• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : أخبار وتقارير .
              • القسم الفرعي : أخبار وتقارير .
                    • الموضوع : الحوزة والمثقف ... تطلعات وهموم .. .

الحوزة والمثقف ... تطلعات وهموم ..


كان هذا عنوانا للندوة التي استضيف فيها سماحة العلامة الشيخ الفاضل محمد العبيدان دامت بركاته - من ضمن الفعاليات الأسبوعية للملتقى الثقافي بالخويلدية في موسمه الثاني والتي كانت باستضافة من ديوانية الشيخ علي القطان حفظه الله في قبو الحاج علي موسى آل قاسم- أكد فيها على نقاط عديدة نلخصها في الآتي:
1- أن النّاس جميعهم يتفقون على أن التخصص ضروري ولابد منه في كل علم من العلوم سواء في الفلك أو الطب أو الدين وأن الأمراض الاجتماعية والصراعات إنما هي ناتجة من تدخل كل طرف في تخصص غيره من الأطراف الأخرى كمن يفتي بالفلك وهو لا يمتلك هذا العلم أو يمتلك القليل منه ومن هنا تنشأ البعثرة فيتدخلون بما يعنيهم وبما لا يعنيهم... والتخصص هو مبدأ عقلائي وقرآني ...
2- التخصص من نظر الإسلام هو أن لكل مختص آليات معينة لا يمتلكها غيره فالفلكي لديه آليات معينة لا يمتلكها المهندس أو الطبيب وما شابه ذلك.
3- من أجل أن نحرر محل النزاع في الفجوة بين الفقيه والمثقف نحتاج أن نلتفت لعنصرين أساسيين و هما:
أ- متى بدأت هذه الفجوة بين العنصرين ( هل هي من الأمور الطارئة والحادثة أم أنها من القضايا الأزلية التي كان وجودها مع وجود العنصر البشري؟!).
إن أول جذور الفجوة بين الفقيه والمثقف تبلورت في زمان الشيخ محمد عبده ( المصري) وذلك عندما بدأت عملية الانقلاب الفعلي على مدرسة الأزهر وفي هذه الفترة بروز الأطروحة العلمانية في مصر و المجتمع الإسلامي .
ب- دائرة الفجوة بين الفقيه والمثقف ( هل هي دائرة إسلامية شاملة لكافة الفقهاء الإسلاميين من دون فرق بين مذهب وآخر أم هي منحصرة في طيف من الأطياف الإسلامية وليس شاملا للكل؟!).
كثيرا ما يكون التركيز في خصوص الفجوة بين المثقف والفقيه السني ويمكن ملاحظة هذا في عدة من الكتب منها ما كتبه رفيق عبد السلام وغيره فإنهم ينصون على أن هذه الفجوة بين العنصرين قد خلص منها العقل الشيعي...المدرسة الشيعية لا تعاني من هذه الفجوة بخلاف المدرسة السنية بل أن بينهما (الفقيه والمثقف) تمام المواءمة وتمام الائتلاف ...ومنشأ الفجوة بين الفقيه والمثقف ابتدأت في أطروحة العقل وقيمته.
سلّمنا بوجود هذه الفجوة ... فكيف يمكن أن نوجد علاجا بين هذين الطرفين؟ وبعبارة أخرى : ماذا يطلب الفقيه من المثقف والعكس؟ أو ماذا يطلب المثقف حتى يستطيع الفقيه أن يقدم له ما يطلبه فيحقق له الغرض الذي يصبو إليه؟
في مقام الجواب يمكن أن نقول أن المثقف يطلب من الفقيه أحد أمرين:
1- أن يسمح للمختصين من المثقفين أن يتدخلوا في الأحكام الشرعية ويريد أن يكون له دورا فاعلا فيها.
من هنا نسأل في أي شيء يريد أن يتدخل المثقف ؟
نحن نعلم بأن الحكم الشرعي إما أن يكون حكما أو موضوعا فبالتالي الاحتمالات الموجودة عندنا لتدخل المثقف أربعة :-
أ‌- رغبة المثقف في بيان موضوع الحكم.
فالموضوعات الشرعية عندنا نوعان:-
النوع الأول: الموضوع الشرعي الذي يعمد الشارع المقدس لإيضاحه. مثل : الاستطاعة في الحج حيث فسرها بتوفر المال والزاد والراحلة مع الأمور الأخرى.
النوع الثاني: الموضوع الشرعي الذي لم يتعرض إليها الشارع المقدس لتبيينه وإيضاحه مثل :كيفية صلة الرحم .
ب‌- رغبة المثقف في التدخل في إحراز موضوع الحكم.
ذكر الشارع المقدس مجموعة من الأشياء مثلا : الأعيان النجسة .
وهذين الاحتمالين من تدخل المثقف لا يمانع منهما الفقهاء لأن موضوع الحكم الشرعي عبارة عن وظيفة المكلفين وهي قضية عرفية , فأي موضوع من الموضوعات لم يتصد الشارع المقدس إلى بيانه فإنه موكول للعرف والعرف هو الذي يتصدى لبيانه حينئذ.
ت‌- رغبة المثقف في بيان الحكم الشرعي وتعني نقل الفتوى الشرعية وبيان الحكم.
وهذا النوع لا مانع منه إذا كان المثقف يمتلك القدرة والإحاطة على بيان المسألة الشرعية ونقل الفتوى بكل حيثياتها وحذافيرها.
ث‌- رغبة المثقف في المشاركة في عملية استنباط الحكم الشرعي من مداركه المقررة.
بشكل واضح أن تدخل المثقف في عملية استنباط الحكم الشرعي يستوجب منه الإحاطة والدراية بآليات الاستنباط فما دام لا يمتلك تلك الآليات فلا يمكنه أن يكون عنصرا مستنبطا.
2- يطالب المثقف من الفقيه بتجديد الاجتهاد في الرؤى من دون المساس بالنصوص الشرعية.
هنا لابد أن نلتفت إلى نقطة مهمة وهي أن الأمور الشرعية عندنا هي ثوابت ومتغيرات أو قوانين ومقررات.
مثلا : الحجاب أمر ثابت سماوي ولا يمكن جعله متغيرا بحجة التحرر و تفكيك القيود على المرأة وما شابه ذلك.
أما في المقررات فلا مانع من تدخل المثقف فيها فقد تتغير وفق الظروف الزمانية والمكانية وغير ذلك.
إن القضية الاجتهادية والتجديد يمتاز بها مدرسة أهل البيت عليهم السلام لأن باب الاجتهاد لا يزال مفتوحا ولم يغلق , ولذلك لا يوجد تعطيل لدور العقل وفعاليته.
ختاما: مشكلتنا أننا نستورد المفاهيم دون أن نعي مضامينها كمفهوم الفجوة والنفرة بين المثقف والفقيه .
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=44334
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 03 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19