فيما يلي تسلسل ما قالة المنحرف احمد القبانجي وتعليقاتنا علية
• القرآن يقول: «الرَّحْمَنُ • عَلَّمَ الْقُرْآنَ • خَلَقَ الإِنسَانَ»، وهذا تهافت بلاغي في الترتيب إذ كان ينبغي أن يقول أولا: «الرَّحْمَنُ • خَلَقَ الإِنسَانَ» ثم يقول «عَلَّمَ الْقُرْآنَ» وليس العكس، إذ الإشكال هنا «عَلَّمَ الْقُرْآنَ» لِمن، وهو بعده لم يخلق الإنسان؟!
تعليق: ”هذا الجاهل لم يفهم أن تقديم التعليم على الخلقة باعتبارات أخر، فمن تلك الاعتبارات أن تعليم القرآن يشمل الجان والإنسان معا، إذ السورة تخاطب الإثنين، ولذلك ترد فيها هذه الآية «فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ»، ومن تلك الاعتبارات أن الذي علّمه الله سبحانه وتعالى القرآن هو الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، ولذلك بدأ الله به وأفرده، ثم ذكرَ خلق الإنسان وتعليمه البيان، أي تمييزه عن البهائم لكونه منطقيا حيوان ناطق إلا أنه تطوّر بهذا البيان أي عبر لغات التخاطب والتفاهم التي أنعم الله تعالى عليه بها، وقد أشار الإمام الرضا (عليه السلام) كما في تفسير ”مجمع البيان“ إلى أن المراد بالإنسان هنا هو الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، والبيان هو كل ما يحتاج إليه الناس.
وهناك تفسير ثالث للمجدد الثاني (قدس سره) يقول: ”أن تقديم التعليم على الخلق زماناً هو دلالة على جلالة العلم الذي لولاه لكان خلق الإنسان قليل الفائدة، فالعلم من العلل الغائية لخلق الإنسان، فكان من حقه أن يقدّم عليه، فهذه من البلاغة“.
• يقول القرآن: «وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ»، هذا من الضعف البلاغي فلماذا هذا التخصيص والحال أن كل الكون يسجد لله تعالى؟
تعليق”هذا التخصيص لاعتبارات عديدة، أولها: إن فسرنا النجم بهذه النجوم الموجودة بالسماء فأنه والشجر مشتركان بصفة الظهور أي البزوغ، فنجَمَ بمعنى ظهَرَ، وعليه فالنجم يظهر بالسماء أمّا الشجر فينجم بالأرض أي يظهر منها، فجاء ذلك للمقابلة بين الأرض والسماء بإفراد النجم والشجر بالسجود وهذا اعتبار بلاغي جميل.
وثانيها: فسرت الروايات الشريفة النجم برسول الله (صلى الله عليه وآله)، والشجر بأمير المؤمنين والأئمة من ذريته (عليهم السلام)، ولذلك جاء قوله تعالى: «وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ»، أي أننا نهتدي برسول الله الذي هذا هو أحد ألقابه، فرسول الله النجم والشجر هم الأئمة الإثنا عشر، وهما يسجدان لله تعالى، فهذا اعتبار بلاغي ثاني.
وثالثها: أن النجم هنا بمعنى النبات الذي لا ساق له، فالعشب في اللغة يسمى ”نجم“، أما الشجر فهو النبات الذي له ساق، فعلى هذا يكون المعنى أن الأرض كلها تسجد لله، فهذا اعتبار بلاغي ثالث“.
• القرآن يقول: «وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ»، والحال أن السماء والكواكب والأجرام والنجوم لم ترفع، بل هي موجودة في مكانها بينما نحن موجودون بكوكب الأرض الصغير وسط المجرات، فهذا إشكال بلاغي يتوجه إلى القرآن!
تعليق: ”هذا الجاهل لم يستوعب أن رفع السماء هنا ناظر إلى الإحساس، أي إحساس البشر على كوكب الأرض فالسماء عالية ورفيعة عليهم، وحينما يريدون أن يصفون أحدًا بعلو القدر فأنهم يقولون هو كالسماء في قدره أو منزلته، أي هو مرفوع.
فهل نقول للشعراء الذين استخدموا كلمة ”السماء“ بمعنى ”الرفعة“: أنكم مشتبهون، وتعالوا تعلموا من هذا الجاهل بأن هذا خطأ بلاغي؟! وكذلك الحال مع الأرض فهي بقياس المنظومة الكونية ليست موضوعة أو دنيّة، لكنها بالنسبة إلينا كذلك لأننا نطؤها، فلذلك عبّر الله تعالى عنها في نفس السورة بقوله: «والأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ»، فهذا تعبير بلاغي عميق“.
• يقول القرآن: «ألّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ • وأقيموا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ» فلماذا هذا التكرار المخل بالبلاغة؟
تعليق: ”للتكرار اعتبارات كثيرة، منها التوكيد، والذي إذا دخل في البلاغة فأنه يعطي الكلام مذاقا آخر، ثم أن المعنى من لفظ الميزان في كل مقطع يختلف، فحينما قال سبحانه: «وَوَضَعَ الْمِيزَانَ» فأن المراد هو أنه وضع الشرع بمعنى العدل، ثم المراد من قوله «أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ» هو أنه حين يكون الميزان عندكم سواء هذا الميزان المادي أو المعنوي فعليكم ألا تطغوا فيه، أي لا تظلموا، ثم تأتي الآية «وأقيموا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ» بمعنى لا تبدلوا شريعتكم أو منهجيتكم إلى منهجية جور فتُخسروا الميزان بالتطفيف أي بالتلاعب وإظهار العدل للناس، وبعبارة أخرى أي لا تغلّفوا الظلم بالعدل. ثم أنه على فرض كون المعنى واحدا في كل المقاطع، فإن التوكيد في حالة الزجر له محله في البلاغة؛ وذلك لأن الأمر شنيع جدا“.
• هنالك ضعف بلاغي في قوله: «فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ • خلقَ الإِنسَانَ مِن صَلصَالٍ كالفَخَّارِ • وخلق الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ»؛ لأن المخاطب هنا هو الإنس والجان، ولكن المتلقي كيف يفهم من المراد بقوله «فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ»؟ هو هنا يحتاج إلى أن يواصل القراءة حتى يعرف بعد ذلك لمن يعود الضمير؟ فهذا تهافت بلاغي، والصحيح هو أن يأتي توضيح من هو المخاطب أولا ثم الإتيان بالخطاب الموجّه إليه.
تعليق: ”هذا الرجل غفل عن أن ذكر الإنس والجان قد جاء قبل الآية الكريمة «فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ» في السورة، إذ سبق هذه الآية قوله: «وَالأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ»، والأنام هما الإنس والجن لأنهما العاقلان في الأرض، ثم بعد ذلك جاء التفصيل عن خلق الإنس والجان، فأين هو الضعف البلاغي هنا؟! والحال أنه في هذه التثنية تتجلى البلاغة“. |