• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : المذهب الرومانسيسي .
                          • الكاتب : هادي جلو مرعي .

المذهب الرومانسيسي


 يضحك الرجل الذي أتعبته السنين وأجهده نظام حسني مبارك بملاحقاته وبحجم التشهير والتشكيك الذي عاناه طوال عقود من الزمن ، ويوقل لمراسل التلفزيون ، بصراحة أردت أن أصوت بالرفض للدستور المصري الجديد لكي أصنع نوعا من الإختلاف، فحين ذهبت الى مركز الإستفتاء وجدت إن الجميع كان يؤشر (نعم) وقلت ،لأضع ( لا) فتكون مختلفة لكن زوجتي نهرتني وقالت ضع ( نعم) ولأني أخاف من (مراتي) فقد فعلت ماطلبته مني بالضبط، ويضحك بصعوبة .

سعد الدين إبراهيم رئيس مركز إبن خلدون ناشط في الدفاع عن حقوق الإنسان وعن الحريات العامة وحرية التعبير كان شكل لجنة في مركزه لمراقبة عملية الإستفتاء على الدستور المصري الجديد الذي ينتهي به عصر مجموعة دينية حكمت مصر لعام واحد، ثم فوجئت بنصف تعداد البلاد يخرجون الى الشوارع، ويرغمون الجيش ليتدخل وينهي المواجهة التي تركت أثرا عميقا في البنية السياسية والإجتماعية لمصر ولسنوات قادمة، دون إغفال مالهذه المجموعة من أنصار ومريدين ومافي جعبتها من رؤى وتصورات للحكم لم تقنع الشعب .

للوهلة الأولى قد يعجب البعض من طرح مسألة تأثير نبرة صوت عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع والمطالب بالترشح لرئاسة مصر الهادئة والحانية والتي تغيظ الرجال بينما تبهر النساء وتأخذ بمجامع قلوبهن، ولأن السيسي قائد عسكري، وهو في مرحلة هجوم شامل على جبهات قلوب المصريين فقد جند معه الناطق بإسم القوات المسلحة العقيد الوسيم (أحمد محمد علي)  الذي يخرج بين حين وآخر ليتلو بيانا في الشعب تتلقفه النساء قبل الرجال، حتى ثارت ثائرتهم وصاروا يطالبون بإستبداله بآخر أكثر قسوة ووقارا وخشونة، وليكن من ورثة الفراعنة لا من مدينة الإنتاج الإعلامي . ذلك لم يحدث، وتأسس مايمكن ان أسميه (المذهب الرومانسيسي) .

هذا يفسر لماذا كانت زوجة سعد الدين إبراهيم تقول لزوجها، أن يصوت بنعم ، ولماذا قال إبراهيم ، أنا بخاف من مراتي ؟ فالرجل السيسي تحرك في وقت كانت مصر تموج وتضطرب ويتنازعها تياران ( الإسلام السياسي ) غير القادر على محاكاة كل المصريين، ويريد فرض شروط حكم جديدة على شعب تعوّد الإعتدال عبر آلاف من السنين، حتى إن حاكمه سمح لأبناء يعقوب أن يسوسوا مصر، ومنح منصب رئيس الوزراء لنبي الله يوسف، وهذا مايبرر بقاء التيار الثاني المناوئ للإسلاميين في بلاد كلها إسلام وصلوات ومراقد وقباب ومنائر ومقامات ومدارس دينية تنشر الإعتدال والتسامح، ولاتقبل بالتطرف الأعمى أن يتغلغل الى عقول أبنائها ليحولهم الى مجموعات من البشر المعطلين، ليس لهم من هم سوى صناعة الخوف، وتقديم الإسلام بصورة تأنفها النفوس والعقول .

الرومانسيسية الجديدة ليست مذهبا نقديا في الأدب والمعرفة وحسب، بل هو جامع لشرائط التفرد في جذب النفوس والعقول، الى نوع مختلف من التفكير هدفه ليس الإتيان بالجديد، بل العودة الى مذهب الإعتدال في أنماط التعامل مع الآخر، وفي نشر المعارف، وفي مناهج التفكير الديني والأدبي الذي هو نتاج مصري خالص . الرومانسيسية الجديدة تسعى لتحافظ على المنتج المحلي ليصمد في مواجهة فكر الخرافات والتيبس واللحى المكتظة بالوسخ والعفن. هكذا يراه المصريون ،وليس مهما كيف أراه أنا .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=41775
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 01 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 2