• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : عمليات الانبار وتنظيم داعش .
                          • الكاتب : د . هشام الهاشمي .

عمليات الانبار وتنظيم داعش


١-يتابع معظم المراقبين بشكل دقيق في الآونة الأخيرة مايدور في الساحة العراقية ـ سياسياً وعسكرياً ـ ويشهدون بداية مرحلة جديدة من الصراع العسكري بين القوات الحكومية المدعومة من الحكومة المحلية في الانبار وقسم من عشائر المحافظة، وهي مرحلة مغايرة لفصول المواجهات الامنية التى شهدتها البلاد منذ عام ٢٠٠٣، حيث تغيرت الاستراتيجية العسكرية لدى تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام"داعش" مما أدى إلى تغير التوازنات العسكرية، فهناك تراجع عسكري ملحوظ لدى القوات الحكومية، وتحقيق داعش نجاحاً كبيرا في الرمادي ، واستحوذت على مراكز الشرطة كانت الشرطة المحلية تتمتع إلى وقت قريب بالسيطرة عليها قبل أن تقع في أيدي مقاتلي داعش، ما يظهر أن هناك تقهقراً عسكرياً داخل القوات الحكومية التى كان  عديدها وعدتها يتعاظم يوماً بعد الأخر.
٢- المشهد العسكري الأخير والتراجع المفاجئ لتنظيم داعش عن استراتيجية مسك الارض في مناطق البوفراج والبوذياب والبوعبيد... إلى الوراء ينبئ بتوجهها نحو محافظة صلاح الدين ومحافظة بابل، لتغيير من جغرافية نفوذها تدريجيا في الرمادي، وهي إستراتيجية طبيعية مر بها مقاتلي داعش في المعارك التي حدثت من قبل في سورية قبل أن تفتح جبهة الرمادي والفلوجة في الانبار.
٣-المراقب لشؤون داعش يؤكد إن معاركهم في الأنبار تشير لبداية جديدة ودخول مرحلة كسر العظام التى كان مقاتلي داعش بانتظرها بفارغ الصبر، بينما القوات الحكومية لم تكن على أهبة الاستعداد لخوض غمار حرب مدن واستنزاف طويلة الأمد وحاسمة مع مقاتلي داعش وابناء العشائر و مقاتلي الفصائل المسلحة !!!
٣-تتسم طبيعة المعارك في الانبار – وخصوصاً منطقة الجزيرة ومدن الانبار المحاذية لنهر الفرات التى تعتبر الأكثر حيوية للمسلحين – بالمكر والخديعة والكمائن وحرب مدن ولها صفة الاستمرار، حيث يسمع بين الفينة والأخرى هدير الرصاص وأزير الانفجارات المتبادلة بين القوات الحكومية ومقاتلي داعش، لكن طبيعة هذا الصراع لاتخلوا من مفاجآت عسكرية واتباع استراتيجية “الكر والفر”، حيث ان المبادرة بيد مقاتلي داعش في شن الهجمات المتقطعة على ثكنات القوات الحكومية، بالإضافة إلى أن هناك غيابا شبه كامل لقبول مبادرة المحافظ المدعومة من قبل الحكومة المركزية وكذلك فشل  المصالحة السياسية بين تحالف متحدون ودولة القانون، بعد أن وصلت كل الطرق والوساطات التي قدمها البارزاني والحكيم لحلحلة الأزمة الراهنة إلى طرق مسدودة. ٤-المسلحون الذين هم ضد القوات القادمة من خارج الانبار هم؛ مقاتلي داعش ويتراوح عديدهم بين (١٥٠٠-٢٠٠٠) مقاتل منتشرين على خلايا يتراوح عديد كل واحدة بين(٥٠-١٠٠) مقاتل، ومقاتلي الفصائل المسلحة( الجيش الاسلامي في العراق وجيش المجاهدين وحماس العراق وجامع وجيش الفاتحين)، ومقاتلي المجلس العسكري العام لثوار العراق(هيئة الضاري-بعثية الدوري)، ومقاتلي أبناء العشائر( عشائر البوعلوان والجميلة والبو جابر والمحامدة)... وكل هؤلاء الأسماء لاترضى بدخول مفاوضات سواءاً بشكل مباشر أو عبر وسطاء مع الحكومة المركزية في بغداد او حتى مع محافظ الانبار ومجلس المحافظة، بينما على الطرف الأخر تبدي الحكومة استعدادها لقبول الحوار، لكن هؤلاء المعترضون ليس لديهم ثقة بمدى جدية الحكومة واستعدادها الصادق نحو حل الأزمة الانبارية عبر الطرق السلمية بدلاً من استخدام لغة السلاح.
٥-وفي جوهر المعارك الانبارية الدائرة بين الجانبين فإن الأمر الماثل للعيان هو عدم قدرة القوات الحكومية على الحسم العسكري التام، الامر الذي أتاح للمسلحين فرصة تجاوز هزيمتهم في الميدان في كل مرة، وفرصة التنفس من هجمات القوات الحكومية لتى كانت تستهدفهم في عقر دارهم في أوقات معينة ثم لا يستمرون حتى الحسم التام...
