• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : الوصي في الشعر العربي القديم .
                          • الكاتب : ماجد عبد الحميد الكعبي .

الوصي في الشعر العربي القديم

   لا يشك احد من القدماء والمعاصرين في ان : ( الشعر ديوان العرب ) وهذا يعني ان كل ثقافة العرب كانت مدونة شفاهية يحتويها هذا الديوان  ، وكما يعرف المستعربون والمستشرقون ان العرب امة شاعرة وتمجد الشعر ، والعرب يمتلكون ذاكرة قوية في الحفظ بسبب  هذه الشفاهية المقترنة بإنشاد الشعر  وروايته ، واذا اردنا ان نصنع معجما لمفردات اللغة العربية ، فاننا لانجد غير الشعر ميدانا صالحا لاستنطاقه ، وقد فطن المؤرخون واللغويون والنحويون الى ذلك منذ زمن بعيد .

          فالمؤرخون عدوا الشعر شاهدا على الواقعة التي يدونها المؤرخ كتابة ، وتصبح الشفاهية شاهدة على الكتابية ، نتيجة الموثقية العالية لهذه الشفهاية وايمانا بذاكرة العربي القوية ، وكذلك فعل اللغويون الذين جعلوا من الشعر حجة في تفسير عويص اللغة وغريبها ، واذا لم يجدوا مثالا شعريا يؤيد زعمهم ، ذهبوا الى صناعته بوصفه شاهدا ايضا ، وكذلك صنع النحويون عندما صنعوا قواعدهم من وحي الشاهد الشعري ، ولهذا فلا غرابة من ان يكون هذا المعيار الكبير شاهدا على  من نفسه على نفسه لإثبات الحقائق التي عرفت عن مفردة ( الوصي) .

        ان مقالا كهذا لا يمكن له ان يكون معجما لمفردة واحدة مثل ( الوصي ) لكني سأضرب بعض الأمثلة املا ان تكون شاهدا على ثبات هذه المفردة في قاموس الشعر العربي القديم منذ ان ظهرت وهي مقترنة بوصية الرسول – صلى الله عليه واله وسلم – للامام علي ( ع) بالخلافة ،

           وأظن ان تتبع مفردة في مصادر موثقة من زمن تواردها الى عصر المتنبي ، يؤيد إثباتها وتكايدها في ثقافة العرب ، واذا لم يرد ذكر  حديث نبوي شريف عن الوصاية في كتب الحديث التي عاش كل جامعيها في منتصف القرن الثالث الهجري ، فان مفردة ( الوصي ) لم تغب عن معجم الشعر العربي ، الأمر الذي يعزز من موثوقية المفردة اذا ما قورنت بمفردات كثيرة قد وردت في كتب الحديث ، وان كتب الأحاديث يمكن ان تطمس ولم ترو حديثا ، لكن المفردة ، تصمد بسبب صغرها ، فهي تستطيع ان تنجو بنفسها من وائديها ، محتمية في ظل ثقافة شفاهية عتيدة .

      وإذا شك بعض الدارسين في المعلقات ، فان أحدا لا يستطيع ان يشك في تلك الأشعار التي قيلت في أيام العرب وحروبها ، لأنها بمثابة هوسات شعبية تتناقلها الأفواه من جيل الى جيل ، نظرا لسهولتها فهي أراجيز حماسية ، وبوصفها - أيضا – شاهدا على الواقعة ، لذلك نرى ان الأشعار التي قيلت في معركتي الجمل وصفين لا يمكن ان يدخل فيها النحل والوضع ، لان الراوي اذا أراد ان يسرد مشاهد الحرب وما يتعلق بظروفها ورجالها ، لا يمكن ان يعتني بالتفاصيل دون ان يعتني بجوهر الحكاية التي تأتي التفاصيل بعدها ، والجوهر هنا هو الأشعار ، فالشعر يمثل الثابت الأكيد ، لذلك سنعرض بعض الأشعار التي ضمت تلك المفردة بين طياتها ،وقد وردت تلك الأشعار ضمن كتاب ( ديوان أشعار التشيع الى القرن الثالث) لمقدمه ومحققه ، الطيب العشاش ، ( والصادر عن ديوان الغرب الإسلامي ، في بيروت ، عام 1997، والذي كان عبارة عن دراسة لاحراز دكتوراه دولة من جامعة السوربون في باريس )

       قال زياد بن لبيد الانصاري: (63)

-         كيف ترى الأنصار في يوم الكلب       إنا أناس لا نبالي من عطـــــــــب

-         ولا نبالي في( الوصي) من غضب          وإنما الأنصار جد لا لــــــــــعب

-         هذا علي وابن عبد المطــــــــــــلب           ننصره اليوم على من  قد كذب

