• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : اسرار وخفايا الالوان الصامتة والغامضة الراقصة في لوحات الفنان سيروان شاكر - رؤية تحليلية وفلسفية .
                          • الكاتب : ايفان علي عثمان .

اسرار وخفايا الالوان الصامتة والغامضة الراقصة في لوحات الفنان سيروان شاكر - رؤية تحليلية وفلسفية

( رهبة ... حلم ... صمت ... سيروان شاكر )

 

رهبة...حلم...صمت هذا ما ينتاب المرء من أحاسيس عند رؤية الألوان على القماش الابيض فهذه الاحاسيس ما هي الا بقعة ضوء لا بد من التحلل في داخلها والانصياع لمكنونات الظل والفكر المجرد من الخيال فالخطوط الملتوية والألوان الداكنة والحركة الانسيابية تشكل حالة من الهذيان الفكري تجعل المرء يشعر بالحنين والشوق والخجل والحرية فتتراكم الكلمات وتتصادم الحروف ويتعالى هدير الفرشاة الصماء من مرحلة الانصياع للموروث الفكري للألوان الى المتلقي هنا يسيل كم هائل من علامات الاستفهام للحالة المثالية المجردة من الواقع التي تخلدها الألوان في سلوكها الفني فالتواصل والترابط ما بينها هي بمثابة اعلان حرب على ظلال اللون وهو يتقمص الاحساس الناعم على القماش فشعيرات الفرشاة تنساب بهلع ما بين تشققات ابعاد اللوحة فتعابير الالوان الداكنة التي تنظم سير الموج ودفء الصخور الحية والعمق الفني والميتافيزيقي لهبوب الرياح وتجسيد مفردات الجمال للفضاء الواسع ما هي الا حالة شهيق وزفير للروح والفكر تنحدر من ثناياها مفاهيم كانت غائبة عن مساحات القماش الابيض فمرونة اللون واستمرارية الحركة وتجاهل الواقع وضياع العقل في معادلة الرهبة والحلم والصمت كل هذا يجعل المرء غارقا في اجمل الاساليب الفنية عبر التأريخ حيث كانت للفرشاة والألوان الريادة في احياء اللحظات الجميلة الغائبة والمجهولة عن بحور ارقى انواع الفنون وأعظمها.

هكذا يمكن تعريف الحركة الفنية المعاصرة للوحات الفنان سيروان شاكر فلابد من الدخول الى الحالة الفكرية التي يعيشها الفنان الذي يبعثر الابداع على القماش الابيض فتتكون كل الجوانب المثالية للوحة الفنية المعاصرة .

 

(اسرار وخفايا لابد من الكشف عنها )

 

كيف يصل المتذوق للفن الى شواطىء الاحساس بالخيال وكيف يمكن تفسير الشعور باللذة لتمازج الالوان فلوحات الفنان سيروان شاكر ما هي الا معادلات ميتافيزيقية بعيدة كل البعد عن علوم الرياضيات والفيزياء فهنا لا يمكن ان تكون المقاييس علمية بحتة فالفن بطبيعته شعور عابر واحساس غامض ينتاب الفنان في لحظة تتوقف عندها كل المعادلات الرياضية والفيزيائية ولكي يصل المتذوق الى كل ما ذكر اعلاه لا بد من توافر نقطة نظام تتمحور من خلالها الاجواء المحيطة بروح اللوحة الفنية فالاسرار والخفايا الكامنة في فواصل لوحات الفنان سيروان شاكر ما هي الا امتداد للحالة الفلسفية للفكر الفني المعاصر للفنان ذاته بكل ما تحويه من مكنونات او صيغ او تعابير يصفها بلغة الفرشاة والالوان واذا ما توصل المتذوق الى حالة الانصهار في فكر الفنان هنا تتشكل الصورة بصورة واضحة ودقيقة للدخول الى اجواء اللوحة ولكن هنا يطرح السؤال نفسه؟

