أطنَـان الأمل تُـزجي لنَـا ضحايا البَوح سَرابـاً قاتـلاً لا يحـوي سوَى صَمت الحياة برُوحه، حتّى إذا باتَ السّراب يقينـاً زادَت أثقال البَسمة المُـوجعَة على رُوح السّراب، يتكهّن أنّ البَسمة حَـرام في حقّ الأمل! وعلى أعتَـاب الأمل المُخيّم على حُدود الطريق، كانَ لـزاماً علينَـا أن نُـوقظ فَـتيل المَسير عبرَ أثير الخُطواتِ النّـاعسَة، انعكَاس نُـور الصبَـاح على السّراب يبدُو خافتـاً اليَـوم، بَـيدَ أن الطريق لا زالَ يضيئـهُ نُـور الأمـل! لا شيء يدفـعُ فينَا العَـزم على مُـواصلَة الطـريق سوَى خط النهاية الذي لَم نرهُ بعد ، لكنّ فتيلَ الصّـدى الذي يتقمّص دَورَ المُـشجع دائمـاً أصبَـح رفيق الدّرب، يعَـاودُ الـنّحيبَ لو توقفنَـا على ثَـرثرات السّراب المُـوجعَـة، لنتكئَ من جَـديد على بقَايا عظام الذين عصَـوا أمــرَ الحيَـاة فخانتهُم أمَـانيهم ليتَـوارى كلّ ما قـالوا خلفَ التّراب، ونقفُ نحنُ بفَضل عظامهم سَـائرينَ ذات الدّرب نتَـعلم من مَـوتهم الكَـثير كَي نبقَى عَلى قَـيد الحيَـاة! سأحكي لو رأيتُ الصحَـارى تلفّني ذاتَ ضَـباب، وسأقسمُ بحقّ "المَـاضون" علَى ذات الطريق أن الوصولَ لا يكونُ إلا بيَـدٍ من حَـنين، سأجرّ خلفَ الأمل أمَـل ومـع الوُصول فرحٌ عـارمٌ لا يفنَى لـو غبتُ عن الـدّنيا، وسأقبسُ فرحَـتي وضحكـتي من مشكاةِ البَسمة المَسروقـة على ذَات الطـريق، وسأصنعُ بسمـةً تُـنير للعَـابثين بخُيوط الشّـمس نُـوراً لا يخبُـو لـو مَـلأ الظلام أرجَـاء السّماء، سأعـيدُ عُـنفوان الضّـياء سَريعاً وسأخيط البَـياض راياتٍ تحجبُ الظلام لـو حاولَ أن يُـنسينَا تفَاصيل المَكان! لا يُمكنُ للـتّيه أن يُجـاوزَ ثقـتيَ العَميـاء بالمَصير، القَدر يَحكي لنَـا تفَاصيلَ نهَـايةٍ كَـانت بدايتنَا على أنقَاضهَـا، فلنتعَلم إذاً، ولنسلك من المسَارب مَـا يحملُ السّكينَـة والرّحمَـة فيـه! لنَعتبر ممّن قضَى نحبــهُ علَى جُمل العصيَـان، حتّـى نذُود من السّـراب إلى بَـرٍّ وارفِ السرُور، ولنكمل حكاية الـفَرح بالـوُصول ولو بعدَ المُحاولـة الألف، ولنَمزج من تَـباريح سكرات الغانمينَ حيـاة فضلى تنير بعَسجد عِـزتها كـرَامـة الـرّقي والأنفة. لنـكن ممّن تبَـاهى السّراب بلقيَـاه، وممّن زالَ معضلة اختَـلاط أنساب الطيفِ والظـلال بمَعالم حيَـاته، لنَصنع للبَـاقين حيَـاة أو شبهَ حيَـاة! فتيل الأملِ يَبـقى، اربط زمَـام أملكَ على طـول الطريق حتّـى لا تكونَ سامرياً فِي وصُـولك، ثمّ تبـَاهي عـندَ خط النّـهاية بالـوُصـول!
لوحة لسفجريد زدماك
كتب النص لهذه اللوحة |