                                من يكسب البغي فبئس ما اكتسب

       وقال زحر بن قيس الجعفي : ( 114)

-         أضربكم حتى تقروا لعلي           خير قريش كلها بعد النبـــي

-         من زانه الله وسماه (الوصي)        ان الولي حافظ ظهر الولي

                               كما الغوي تابع امر الغوي

        وقال سعد بن قيس الهمداني : (150)

-         انه حرب أضرمت نيرانها             وكسرت يوم الوغى مرانها

-         قل (للوصي) أقبلت قحطانـها         فادع بها تكفيكها همدانــــــها

                                هم بنوها وهم اخوانها

      إن الأشعار كثيرة وقد استبعدت الاراجيز التي ليس لها قائل وقد وردت فيها مفردة الوصي  ، مثلما استبعدت القصائد التي لم تأت على بحر الرجز مع احتوائها على مفردة  (الوصي) ، واختصارا في القول ، سأتتبع المفردة عند بعض الشعراء الذين وظفوا هذه المفردة في أشعارهم ، وفي  المصادرالمحققة  أيضا ،  وسابدا بابي الأسود الدؤلي الذي كان قريبا من زمان الإمام علي (ع) ، فقد (( كان أبو الأسود ممن صحب عليا ، عليه السلام ، وكان من المتحققين بمحبته ومحبة ولده ، وفي ذلك يقول :

-         يقول الارذلون بنو قشير           طوال الدهر لا تنسى علـــيا

-         أحب محمدا حبـــا شديدا           وعباسا وحمزة و(الوصـــيا)

-         فان يكن حبهم رشدا أصبه      ولست بمخطئ ان كان غيـــــــا

وكان نازلا في بني قشير بالبصرة ، وكانوا يرجمونه بالليل ، لمحبته لعلي وولده ، فإذا أصبح وذكر رجمهم ، قالوا : الله يرجمك ، فيقول لهم : تكذبون ، لو رجمني الله لأصابني ، وانتم ترجمون ، فلا مصيب .))(أخبار النحويين البصريين ، ابو سعيد السيرافي ،67)

 وقد وردت مفردة (الوصي) بعد ذلك في شعر الكميت ، ولكن هذا لا يعني انها لم ترد في أشعار غيره من الشعراء الواقعين ضمن المدة الفاصلة بين وفاة ابي الاسؤد عام (69هـ) ووفاة الكميت عام (126هـ) ، لكنني أردت اختصار الأمثلة على الرغم من ان مفردة الوصي قد وردت أيضا في أكثر من موضع في شعر الكميت الموثق ، قال الكميت مادحا الإمام عليا (ع) : (شرح هاشميات الكميت ابن زيد الاسدي ، بتفسير ابي رياش احمد بن ابراهيم القيسي ت 339هـ ، تحقيق : د. داود سلوم و د. نوري حمودي القيسي ، عالم الكتب ، بيروت ، ط 2 ، 1986، 30) :

-         و(الوصي) الولي والفارس المعـ         ـلم تحت العجاج غير الكــــــــــــهام

وقال أيضا : ( 33)

-          ووصي (الوصي) ذي الخطة الفـصــ      ـــل ومردي الخصوم يوم الخصام

             أما السيد الحميري ( ت 173هـ ) فقد وردت مفردة الوصي عشرات المرات ، نذكر بعضا منها : (ديوانه ، 55)

-          محمد خير بني غـــــــــالب                 وبعده ابن أبـــــي طـــــــــــالب

-         هذا نبــي و(وصــــــــي) لــــــه               ويعــــزل العــــالم في جانــــب

وقال أيضا : (ديوانه ، 147)

-         أبا حسن اني بفضلك عــــــــارف          واني بحبل من هواك لممسك

-         وأنت( وصي) المصطفى وابن عمه         فانا نعادي مبغضيك ونتـــــرك

          أما أبو الطيب المتنبي ، فقد وردت في ديوانه ( الذي شرحه ابو العلاء المعري  والمسمى بمعجز احمد ) قصيدة أشار فيها الى بيعة الغدير قائلا : ( الجزء الرابع ،447)

-         إني سألـــــــــــــتك بالـــذي             زان الامامـــــــــــــــة (بالوصـــــــــي)

وابان في يــــــوم الغــــــديـ              ــر لكــــل جبــار عــــــــــــــــــــوي   

-         فضـل الإمـــــــــام عليــهمـــو            بولايــــــة الـــــــرب العلـــــــــــــي

-         إلا قصـــــــــدت لحاجتــــــــي           واعنـــت  عبــــــدك يـــــــا علــــــي  

 

      أظن ان هذه الامثلة وغيرها يمكن ان تكون بداية لتوثيق كثير من الروايات والاحاديت والموضوعات المختلف عليها ... 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=4320
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 03 / 23
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12