هل من الممكن الكشف عن اسرار وخفايا الالوان في لوحات الفنان سيروان شاكر

فالأجابة هنا هي نعم فمن خلال ما طرحته اعلاه فلقد توصلت لنتيجة مذهلة قد لا تحظى بأهمية لفنان لديه اسلوب مختلف في الفن المعاصر او حتى للمتلقي الذي يلفه الغموض لمجرد رؤية احدى لوحات الفنان سيروان شاكر او حتى لاشهر العمالقة في الفن المعاصر فبرغم كوني اتحمل اعباء الشعر والكتابة التي تنهال علي لكي انقشها على الورق الابيض فلم ابني هذه الرؤية التحليلة والفلسفية لمجرد كوني شاعرا وكاتبا فأنا مؤمن تماما بأن الشعر والكتابة ما هو او هي الا حالة فوضى ثائرة عشوائية لمجرد التخبط في بحور الكلمة وهذا بعيد كل البعد عن الفن قديمه وحديثه لانه ببساطة الفن عملية تخطيط وتنظيم وتغذيةعكسية تلد من احشائهم البناء السليم للتطور الذي تعطيه اجواء اللوحة هذا ما توصلت اليه في نهاية المطاف فمن خلال دراستي الأكاديمية لعلم الادارة تعلمت وقرأت ان اي عملية ادارية ايا كانت نوعها وصيغتها ومفرداتها فلابد من التخطيط والتنظيم السليميين لكي يتم تقديم الخدمة المثالية للفرد هنا ايقنت تماما بأن رؤيتي وتحليلي للوحات الفنان سيروان شاكر غير مترابطة مع عالم الشعر والكتابة بل ان دراستي لعلم الادارة اوصلتني الى هذه النتيجة المذهلة للاسرار والخفايا التي تحملها لوحاته وظهرت هذه المحصلة ...

تخطيط بمعنى اختيار الالوان الصامتة والغامضة !

تنظيم بمعنى توزيع هذه الالوان على القماش الابيض !

تغذية عكسية بمعنى اعطاء صبغة لفكر وفلسفة الفنان بتدرج وتمايل هذه الالوان وبالتالي تحصل عملية فريدة من نوعها وهي رقص هذه الالوان على القماش الابيض

هنا يصل المتلقي او المتذوق الى الشعور باللذة والاحساس بالخيال وبالتالي تصل هذه العملية الى حالة التميز في كافة جوانبها ...

هنا اضع مائة خط ميتافيزيقي تحت كلمة التمييز !

لان الاسلوب الحركي والغموض والصمت الذي تعيشه فرشاة والوان الفنان سيروان شاكر على القماش الابيض بالفعل هي عملية ادارية متميزة تقدم افضل الخدمات للمتذوق والمتلقي الا وهي الانصهار والانصياع للأجواء الملحمية التي تعيشها اللوحة .

 

( لماذا لوحات سيروان شاكر)

 

لكي اكون منصفا في رؤيتي وتحليلي لا بد من القول ان المدرسة الاوروبية الحديثة تمثل صرحا فنيا ولغةحديثة للفن المعاصر تفرض نفسها وبكل قوة على تأريخ الفن هنا سأسلط الضوء على العلاقة ما بين الفكر الفلسفي والبعد الثقافي للفنان الاوروبي مقارنة بالفنان سيروان شاكر فالطبيعة الخلابة والتطور الصناعي والدراسات الحديثة للفن في اوروبا وعقلية الفنان الاوروبي جعلت من اللوحة الفنية الاوروبية مزيجا فريدا من نوعه ما بين التداخل المتشابك في الالوان الساطعة والقدرة على تكوين مساحة صغيرة من القماش الابيض الى قصة قد تشكل بحد ذاتها رواية تصنع فيلما عالميا يستحوذ على قلوب الملايين ولكن اسلوب وطريقة الفنان سيروان شاكر في تعاطيه مع الالوان يختلف اختلاف مطلقا وليس نسبيا عن المدرسة الاوربية للفن الحديث هذا اذا ما قلبنا المعادلة رأسا على عقب حيث انه لا توجد نتيجة مطلقة لأي شيء في العلم بل هنالك نتيجة نسبية تحدد ملامح العلم ولكن في معادلة الفن الحديث هنالك نتيجة مطلقة بل رؤيتي وتحليلي ابتعدت الى انه لا يوجد نتيجة نسبية في الفن الحديث وطبقت هذه النتيجة على اسلوب سيروان شاكر في طريقة تعاطيه مع الفرشاة والالوان والمعطيات الاتية تبرهن ذلك .....

