• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : دوار اللؤلؤة ... ميدان الحقيقة .
                          • الكاتب : صالح الطائي .

دوار اللؤلؤة ... ميدان الحقيقة

 تأثرا بالنمط الغربي في تخليد وقائعهم المهمة بالنصب والتماثيل، قامت حكوماتنا العتيدة بتخليد بعض وقائعها السوداوية بنصب وتماثيل وضعتها في الساحات العامة لتذكر الأمة بأنها موجودة، وجاهزة للتصدي لكل عمل شريف.واحد من هذه النصب هو (نصب اللؤلؤة) البحريني الذي وضع في دوار سمي باسم (ميدان اللؤلؤة) 
جاءت فكرة النصب المكون من ستة أذرع تحتضن لؤلؤة وترفعها إلى الأعلى في أوائل ثمانينيات القرن العشرين لتوثيق جلسة تأسيس ما يعرف باسم (مجلس التعاون الخليجي) المكون من ستة أعضاء هم (البحرين والكويت والإمارات والسعودية وقطر وعمان)  وأقيم النصب في المكان الذي اختير بداية بعد عملية (الدفان) التي شهدتها المنطقة لإنشاء أول خط سريع للسيارات في البحرين سنة 1982  
يتكون النصب من ستة أضلاع بارتفاع 36.2 مترا في أعلاها لؤلؤة مجوفة مصنوعة من مادة الفايبر كلاس تزن  نحو 100 كيلوغرام، تشير إلى مهنة الغوص لاستخراج اللؤلؤ الذي كان يمثل عصب الحياة الاقتصادية في دويلات الخليج قبل اكتشاف النفط، حيث كانت هذه الدويلات مجرد تجمعات سكانية متخلفة حضاريا، صحراوية، بدوية، قبلية، تتنقل بواسطة الجمال والحمير، وتسكن الخيام والأكواخ الطينية، وأقيم النصب على قاعدة خرسانية تبلغ مساحتها 27 مترا تحيط بها النافورات والإنارة الحديثة
تاريخيا شهدت المناطق القريبة من مكان الدوار أحداثا سياسية منها مثلا منطقة (السنابس) غربي الدوار التي شهدت انتخاب قادة أول تنظيم سياسي في البحرين تحت اسم (هيئة الاتحاد الوطني) لتمثيل جميع الأطياف البحرينية عام 1954 وفي عام 2001 شهدت منطقة (النعيم) جنوبي الدوار لقاء (حمد بن عيسى آل خليفة) مع بعض علماء الشيعة حيث تعهد (حمد) خلال اللقاء أن يكون المجلس القادم منتخب تشريعيا ومعين استشاريا، فضلا عن طمأنتهم على تفسير بعض البنود التي جاءت في الميثاق مقابل أن يدعون إلى التصويت بـ(نعم) للميثاق. 
ونظرا لأهمية موقع الدوار الجغرافي أصبح في 14/2/2011 مركزاً لاعتصام شباب (الرابع عشر من فبراير) حيث يشكل الدوار شريانا رئيسيا للتنقل داخل المنامة من خلال مداخله الخمسة القادمة من المحافظات الجنوبية والوسطى والشمالية والقادمين من جنوب العاصمة. وهو الأمر الذي أرعب حكام البحرين الذين أرسلوا
يوم الخميس 17/2/2011 قوات الجيش والشرطة لفض الاعتصام بالقوة باعتبار أنه (غير مرخص ومخالف للقانون ويؤثر على حركة المواطنين والمقيمين والتجار) وأدى فض الاعتصام إلى سقوط ثلاثة شهداء وإصابة 231 بجروح، ولكن المعتصمين أعادوا الكرة يوم السبت 19/2/2011 وقامت قوات الشرطة بالتصدي للمتظاهرين الذين حاولوا الوصول إلى الميدان من مجمع السلمانية الطبي، والسنابس فاندلعت المواجهات العنيفة, حيث قال مصدر طبي لـ(رويترز) إن ما بين (60 إلى 80) شخصاً نقلوا إلى المستشفى بعد تأثرهم بغازات مسيلة للدموع أو إصابتهم بأعيرة مطاطية
بعد 30 يوما وفي 17/3 بالتحديد وبعد أن وصل مدد قوات ما يسمى بـ (درع الجزيرة) الإرهابي إلى الأراضي البحرينية قامت قواته بالتعاون مع القوات العسكرية البحرينية باستخدام القوة المفرطة، والذخيرة الحية، وكافة أنواع الأسلحة بما فيها الطيران الحربي لـ((تحرير)) ما أطلقت عليه اسم (ميدان مجلس التعاون الخليجي) من ((احتلال)) المحتجين الشيعة الذين كانوا يحملون المصاحف ويهتفون (سلمية ... سلمية) و (بالروح بالدم نفديك يا بحرين) كما أخلت شوارع رئيسية أخرى في العاصمة المنامة، كان المحتجون يتواجدون فيها، ولم ((تتسبب)) هذه المواجهات الدموية العنيفة كما يقول الإعلام (الصهيوني العربي) سوى بمقتل 3 من أفراد الشرطة البحرينية (الأبرياء) ومثلهم من المحتجين (المجرمين).
ولم تكتف الحكومة العميلة بتغيير اسم الميدان الذي يرمز إلى المنظمة التي ولد منها درع الجزيرة الإجرامي، بل عمدت يوم 18/3 إلى  تدمير وإزالة النصب بالكامل حيث جندت لهذه العملية عشرات الآليات والجرافات الثقيلة وعشرات الشاحنات لنقل الركام إلى الصحراء، لكي تمحو ذكر الثورة الشعبية الخالدة، وتزيل آثار جريمتها النكراء ضد البحرينيين الشرفاء العزل الذين يطالبون بالإصلاح في بلد تقوم منظومته الحاكمية على نظام حكم أسري دكتاتوري طائفي فاسد ومتخلف، مشهور بتهتكه ومجونه، حول البلد إلى ماخور كبير يرتع فيه الصهاينة والمترفون السعوديون والخليجيون والمجنسون الآسيويون والأفريقيون، ويرتكبون كل المحرمات التي نهى عنها الله. جاهلة أو متجاهلة أن الدماء البريئة التي سقت أرض الدوار لن تقتلعها الجرافات، ولن تمحو ذكرها، وستبقى منارا للأجيال تدفعهم للتصدي للنظم العميلة، وصور الشهداء الذين مزقت أجسادهم الأسلحة المحرمة لن تمحى من ذاكرة التاريخ وستبقى تستنهض همم الشباب ليطيحوا بالرؤوس العفنة ويرسلونها إلى مزبلة التاريخ وإن طال الزمن. 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=4204
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 03 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28