• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : عمليات الانفال.. صرخات اهالي الجبال في رمال الصحراء .
                          • الكاتب : جمعة الجباري .

عمليات الانفال.. صرخات اهالي الجبال في رمال الصحراء

رغم مرور 26 عاماً على أكبر عملية ابادة جماعية في الشرق الاوسط، والتي تعرف بعمليات الانفال سيئة الصيت؛ الا أنَّ مشاعر الالم وعذابات الثكالى تتأجج بمجرد أقتراب موعد المناسبة. لاشك أنّ الكورد اينما كانوا على خارطة كوردستان الكبرى، تعرضوا لمثل هكذا عمليات بيد الانظمة الشمولية التابعة لمناطقهم، والتاريخ البعيد القريب شاهد عيان على مذابح كورد الجزء الشمالي في تركيا ايام فشل ثورات شيخ سعيد بيران وثورة ارارات، حيث وئد الكثير من الرجال والشيوخ والاطفال واعدم اخرون وهتكت نساء ورُحِّلَ الباقون الى مناطق بعيدة ونائية وقاسية. ولابد ان القارىء اللبيب يعلم انَّ ثورة البلشفية عام 1917 في السوفيات، وتسنم القائد البلشفي لينن مقاليد السلطة؛ جلب للكورد الخير الكثير وتهنوا تحت راية كوردستان الحمراء من الناحية الثقافية والحرية القومية واحياء البنى التحتية للمناطق الكوردية. الى ان جاء ستالين واحرق في طريقه الاخضر واليابس؛ فأهلك بطريقه القومية الكوردية وانفلهم وذبحهم ونفاهم الى اقاصي صربيا المثلجة. ولو جلنا بناظرنا الى تاريخ العراق، نراه مذابح دامية للكورد في كوردستان العراق، وكوارث مؤلمة للشيعة في جنوبه. 
لاجرم؛ ان مجىء صدام الى السلطة، كان بمثابة لعنة حلت على اهالي العراق جميعاً. وخاصة الكورد. كونه بدأ مسيرته بالاعدامات في صفوف البعثيين اصدقاءه، ثم التفت الى جارته ايران واعلن عليها حرباً دامت 8 سنوات، جرت على اهالينا الرعب والخراب والدمار والعقد النفسية.. طوال 7 سنوات من تلك الحرب، كان يفكر الطاغية في ابادة الكورد، ولكن انشغال غالبية قواته في خطوط الحرب مع ايران؛ حالت دون ذلك، الى ان تسنى له في اعلان دماره الشامل في اجتماعه القيادي بتاريخ 29/3/1987 واعلانه بتنصيب المجرم علي حسن المجيد حاكما عسكريا وحكوميا ومدنيا وأمنياً على كوردستان، فكان ذلك الطامة الكبرى، حيث تسيب الكلب المسعور وزمرته ينهشون في العامة..
لم يكن لدى فلاحي كوردستان البسطاء، الذين اصبحوا ضحايا لعمليات الانفال؛ سيارات فاخرة أو سبائك ذهب مثل التي نهبها قادة الحرب في غزو الكويت! وانما كان لديهم شيئ واحد، وهو "الارض" وكانت هي المقصودة وهي غاية تلك العمليات السيئة. كانت عملية اخلاء تلك الاراضي من سكانها الكورد، تستند الى مفهوم واحد لديهم، وهو: انَّ تلك الاقوام التي تعيش في ظهراني القومية العربية، هي غريبة وليس لديها الحق في المطالبة بحقوق تلك الاراضي، كونها جزء من اراضي خارطة الوطن العربي الكبرى. لذا اصدر (مجلس قيادة الثورة المنحل) في 25/4/1987 قرارا تحت عنوان (انهاء نشاطات المخربين) بـ: اخلاء الشريط الحدودي مع ايران وتركيا وسوريا بعمق 30 كم من كل كائن حي يعيش عليه، وهذا حسب الارقام يعني: تخريب اكثر من 4500 ناحية وقرية مع 24 قضاءً.. 
قام مجيد خلال فترة قصيرة بتنفيذ مهامه (البطولية !!) فاجتمع في 10 من نيسان مع عدد كبير من المسؤولين الحزبيين والحكوميين والامنيين وبلغهم بقرار تسوية تلك القرى مع الارض وجعلها اماكن محضورة امنياً.
 نفذت هذه العملية على مرحلتين:
1- بدأت في 21/4 وانتهت في 21/5. 
2-  بدأت في 21/5  وانتهت في 21/6. وخلال الاشهر الثلاثة الاولى استطاع ابادة الحياة في مناطق شاسعة من : (اربيل، قراج، مخمور و كركوك، وحتى قرى محيطة بمدينة الموصل و محاذات نهر دجلة).
 كانت لتلك الخطة اهدافاً: 
الهدف الاول: حيث انها كانت ترمي الى بناء كوردستان جديد ارضاً وشعباً، استناداً الى اهداف مابعد عام 1975 بشكلها الواسع والشاسع وخال من اي علامة للحياة، مزروعة بربايا عسكرية وحقول الالغام مع طرقات ضيقة لمرور عجلات عسكرية فقط، والقرى المدنية متساوية مع الارض، وبهذا يصعب على قوات البيشمركة التحرك في تلك المناطق ان لم يكن محالاً.
الهدف الثاني: السيطرة على جميع السكان الكورد في حدود 50 قضاءً وناحية وترحيلهم للعيش في مجمعات سكنية قاسية المناخ ومحاطة بربايا جنود وحقول الغام. كذلك تخريب الحالة الاقتصادية الجيدة لكوردستان وهدم البنى التحتية وخلق حالة اقتصادية صعبة جداً تعتمد على معونات الحكومة المركزية، مما يمهد الى تعريب المنطقة من خلال اعطاء تلك الاراضي لفلاحين عرب للاستفادة من خيراتها وبناء مجتمع عربي مكان الاهالي الاصليين لتلك المناطق. وهكذا حلت تلك الكارثة الرهيبة عبر 8 مراحل من احداث جهنمية ومأساوية  انهالت من الارض والسماء على الشعب الكوردي، وامام انظار الدول الاوربية والغربية والسياسيين ودعات السلام ومنظمات سلمية وانسانية والصليب  والهلال الاحمرين الدوليين وكل من يدعي نبذ الحرب والعنف ونشر السلم وعدسات الصحافة العالمية والاقليمية؛ دون ان ينبت احدهم ببنت شفة!! وليست هناك اية وسيلة أو اي منطق نذكر به هذه الكارثة، ولا يستطيع اي قلم او كاتب او مخرج ان يصور حقيقة مشاعر الابرياء الذين راحوا ضحايا لحماقات نظام ارعن لم يكن يرى ابعد من انفه لتأنفه. ولايسعني هنا الا ان اتذكر كل هذه الكارثة الرهيبة الهولوكوستية بكل جلل واحترام لدماء شهداء الكورد الخالدين الزكية.
وستظل ذكرى 8 الاف شهداء من البارزانيين وصمة عار تلاحق المجرمين اينما حلوا أو ذكروا. ولن ينسى الكورد وخاصة الذين مروا باي مرحلة من المراحل الـ 8 لعمليات الانفال،  ثلاثة اماكن ملعونة ابداً: (معسكر طوبزاوا للجيش الشعبي) القريب من كركوك، (سجن النساء في دوبز) بين طريق كركوك- الموصل، (سجن نقرة سلمان) في الصحراء الجنوبية باتجاه السعودية.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=42706
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 02 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29