إندلعت الاحتجاجات الشعبية في مملكة البحرين في أواسط شهر فبراير الماضي ضد حكم حمد بن آل خليفة ، وإنها مازالت مستمرة حتى الآن . وقد تعاطى النظام البحريني مع هذه الاحتجاجات ، أو الثورة بكل قسوة وعنف ، حيث بلغ عدد المقتولين الى العشرين والجرحى الى أكثر من ألف جريح بينهم عدد كبير من النساء الجرحى ، أو المقتولين برصاصات قوات الأمن البحرينية . وإن النظام البحريني لم يكتفي بذلك فآستنجدت بجارتها المملكة العربية السعودية لدعمه عسكريا وأمنيا لقمع ثورة الشعب البحريني . لذا لبّت السعودية دعوة النظام البحريني فأمدته بألف ، أو يزيدون من قواتها العسكرية المعروفة ب[ درع الجزيرة ] ، مع كامل عتادها وأسلحتها ، حيث إنها جنبا الى جنب القوات الأمنية البحرينية تساهم في قتل وقمع البحرينيين والفتك بهم جهارا نهارا وعلنا . لقد كان الأجدى والأحرى أن تتواجد قوات ما تسمى بدرع الجزيرة وغيرها في أماكن أخرى أكثر واجبا لنصرة الحق والمظلومين لا في البحرين لقتل إخوة لهم في الدين والقومية ! .
بالحقيقة إن ثورة الشعب البحريني هي إمتداد للإحتجاجات العارمة والثورات الغاضبة التي شملت العديد من البلدان العربية مثل تونس الخضراء حيث كانت البداية ، ومن بعدها مصر الكنانة فليبيا واليمن ، مع بلدان عربية أخرى مرشحة لقيام ثورات شعبية فيها مثل سوريا والجزائر والمملكتين المغربية والسعودية . وإن المتابع لهذه الثورات يرى بأن عواملها الأساسية تكمن فيما يلي :
1-/ غياب العدالة الاجتماعية والمساواة القانونية .
2-/ الحكم الاستبدادي السلطوي الجوري .
3-/ الاستئثار والاحتكار التام للحكم والرئاسة .
4-/ الاستئثار والاحتكار التام للثروات الوطنية .
5-/ الحكم العنفي والقسري للبلاد .
6-/ إنتشار دائرة الفقر والعوز والبطالة في البلاد .
7-/ الاستهانة بالشعوب وبكرامتها وثوابتها وتهميش دورها .
8-/ محاربة المعارضة وزج قادتها ومؤيديها في غياهب المعتقلات .
9-/ تهميش دور الصحافة الحرة لمنع أداء واجباتها كما ينبغي .
10-/ إنتهاج سياسات جائرة تجاه المواطنين كالطائفية مثلا بسبب الاختلاف في المذهب ، أو غيره .
إن الشعب البحريني يعاني من هذه المظالم والممارسات غير العادلة للنظام الاستبداي البحريني ، لكن بالرغم من ذلك رأينا الشيخ يوسف القرضاوي – للأسف الشديد – لم يؤيد ثورة الشعب البحريني وآتهمها بالتعصبية المذهبية الشيعية ، مع أن فضيلته أيد ودافع بقوة عن ثورات الشعوب التونسية والمصرية والليبية ، حتى إنه أفتى بإهدار دم الرئيس الليبي معمر القذافي وعلى الهواء مباشرة . لهذا أعتقد إن هذا الموقف ، مع بعض المواقف السلبية وغير المسؤولة الأخرى له لاينسجم مع شخصيته كعالم إسلامي معروف . إذ كان عليه تأييد ثورة الشعب البحريني المظلوم كما أيد ودافع عن الثورات العربية الأخرى ولايتأثر ببعض الأقاويل والتصريحات السلبية المذهبية التي تصدر من هنا وهناك ، حيث كما يعلم فضيلته إن نصرة المظلوم وتأييد واجب في الاسلام حتى إن لم يكن مسلما . ذلك إن رسالة سيدي رسول الله محمد [ ص ] هي رحمة للعالمين بالتعبير القرآني الرائع . نعم إن أكثرية الشعب البحريني هم من المسلمين الشيعة فهل من الاسلام والعدل يا فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي أن يكون المذهب مانعا وعائقا في عدم تأييد ثورتهم السلمية ، أوفي الدفاع عما يتعرضون له من القمع والاضطهاد والتهميش لأجل مذهبهم ! ؟ . ثم صحيح إن هناك تعصب وأخطاء من الشيعة ، لكن بالمقابل ينبغي الاعتراف أيضا بأن هذا التعصب ، وهذه الأخطاء موجودة لدى أهل السنة ، وبخاصة السلفيين منهم ! .
على هذا نحن نعتقد بأن العدل والاعتدال والوسطية الاسلامية والعقلانية تلح وتقتضي من الجميع التخلّص والتحرر من العصبيات المذهبية المتشددة والمتطرفة ، حيث هي مدانة ومرفوضة شرعا وعقلا ، وإنها كذلك لاتزيد المسلمين قاطبة إلاّ وبالا ووهنا على وهن ، وضعفا وتشتتا وخسارة مابعدها خسارة من جميع الجهات . ولعمر الحق هذه مسؤولية كبيرة ملقاة على عاتق الحكماء والعقلاء المخلصين الواعين من السنة والشيعة على حد سواء ، لأجل أن يضطلعوا بهذا الواجب العظيم ، وبهذه المهمة المصيرية والحيوية الكبرى للاسلام والمسلمين بغض النظر عن الطائفة والمذهب . وكذلك غيرهم من المذاهب الاسلامية كالاباضية والظاهرية ، حيث الجميع هم مسلمون بلا ريب .
مير ئاكره يي / كاتب بالشؤون الاسلامية والكوردستانية |