1- مزج اللونين الاسود والرصاصي فتولد الوان داكنة راقصة 

2- مزج اللون القهوائي والبرتقالي اوالاصفر بالقهوائي او الالوان الثلاثة معا فتولد الوان داكنة راقصة ولكن مزج اللون البرتقالي والاصفر يلد لون ساطع غير راقص.

3- مزج اللون الاحمر والازرق او اللون الاحمر والاخضر او اللون الازرق والاخضر فتولد الوان ساطعة غير راقصة .

4- مزج اللون الابيض بالبنفسجي او عدم مزجهما يولد الوان ساطعة غير راقصة 

فالفرق هنا بين اسلوب سيروان شاكر واسلوب المدرسة الفنية الاوربية المعاصرة حيث ان الاول يصنع لوحة مميزة في تشكيلها بينما الثاني يصنع لوحة جميلة وناعمة وفاتنة في تصميمها .

 

( لوحات سيروان شاكر ومعطيات الضوء والظل )

 

كثيرا ما يحاول الفنان التشكيلي ان يصل الى التميز من خلال ترجمة احاسيسه اللاشعورية الى لون وظل ولوحة تشكيلية فيها كل مقاييس الابداع هنا يطرح السؤال نفسه هل الفنان التشكيلي يصل بسلاسة ونعومة بلوحة مميزة الى شواطىء المتذوق والمتلقي فالجواب لا ليس كل فنان تشكيلي لديه القدرة للوصول الى حالة التمييز في لوحاته بل يحدث العكس حيث ان الكثير من الاساليب الفنية للكثير من الفنانين التشكيليين احدثت فراغا غير منسجم مع المتذوق والمتلقي لان اللوحة بطبيعتها معالة ادارية واذا ما احدث الفنان الفوضى فيها تحولت مفاهيم معطيات الضوء والظل كلها من الايجاب الى السلب فلكل لوحة قصة ولكل قصة بداية ولكل بداية مجموعة من المفردات اللاشعورية الخيالية تمكن المتذوق والمتلقي للدخول في عمق اللوحة الفنية واذا ما انحرف الفنان بصيغة اللوحة تبعثرت معطيات الضوء والظل فتتحول اللوحة من لحظة تعيش حالة السكون والصمت الى مجموعة هواجس انشطارية تطرح العديد من التساؤلات تنتهي بعدم وضوح معالم قصة اللوحة ويبتعد الشعور باللذة والاحساس بالخيال اذا ما هي معطيات الضوء والظل في لوحات سيروان شاكر فهي قصة ذات ملامح انسيابية سلسة ناعمة لها بعد وعمق الفكرالفني المعاصر فالتدرج والترتيب والنظام الذي تخلقه لوحات سيروان شاكر هي التي تلغي الفراغ وحالة الفوضى وبالتالي تصل الى مرحلة التميز والمتذوق والمتلقي هنا يلقي بظلال فكره ورؤيته على كل تفاصيل اللوحة...

فالضوء في لوحات سيروان شاكر يعطي الكثير من الانطباع حول الحرفيةالاكاديمية في وصف حالة الانصهار داخل اللوحة !

