• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : تحية لمجلس الوزراء العراقي .
                          • الكاتب : هادي جلو مرعي .

تحية لمجلس الوزراء العراقي

 
وقفت السيارة الفاخرة قبالة الأورزدي باك كما إعتاد أهل بغداد تسميته
،وكان الملك غازي بن فيصل يجلس في المقعد الخلفي، كانت السيارة الفاخرة
الأخرى المتألقة واللاهثة تحت الأضواء قد أبهرت ناظري الملك الشاب الذي
سيقتل لاحقا حين يصدمها بعامود كهرباء كما أشيع عن مقتله في العام 1939
ويخلف العراق بلا ملك، ولايكون العرش إلا تحت وصاية شقيق زوجته المرحومة
عالية، بينما الصغير فيصل الثاني ينمو رويدا دون أن يعرف إن مقتله على يد
العراقيين سيكون وهو في مقتبل الشباب وريعان الحياة. كان الشيخ الكبير
يتحدث لي عن مأساة العائلة الحاكمة في العراق مستذكرا لقاء وجهاء البلد
بشريف مكة في حينه الحسين بن علي طالبين مباركته بتولية إبنه فيصل الأول
ملكا على بلادهم المضطربة تحت نير الإحتلال، قال الشريف حسين، أما فيصل
فخذوه، لكني أخشى عليه من مصير كمصير جده الحسين ! وهذا ماحدث بالفعل،
فقد قتلت العائلة بأجمعها بطريقة ربما أبشع من واقعة كربلاء، في كربلاء
لم يتجرأ وحوش الصحراء على قتل النساء والأطفال، بينما تجرأ الإنقلابيون
على قتل النساء والأطفال في قصر الرحاب1958 .
كان الملك غازي شابا، وكانت رغبته جامحة في الحصول على السيارة المعروضة،
وطلب من سائقه الخاص النزول ومحادثة مدير المعرض، الذي رحب به وطلب إليه
أن يستأذن الملك بتشريف المعرض وإجراء خصم من قيمة السيارة التي كان
ثمنها 1500 دينار، ولم يكن المبلغ متوفرا للملك! عاد السائق برغبة المدير
لكن الملك رفض النزول، وطلب إليه معرفة الثمن، وكم هو المبلغ الذي قد يتم
خصمه؟ وعرف إنه 10 دنانير وحسب، وأصر غازي على شراء السيارة، وعاد الى
القصر، وجمع نساء العائلة وسألهن عما يمتلكن من مال فكان المبلغ 650
دينارا فقط ،ولم يكن كافيا، بينما فوجئ بسائقه يخبره أن لديه350 دينارا !
وسأله غازي، من أين لك هذا المبلغ؟ هل كنت صائما كل هذه السنين أنت
وأسرتك؟ قال، لا ولكن زوجتي ورثت عن أهلها وأنت مليكي وتستحق أن أدفع
المال كله لك، وافق غازي، لكن المبلغ لم يكن كافيا، وإقترح سائقه مخاطبة
وزير المالية ليقرضه المبلغ، فإستحيا الملك وسأله أن يكلمه هو، وفعل. كان
حديث الوزير إيجابيا، ووافق على الفور، وقال، جلالة الملك، إن خزينة
الدولة كلها ملك لك، والبلاد كلها تحت أمرك، لكني أطلب من جلالتك أن تجد
لي مخرجا قانونيا أصرف لك المبلغ بموجبه؟ خجل غازي، وإستحيا منه، وتلعثم،
ووبخ سائقه، وإعتذر للوزير.
 يذكرني ذلك بطلب قدمه المرحوم الملك فيصل الأول الى مجلس الوزراء، وربما
كان رئيس الحكومة في حينه توفيق السويدي لصرف مبلغ من المال تكاليف علاج
للملك خارج المملكة العراقية، وطلب الموافقة على سفره؟ وافق مجلس الوزراء
على طلب السفر، لكنه رفض الموافقة على طلب مبلغ العلاج، وإستند الى
القانون ،إذ إن الحكومة تصرف مخصصات الطعام والشراب والخدمات الأخرى
للعائلة المالكة، ومن بينها مخصصات العلاج، وبالتالي لايحق للملك طلب
مبلغ إضافي لأن المخصصات مصروفة مسبقا.
يحيا الملك، وتحية لمجلس الوزراء العراقي.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=42628
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 02 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29