• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الحوار، ما فحواه؟ .
                          • الكاتب : عبد الصاحب الناصر .

الحوار، ما فحواه؟

 الحوار هو التفاوض بين شخصين أو أكثر أو أطراف، يهدف إلى التوصل إلى تفاهم، و حل نقاط الاختلاف وبالتالي إلى نتائج و التوصل الى اتفاق على مسارات العمل، او المساومة من أجل ميزة فردية او جماعية، و صياغة نتائج لتلبية المصالح التي اختلف عليها الاشخاص / الأطراف المشاركة في عملية الحوار/التفاوض. وعن طريق التفاوض يحاول كل طرف كسب أكبر ما يمكن لصالحه. و عادة ما ينجم  عن التفاوض هو الوصول إلى حل وسط بشرط ان يكون لكل  طرف  من الاطراف هدف واضح متفق عليه منذ البداية. فمثلا مصلحة البلد او المصلحة العامة او الموازنة  لكونها ضرورية لصالح كل الشعب او الاتفاق لحقن الدم العراقي . اي الاتفاق على المبادئ العامة المشتركة لكل الاطراف .

الا ان ما نراه في العراق اليوم ومع كل الاسف قد فقدت هذه الكلمة معناها و فرغت من فحواها، فمثلا اذا كان الحوار هو للتفاوض على نقاط الاختلاف للوصل الى الحلول المرضية للجميع فهل هناك مكان أفضل و اوسع و اقدس من قاعة مجلس النواب؟ المكان الذي قدسيته من قدسية الشعب العراقي كله من محافظات و اقليم و اقضية و نواحي … الخ . فما معنى من يترك هذا المكان المقدس ليخل بتكملة النصاب؟ ولماذا إذاً ترك قاعة المجلس لمنع إكمال النصاب و لا تعقد الجلسة في وقت  هم  يقرؤون القراءة الاولي فقط  لمشروع قانون اللموازنة اي لا مجال للتصويت عليها لتصبح قانونا ملزما و لكي لا يقع الانفراد بالأكثرية النيابية؟ نعم هذا ما يسميه البعض بـ(دكتاتورية الاكثرية)، و كثير من اعضاء الكتلة الكردستانية! و بكلمة اخرى اذا لا يعتبرون مجلس النواب هو اوسع و اشرف مكان للتفاوض والتفاهم،  إذنْ، كيف سيتفقون على نقاط  يختلفون عليها  يتفاوضوا على حلها؟ .

اول من جرد مجلس النواب من هذ القدسية هو السيد عمار الحكيم، و كلنا نتذكر دعواته المتكررة الى الجلوس الى الطاولة المستديرة. لكن عمار الحكيم بعد ان ورث الشرعية ميراثا و ليس عن جدارة أو كفاءة وصناديق الاقتراع ، فالرجل لا علم له بالديمقراطية و اساليبها و قدسيتها وكيفية عملها في حل الصراعات والنزاعات. اما الاخوة في التحالف الكردستاني فمنذ التحرر من قبضة جرد ابن العوجة قبل اثنى عشر عاما، وقبل ان يستعيد العراق عافيته و حريته، فهذا امر غير مقبول في اي نظام ديمقراطي في العالم المتحضر. اذاً فهو اخلال بالحوار والاسلوب الديمقراطي الذي يتبجح به الساسة العراقيون. فهو تفريغ لفحوى الحوار الديمقراطي. و لاثبات ما ابغيه هنا، فبعد اخلائهم بالنصاب يتفق المحاورون على التفاوض خارج مجلس النواب، أي عملية إلغاء دور البرلمان في حل الخلافات بالآليات الديمقراطية. وهنا تأخذ عملية الحوار مساراً بطيئاً غير معقول، منها اسنهلاك وقت طويل لتشكيل الوفود المتفاوضة و وصولها الى بغداد، وعندها يتنفس الشعب العراقي الصعداء و يحدوه الامل ( في كل مرة) تعقد اللجان اجتماعا كان من المفروض به ان كل طرف جاء بنقاط لطرحها والإتفاق عليها. و في كل مرة لا تتفق الاطراف بحجة ضرورة العودة الى القيادة القابعة في اعالي الجبال للموافقة، و كأنه لا توجد مواصلات هاتفية و شبكات النترنت و قنوات تلفزة خاصة لنقل الحوار مباشرة بين المتفاوضين وقياداتهم القابعة في قمم الجبال!!ّ بينما استطاعت تقنية نقل المعلومات في العالم مشاهدة عمليات جراحية من صالات عمليات من مستشفى للعيون في موسكو الى قاعات دراسات الطب في جامعات امريكية،  مع الحوار و النقاش بين الطلاب و الاساتذة من مختلف أنحاء العالم. فيتصرف السياسيون العراقيون  وكانما مازلنا في القرون الوسطى أو حتى أواسط القرن الماضي عندما  يريد المسافر من الهندية  أن ينتظر قطار الدرجة الثالثة القادم من المدحتية و ركابه النازلون الى الناصرية حيث ينتظر  ركاب القطار الاخر القادم من محطة أخرى. فما هذا  الضحك على الذقون  يا نواب العراق؟ 