والظل سيتداخل فيما بين فواصل القماش الابيض فتثير كل ما هو غائب ومجهول داخل اللوحة فالعامل الذي يجعل من لوحات سيروان شاكر متميزة هي معطيات الضوء والظل والاهم من هذا هنالك قصة وبداية وبالتالي الدخول الى عالم الخيال فليس كل فنان تشكيلي يستطيع التعامل مع هذه المعطيات بقدر ما يستطيع الفنان سيروان شاكر التحول والولادة في داخل اللوحة الفنية فيتكون التميز تعريفا ومصطلحا حالة .

 

(الالوان الداكنة في فرشاة سيروان شاكر )

 

لا يمكن الجزم بأن استعمال الفنان التشكيلي للكم الهائل من الالوان ومزجها ببعضها البعض ان يحدث تغيرا في اسلوب فني او حركة فنية لأنه في هذه الحالة سيصل الفنان التشكيلي الى مرحلة العبقرية في رصد الحالة الخيالية للوحة وليس كل فنان عبقري وليس كل لوحة رصد الحالة الخيالية تعطي الانطباع الايجابي بأنه لا يوجد فجوة في مساحات التلوين يمكن ان تصل الى حالة التميز فهنالك الكثير من الفنانيين التشكيليين العالميين استطاعوا من خلال مزج الالوان الوصول الى حالة الذروة من التميز من هذا المنطلق يمكن تقسيم الالوان في لوحات سيروان شاكر الى ...

1- الوان صامتة :-

وهي الالوان التي يستعملها الفنان سيروان شاكر ليصنع اجواء مجهولة غائبة عن العقل فتلد تلك الاجواء فلسفة معقدة جدا والالوان هي الرصاصي والاسود ومشتقاتهما .

 

2- الوان غاضبة :-

وهي الالوان التي يحاول الفنان سيروان شاكر اثارة المشاعر والاحاسيس فتتشكل كتلة هائلة من الاجواء الثورية والالوان هي القهوائي والبرتقالي والأصفر ومشتقاتهما .

 

3- الوان عاشقة :-

وهي الالوان المتداخلة في مساحات واسعة من اللوحة فتعطي الانطباع بأن هنالك قصةحب وعشق وغرام يرسلها الفنان بفرشاته الى الذاكرة الانسانية والالوان هي الاحمر والازرق والاخضر ومشتقاتهما .

 

4- الوان انتحارية :-

وهي الالوان التي تحمل السر الخفي للوحة فتتطاير علامات الاستفهام حول هذه البقعة المميزة التي يحاول الفنان سيروان شاكر ربط الواقع بالمستقبل فيتضح مسار اسلوب الفن المعاصر الذي يستعمله سيروان شاكر لاضفاء النزعة الشرسة لحالة غضب الفرشاة وهي في حالة الانتحار والالوان هي الابيض والبنفسجي ومشتقاتهما .

 

ملاحظة:-

• تعبير لون راقص لون غير راقص يعني الالوان التي تحرك مسار اللوحة اي قصتها وهذا في حالة اللون الراقص اما اللون الغير راقص فهي التي تضع لمسار اللوحة اي قصتها الانشطار والانصهار لتشكيلها.

 

* سيروان شاكر فنان تشكيلي كوردي من كوردستان العراق من محافظة دهوك يعتبر من الرواد في مجال الفن المعاصر وهو كاتب راق واستاذ للفن ورئيس قسم الفن التشكيلي في معهد الفنون الجميلة في دهوك ولديه شهادة اكاديمية جامعية رفيعة المستوى في مجال الفن لديه معارض عديدة لا تحصى في عدة دول بالاضافة الى شخصيته الهادئة واسلوبه الراقي في الحديث وبساطته في حياته الشخصية وملامحه الفنية حيث انه بحد ذاته لوحة تشكيلية معاصرة تجعل المرء يحادثه ويناقشه لساعات كأنها ثواني تمضي




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=43502
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 03 / 05
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19