تعاني قيادات عمليات الانبار ـ ولاتزال ـ من تخبط عسكري وفشل إداري ولوجستي شل حركتها نحو تحقيق حسم واضح من شهرين تقريبا، إضافة إلى الهجمات المفاجئة من المسلحين التى كانت تأتي بشكل متواصل من قبل تنظيم داعش ومتقطع من قبل أبناء العشائر والآخرين ، التى تحاول ابعاد القوات الحكومية خارج الانبار وتراهن على إمكانية الانتصار على تلك القوات...
٦-ويمكن تلخيص إستراتيجة تنظيم داعش في الانباري مايلي؛ القضاء على نفوذ القوات الامنية تدريجياً وطردها من جميع أراضي الانبار، ومن ثم إمكانية التوسع في صلاح الدين وحزام بغداد .
محاولة الاستيلاء على المرافق الاقتصادية والصناعية و العسكرية في الانبار، بسط نفوذها على المناطق الحدودية مع سورية والأردن، والسيطرة على الطريق الدولي لضمان وصول الإمدادات،تخفيف حدة الهجمات العسكرية التى تستهدف بها داعش في سورية، صناعة حاضنة عشائرية سنية مؤيدة لهم، وجعل ثقافة التفاوض وسياسة الحوار السلمية أغنية قديمة عفى عليها الزمن، ورفع على شعار”لاحوار إلا بالجهاد” مع الحكومة المركزية التى تصفها بأنها صفوية إيرانية، امكانية ضم محافظة الانبار الى محافظة دير الزور وإلى المحافظات السورية الأخرى التى تقع تحت سيطرة داعش، لأن معظم المحافظات في شرق سورية سقطت في يدها، تكبيد القوات الحكومية خسائر فادحة في الأرواح ويجعل بقاءهم في الانبار مكلفا وباهظا مما يضطرها إلى مراجعة حساباتها وبالتالي انسحابها او التوسل بالعشائر لأجل القتال بالنيابة!!!
مقاتلي داعش ينطلقون من الاستعداد العقائدي للموت في سبيل تلك العقيدة الكامنة في نفوسهم، والذين يبدون قدرة فائقة على الصبر والمطاولة في جبهات الانبار وخاصة المهاجرين من مقاتلي داعش.
يعملون باستراتيجية “ الكر والفر” والتى تستنزف القوة العسكرية الحكومية، بالإضافة إلى استخدام التفجيرات بواسطة السيارات المفخخة والألغام المزروعة في الطرق والشوارع الرئيسية.
الترويج الإعلامي الواسع لداعش، حيث تقوم بتوزيع تسجيلات مرئية على موقعها الالكتروني في الشبكة العنكبوتية،
الاعتماد على خبرات ضباط الجيش السابق، لتنفيذ مخططاتهم العسكرية في جبهات الانبار .
تعمل داعش على توسيع المعارك في محافظات بابل وصلاح الدين وديالى، وخاصة حزام بغداد وجرف الصخر، واللذان يشهدان عمليات يومية حامية الوطيس تدور رحاها بين القوات الحكومية، ومقاتلي داعش.
٧-لجأت القوات الحكومية في مواجهتها العسكرية ضد مقاتلي داعش إلى عدة عناصر منها:الفرقة المدرعة التاسعة وقوات جهاز مكافحة الارهاب و طيران الجيش وقوات عمليات الانبار وعمليات الجزيرة، حيث يبلغ عديد تلك القوات(٣٦ الف جندي) وفي الوضع الراهن في الانبار يوجد فعليا قرابة (٢٨ألف جندي)، هذا بالإضافة إلى الدعم الجوي والفني والتقني الامريكي والأردني، ممايؤهلها للانتصار على تنظيم داعش، لكن هذا الأمر يتطلب قيادة مدركة لإدارة حرب المدن والشوارع .
القوات الحكومية المزودة بأحدث الأسلحة الخفيفة والثقيلة والتى تصطدم ليل نهار مع مقاتلي داعش الموزعين على طول جبهات ومدن الانبار .
القوة العشائرية المساندة للقوات الحكومية هي( عشائر البوفهد والبونمر والبوذياب والبوعبيد والبو علي الجاسم والبوريشة ) ربما يبلغ عديدهم (٢٠٠-٢٥٠٠) ، والتى تعتبر قوة عسكرية اكثر فاعلية في مسك الارض.
ضعف الصمود العسكري لقوات الصحوات والشرطة المحلية في الجبهات القتالية، والانسحاب الكامل من المناطق واحدة تلو الأخر،والضعف النفسي الكامن في نفسية الصحوات التى لاتتحصن بعقيدة عسكرية او وطنية !!!.
وغياب القدرة التنسيقية العسكرية لادارة شؤون المعارك، اضافة إلى غياب خطة تكتيكية عسكرية موحدة، ما يسمح لداعش فرصة اعادة صفوفها من جديد.وتوجيه ضربة عسكرية أخري على القوات  الحكومية من جديد!!!

 هشام الهاشمي/ مؤرخ وباحث في الشؤون الإسلامية




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=43022
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 02 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 3