و هناك القائد الضرورة الاخر، السيد مقتدى عندما يقرر من سيرشح من مواليه للانتخابات  القادمة قبل الانتخابات و بعد الانتخابات يقرر ممن يسحب عنه عضوية مجلس النواب . ثم يسافر ليتنقل بين النجف الاشرف و أربيل و يعود بهم الى النجف الاشرف للتفاوض من جديد ثم يتنصل من المفاوضات و يدعو الى اجتماع عام لكل القوى العراقية للتفاوض ثانية وثالثة و التفاهم  من جديد على  اقتراح التفاوض بدون مؤازرة  من مجلس النواب، و يتفقون على قرارات ما، وليضرب هذا الاتفاق عرض الحائط و يدعو الى  تفاهم موسع جديد ربما لينضم اليهم اعضاء مجلس العموم البريطاني، يا  سلام!.  عن اي تفاهم  انتم تبحثون اذا انتم لا ترغبون باي اتفاق وكان ما يجري هو حوار بين الطرشان. هذا ما اكتب عنه، عن تفريغ الحوار من مفهومه ومن محتواه .

يسافر السادة النجيفي و المطلك الى امريكا كحجاج بيت الله، للدعوة الى حوار القوى الوطنية في العراق، هنا يبرز سؤالان مهمان جدا، الاول، هل مجلس النواب العراقي هو مرحلة ابتدائية من مراحل عضوية مجلس النواب الامريكي؟ و الثاني، هل الحل والفصل لكل شؤون العراق بيد امريكا؟ وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا يتبجح هؤلاء برفض الحلول الامريكية و يدعون الى مقاومة الاحتلال؟.

ربما نحن غافلون عنما يحصل في العراق من فهم  لفحوى و مبادئ جديدة للحوار، أم هو تفريغ متعمد لفحوى كل المبادئ العالمية الاساسية للديمقراطية؟؟

كذلك، هناك التجاوز الصارخ  الجديد لمحتوى و مفهوم الدولة عندما يدعو السيد عمار الحكيم لتسليح اهل الانبار و كأنهم مواطني دولة أخرى يعتدى عليها من الدولة الكبيرة الغاشمة المجاورة حين تتقاعس الامم المتحدة في نصرتها  لذا يهب (لوحده) السيد عمار لنصرتها فيطمع في وسام نوبل للسلام  كما حصل للسيد ابو عمار ! .

نعرف اليوم عن حالات الترقيع السياسي والاداري التي تحصل في العراق، لكننا لم نلتفت كثيرا لمحاولات تفريغ المفاهيم الديمقراطية ومؤسساتها الدستورية من محتوياتها. فمن المعروف في الدول الديمقراطية أن مجالسها البرلمانية هي الأماكن المناسبة الصحيحة لحل كل مشاكل الشعوب، الا في العراق حيث يعتبر اكثرية النواب العراقيين ان مجلس النواب هو مكان قبول او كافتريا للقاءات الاجتماعية وليس مكاناً لحل مشاكل الشعب، ففي هذا المكان يتبرع احدهم للآخر بثمن الشاي او لفة الغداء، كما عرض مؤخراً إعلان دعائي لشركة هواتف عندما تبرع طفل صغير لصديقه فيقول للبائع (خلي لفته عليَّ




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=42302
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 02 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 3