتهم على صخرة الثبات وأعلَوا مداميك الإيمان على أسسٍ لاهوتيّة وليتورجيّة لا تتزعزع!
"المؤلّفون الموارنة في العصر العثمانيّ" رَجْعُ صدى قولةٍ: "عالِمٍ كمارونيّ". صيتُ شعبٍ علا في أصقاع المعمورة حتى وصل عاصمة الكنيسة الجامعة، روما. وجعل المطران الجميّل كتابه مادّةً معرفيّة في وجهَين: هو كتاب مطالعة، يمكّن القارئ من الإبحار فيه دون جهدٍ فكريّ خاصّ، يستمتع بتلقّفِ معلومات تعود به إلى الأصول المارونيّة تاريخًا وعقيدةً، تُهديه جديدًا ببساطةٍ فائقة! وهو أيضًا كتابٌ مرجع، يقدِّم ثوابتَ علميّة تصلح ركيزةً لكلّ بحثٍ أكاديميّ أو دراسةٍ جديّة، لإثبات نظريّة يشوبها عيب أو اكتشاف حقيقة يساورها شكّ!  
كتابٌ منهجيّ توزّع في مضمونه على المؤلِّفين الموارنة خلال قرونٍ ثلاثة: السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر. واتّبعَ لكلّ مؤلّف تصميمًا موحّدًا: المراجع التي تحفظه، حياته التي تكوّن الصورة المتوافرة له، وجدولاً فائضًا بمؤلّفاته وتراثه! بحيث تكوَّنَ كلّ مؤلّف قامةً مارونيّة أغنى كنيسته بمخزونٍ على ما أعطاه الله من قدُرات تاجر بها ربحًا وافرًا أعلى اسمَه ورفع شأنَ أمّته! 
قدّم للكتاب المونسنيور بولس الفغالي، في مطالعةٍ سكب فيها عصارةَ حبّه الدفين لكنيسته، ببحثٍ علميّ في تاريخيّتها وصحّة عقيدتها وشهادة إيمانها! تقديمٌ أشبه بدراسة كاملة، شكّلت في الكتاب جزءًا أساسيًّا، أدخل القارئ في إطاره الحقيقيّ ودفع عنه كلَّ انتقاصٍ من شأن الكنيسة المارونيّة شعبًا ومؤسّسة!
وأبدع المطران مارون ناصر في مقدِّمة عامّة، يطوي الصفحات عارضًا لنشأة الموارنة وظروف عيشهم، إلى 
تشكُّل هيكليّة تنظيمهم كنيسةً بطريركيّة، والتفاف الإكليروس والشعب حول المقام البطريركيّ في أماكن تواجده عبر العصور. ولم تَفُتْ صاحب الكتاب وحدةُ الكنيسة المارونيّة مع كنيسة روما وثبات تعلّقها بكرسي بطرس!  كما لم يغفلْ عن دور الموارنة الرائد في الانفتاح على الخارج، في انفتاح الشرق بتنوُّع انتماءاته على الغرب المسيحيّ، وإغنائه الفكريّ والسياسيّ والدينيّ بالحداثة المتوافرة في أوروبا، وما يمكن أن تُعلي من الشأن الإنسانيّ في المنطقة!
المطران مارون ناصر الجميّل، شكرًا لكَ! على ما تهدينا من كنوز معرفيّة في هويّتنا، فنبقى أمينين لأصالتنا بتميُّز دورنا الأساسيّ في تكوّن ثقافة الشرق، وتشكُّل وطن لائق بإنسانه الذي وُلد على ملء قامة صورة الله في شهادةٍ مستمرّة للحقّ، ورسالة على امتداد العالم تنشر الحياة كرامةَ الناس!



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=41479
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 01 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28