• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الوحشية الإنسانية ..ثقافة النكوص والتخلف .
                          • الكاتب : ليالي الفرج .

الوحشية الإنسانية ..ثقافة النكوص والتخلف

في السادس عشر من هذا الشهر يناير كانت واجهة الموقع العالمي الأشهر جوجل تبرز أحد أبرز الأسماء العلمية ضمن علماء  دراسة سلوك الحيوان، إذ كانت ديان فوسي(Dian Fossey)، الخبيرة الأمريكية الشهيرة في تخصصها، تأتي ضمن أهم العلماء الذين عاشوا في الغابات لسنين من أجل دراسة سلوك الغوريلا، حيث أمضت حوالي 18 عاماً في الغابات الجبلية من رواندا، وتمكنت بقدراتها ومهاراتها التخصصية من تحقيق دراسة رصدت عبرها محتوى علمي رصين، ظهر في عام 1983م على شكل كتاب بعنوان ( الغوريلا في الضباب Gorillas in the Mist)، والذي ظهر كمنتج سينمائي  بنفس العنوان في عام 1988م، أي بعد رحيل ديان في 1985م.

والملاحظ أن ثمة منجزاً لافتاً في موضوع الدراسة، تمكنت فيه ديان بذكاء وقدرات جريئة ومغامرة من تكوين  مناخ بيئي جامع، تعايشت فيه مع هذه الحيوانات التي قد يصل سلوكها أحياناً إلى درجة عالية من الوحشية، إلا أن ما تحقق مما يقارب الاستئناس والتآلف في غابات تعيش فيها هذه الحيوانات على الكرفس وسيقان البامبو، مما جعل هذه الخبيرة تعايشهم سواء في أصواتهم و بعض حركاتهم أو في غذائهم.

والحقيقة أن حديثنا له يعنى بما وصلت إليه الإنسانية المعاصرة، التي تجلببت في ظاهر أمرها بالعلم والنقلات النوعية في المعرفة وتكنولوجيا الاتصالات ونحوها، من سقوط كارثي مازال يتوغل في ذبح مفهوم الإنسانية بكل مبتنياته وبجميع معانيه، ويتغوّل في سفك الدم الإنساني بكل همجية وعنف لا يمكن تصوره في كتب الأساطير التاريخية ذات العلاقة.

إن المعادل الموضوعي لهذه الوحشية هو ثقافة الكراهية وذبح ثقافة المحبة والتسامح على مقاصل التوحش البشري الدامي الذي باتت صوره تتنوع في أكثر من مشهد لا يمكن بحال من الأحوال أن يتصل ولا بمفردة من مفردات المعجم الإنساني الكريم.

وحين يحدثنا أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام عن أحد أهم مبادئ التعايش في إطار الإنسانية الكبير، بقوله كما جاء في كتاب نهج البلاغة، شرح الشيخ محمد عبده، بأن: " الناس صنفان، إما أخٌ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق"، فإن استنطاق هذا المبدأ وترسيخ مضامينه في وقتنا المعاصر، بل وفي كل وقت، ينقلنا إلى منهج وعي فريد في مسيرة الإنسانية، ويسهم في تنمية المشاعر الإيجابية في العلاقات التبادلية إنسانياً.

إن مشاهد قطع الرؤوس التي تنتشر في الفضاء الافتراضي وفي القنوات الفضائية ووسائل الإعلام المتنوعة، تشير إلى مرحلة سلوك وحشية، ونكوص أخلاقي شديد، وانحدار حاد وعنيف في منحنى العلاقات الإنسانية بالنسبة للزمن، مما يضع المسؤولية على كل إنسان، في أن يسهم في تصحيح هذه الثقافة التي لا تأت لا بخير ولا صلاح، بل بشر وفساد كبيرين.

إن ثقافة العنف لا يمكن أن تبني أبداً، بل إن ما يعلي صروح الأمم ويحقق رسالاتها هو كل فعل أو قول أو سلوك يرسخ جذور الثقافة التسامحية، ويحافظ على المقاصد الكبيرة للدين والإنسانية، ويرفض ثقافة العنف التي تمزق مشتركات الأمم، إذ لسنا في العصور العصور الوسطى أو تلك البدائية.

 ومن هنا فإن التفاني في نشر رسالة الوعي الإنساني كمنظومة تآلف وتعايش في دينامية الفعل وإشراقة القول، تقطع الطريق على المتوحشين وأضرابهم.


كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : وسام الركابي ، في 2014/02/24 .

موفقين



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=42264
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 01 / 31
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28