• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : العقل العراقي أولاً .
                          • الكاتب : حيدر حسين الاسدي .

العقل العراقي أولاً

أظهرت دراسات حديثة نشرتها  شبكة "غود نت" عن ترتيب دول العالم وفقاً لمعدلات الذكاء، إن الشعب العراقي يتصدر قائمة البلدان العربية الأكثر ذكاءً! تليه الكويت ثم اليمن، فيما تشترك السعودية والإمارات والمغرب في الترتيب  نفسه وهو 24 على مستوى العالم.
الدراسة استخدمت المقياس العلمي الشهير "الآي كيو"، وهو ما يعرف بمتوسط نسبة الذكاء "IQ"، وبعيداً عن رمزية مقياس " IQ"! فقد كشفت الدراسة عن تصدر العراقي قائمة البلدان العربية، بمتوسط 87 درجة مما جعله يحتل المرتبة 21 عالمياً.
إلا إن زحمة الاضطرابات الأمنية والصراعات السياسية، جعلت الخبر يمر في نشرات الأخبار مرور الكرام، لم يلتفت إليه أحد ولم تسلط عليه البرامج الحوارية الضوء، التي لطالما أثقلت مسامعنا بنقاشات عقيمة، وسباب وصراخ واتهامات لا تنتهي، وأعطت الأولويات لكل ما هو سيء وسلبي في حياة العراقيين، متناسية ان عقول شعباً صنع الحضارة وأخرج المبدعين والعظماء، ما زالت تنبض بالعبقرية والإبداع، وهي قادرة ان تحقق المستحيل فيما لو توفرت بيئة مستقرة وآمنة.
ما ينقص أبناءنا ويعيق إبداعهم ومهاراتهم عدت عوامل: يأتي في مقدمتها الوضع الماضي والراهن، الذي خلق جيلاً متخوفاً متردداً، يخشى أن يُبدع ليُعتقل، أو يَبتكر ليموت، فكم من عبقري ضاع في غياهب سجون الطاغية؟ لاكتشاف علمي صنفته الأجهزة القمعية خطر يهدد النظام ورأسه، وكم من كاتم في وضح النهار اختطف من بيننا عقول لا تقدر أفكارها بثمن؟
لقد استهلكت عقولنا طاحونة الصراعات، وتحولنا لآمة تلبس الجهل وتدعيه، وبداخلها أرقى وأفضل العقول، فيما العالم عرف كيف يستثمر عقولنا العراقية ويحتضنها، لينميها ويرعاها ويبني بها صروح مجده، ويصدرها  تحت مسمى ابتكاراته.
ضاع ما ضاع منا من فرص وعقول، وتأخرنا بما يكفي لان نعيد حساباتنا، ونلتفت للموجود من حولنا ونرعى ثرواتنا العقلية، ومقدرتنا التطورية، فلا تبنى بلادنا الا بسواعد أبنائها، ولا يحمل همها الا رجالها الذين يشغلون تفكيرهم بكل ما يطورها ويرتقي بها.
المسؤولية تضامنية لا يستثنى منها احد، الحكومة عليها رعاية العقول والتنقيب عنها، لتستثمر كواحدة من الثروات الثمينة لا تضاهيها كل كنوز الأرض، ومن واجبها تقديم ما يصقلها وينميها، لتخصص نسب عالية من الميزانيات السنوية بشكل استثمار، يعود للبلد بأضعاف ما انفق عليها، هكذا هي السياسة العلمية الناجحة، التي لا تزال بعيدة عن تفكير المخططين، ممن يملأون خططهم بمشاريع آنية ويتركون الإبعاد الإستراتيجية لتطوير العقول.
ومؤسساتنا العلمية والمعرفية مطالبة بالسعي لتشجيع ودعم القابليات الفكرية، واكتشاف المواهب لتكون جزءاً من منظومة التطور العلمية في العراق، أما الإعلام فهو لاعب مهم تقع عليه مسؤولية الترويج والتشجيع، للطاقات الفكرية فيكون عاملاً مساعداً، يدفع الجميع للتنافس والسعي، لتقديم الأفضل وقطف ثمار عملهم، من خلال كلمات الشكر والثناء والفخر، التي يتفاعلون معها بصورة مباشرة.
من لا يؤمن بقابلية العقل العراقي ومقدرته، عليه مراجعة صفحات التأريخ القريب، ليجد ان العراق بعبقرية شعبه كان الأول عربياً في البناء والعلوم العلمية والمعرفية، وطلبتنا هم الأبرز في بعثات الجامعات العالمية، في زمنٍ كان الكثير حولنا من البلدان، تعاني الجهل والتخلف والخراب، لذا الإرادة والعزم هي حاجتنا لدفع العقل العراقي ليبدع من جديد.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=41910
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 01 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20