• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الحملة الوطنية لشراء القمصان .
                          • الكاتب : هادي جلو مرعي .

الحملة الوطنية لشراء القمصان

ليست مسألة إنتخابية لكنها قد تكون لو إلتفت لها أحد المرشحين، وقرر شراء عدة آلاف من القمصان، وتنقل بين الأحياء الفقيرة عبر فريق من الموظفين الفاعلين، ولاضرورة لذهابه وتعرضه لحرج ما، أو إنه قد يسمع بعض الكلمات المقرفة من أناس غاضبين منفعلين رافضين محبطين، وربما آيسين، وغير راغبين بسماع المزيد من الوعود غير المجدية، والتي لاضمانات يمكن تقديمها ليشعر المواطن صاحب القميص الأفضل إنها يمكن أن تكون حقيقة كاملة في المستقبل، وبينما يأمل الجميع في التغيير، فإن العديد من المواطنين ممن يمتلك قدرة سماع الضوضاء لايشعر بذلك، وقد يكون السبب يرتبط بالفشل الذي كان ملازما لأغلب المشاريع والقرارات التي أتخذت، ودفع نتيجتها المواطن المسكين.
إشترى صديقي عددا من القمصان تجاوز الثلاثة عشر قميصا بأحجام متقاربة، وقياسات على القياس، وبألوان تختلف عن بعضها ولكنها كانت ملائمة للون بشرة الوجه، وكان معه صديقان صدوقان طلبا منه أن يقف جانبا ويترقب القميص الملائم الذي يختارانه، ولم يكن الإختيار مرتبطا بأحدهما، بل لابد من المصادقة على القميص من قبلهما كليهما حتى لو إختاره واحد منهما، وبمعنى أدق أن لاجواز للموافقة على قميص إن لم يحظ بموافقة الصديقين ليكون ملائما، ثم يدخل الكيس آمنا مطمئنا، ويتم الدفع بالتراضي مع البائع، بينما يكون الدور الأكثر حيوية لأحد الصديقين المعروف بقدرته على المساومة وتحويل إنتباه البائع الى قضايا تشتت أفكاره وتفقده التركيز في ذهنه الذي يحتفظ بصورة الأوراق النقدية المنتظر إستلامها، وفي النهاية يخرج الصديق ومعه الصديقان وهما في غاية الحبور بتحقيق منجز ربيعي يضاهي كل ماتحقق في ربيع العرب، وحتى في ربيع أوكرانيا الأحمق كربيعات العرب الحمقى.
في السياسة ينشغل السياسي عن المشورة بالفخفخة والكشخة والتباه والظهور بأحسن اللباس، على أن يشم عطره من مسافة بعيدة، ويكون ملائما لمزاج الضيوف والمراجعين الكبار، أما الصغار فلامجال لإستقبالهم لأن مقامه إرتفع عنهم رغم إنه كان في مرحلة من المراحل يوزع القمصان مجانا، وربما كان في مرحلة سابقة على التوزيع ينتظر قميصا من أحد الموسرين يكون على مقاسه، ويبتعد معظم السياسيين عن المجتمع ولايعودوا يفهمون حاجاته، ولاينفعلون لمشاكله، وحين يشتكي الناس من ضعف الخدمات، وقلة مايقدم لهم منها، ورداءة الأكثر مماتقوم به الدوائر الخدمية لايجدون من المسؤول الرفيع سوى التبريرات، وربما حلف لهم بأعز الأولاد على قلبه إنه لم يقصر، ولم يفسد، ولم يبتز، ولم يرتش، ولم يفعل موبقة تشير الى رداءة سجله.
من المسؤولين من يتفاعل مع الناس ويشعر بحاجاتهم، لكنه يفتقد الشجاعة لفك الحصار الذي يفرضه (الحبربشية) عليه فيمنعونه من التواصل مع جمهوره لمعرفة عذاباتهم والتخفيف منها، وقد ينجح أحد المسؤولين، ويجد ثغرة في جدار ذلك الحصار، بينما يجتهد غيره ويفكه تماما ويكسره ويقهر الحاشية و(الحبربشية) 
والنفعيين من حوله، ويندفع نحو مواطنيه سائلا عنهم ملبيا نداءاتهم دون تردد.
pdciraq19@gmail.com



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=43418
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 03 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18