• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : يبنون العراق بأفواههم فقط .
                          • الكاتب : صادق غانم الاسدي .

يبنون العراق بأفواههم فقط

لا أستغرب حينما اسمع وأرى تصرفات غريبة ومتنوعة تصدر من مختلف الاعمار ولم تنتابني الدهشة سيما ونحن نعيش في القرن الواحد والعشرين والممتثل للعجائب والغرائب في سلوكيات الناس , والذي شهد تطورات عديدة شملت الجوانب العلمية والفكرية ومراحل البناء العمراني ودخول ثقافات بعضها عكست الواقع الانساني والازدهار الادبي , والاخر نقيض اليها يعمل على تدميرها وهكذا الحضارة اذا دخلت بلد او امة لايمكن ان تتجزء بدخولها فناخذ منها الصالح ونترك منها السيىء كما تقول نظرية الفيلسوف الالماني هيجل والذي يعتبر التناقض هو جوهر جميع الظواهر والاشياء وهو منبع كل نمو , وايضا ليس هنالك من شيء دائم فكل شيء في مرحلة انتقال وتطور دائم , حتى افكار وسلوكيات الناس بدأت تتلون مع ظروف وثقافات المجتمع , نحن اليوم في العراق نختلف جذريا عن ماموجود في الدول الاوربية التي سبقتنا الى سلم المجد والحياة المدنية من خلال التضحيات وحب المواطن لبلده والذي يكون العمل بشكل صامت دون الثرثرة , يقول عالم الاجتماع العراقي  الدكتور علي الوردي خلال تواجدي في الولايات المتحدة الامريكية  اثناء الدراسة ((ان الامريكيين ينسون الوطن في افواههم ويخدمونه في افعالهم بعكس مايجري في العراق)) ومع الاسف الشديد انك اينما تحل ضيفا او تحضر مناسبة او تلتقي بجمعٍ من الناس ستجد ان الجميع هم من الذين يحرصون على وحدة العراق والمحافظة على بنيته التحتية كل واحد منهم  يرمي الاتهامات الى الجهة الاخرى التي تخالفه بالرأي , اما الحديث عن الفساد واجتثاثه في الدوائر الرسمية ومايقوم به المسؤول بالتعامل على حساب المنسوبية والمحسوبية فمعظم الناس يتداولونه حتى اصبح الحديث افتتاحية لكل عمل جديد يشرع المواطن به ,وهذه الحالة لايمكن الفلات منها كون الذين يتكلمون يملؤون زوايا المجتمع  حتى ان بعضهم وضع قوانين وخطط لانتشال العراق من وضعه الحالي المزري الى افضل وانقاذ العراق واظهاره بالوجه المشرق من خلال حديثه دون ان توجد آلية عمل لتطبيق الحالة على الواقع , فالذي يسمع هولاء الناس وحرصهم في تطبيق العدالة والمحافظة على المظاهر الحضارية ,ستشعر انك سعيد في بلد يعمل الجميع على انقاذه من براثين الفاسدين  والحاقدين ,ولكن ليس كل ما يدور في رأسك هو صحيح او ربما اذا اصطدمت بالواقع الحي لاتتنكر لذاتك فسيكون الكلام ليس الا مجرد ثرثرة , العراق يحتاج الى تظافر جهود والى تطبيق عمل لا مجرد كلام , البعض من الزملاء في العمل ينتقد بشدة ما تقوم به الحكومة من أجراءات ولكنه لم يضع حلاَ مناسباَ أواقتراحاَ بديلا لكل من اتيحت له حرية التعبير مجرد اصبحت لغة التهجم والتشهير حالة يفرغ بها المواطن غضبه على الحكومة , هنالك تجاوزات على المظاهر الحضارية ومثلها على شبكات المياه وعلى الطاقة الكهربائية بل بعظهم يعده حقا طبيعيا , فهو يبني العراق بافواه ويخربه بعمله الذي اصبح تجاوزا على القانون والمبادى الاسلامية التي ترفض ايذاء الناس , وكما جاء بحديث رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه واله(  ان يرفع المسلم الاذى عن طرقات المسلمين) , لقد تعرض العراق الى اشرس هجمة على مر التاريخ ولازال مستمرا في المقارعة والقتال ولم يتوقف ’ وكل يوم تزهق فيه الدماء في سبيل ان يؤمن الحياة الحرة السعيدة وينقذ ارواح المواطنين من تلك الهجمات التترية , وقد دخلنا في السنة الحادية عشر فلم نرى غير الدمار الذي يحف بنا رغم الاموال والتضحيات التي صرفت على الوطن الا انها لم تتناسب مع ما يطمح اليه المواطن , ناهيك عن مجلس النواب الذي اصبح معارضاً لحقوق الشعب وتناغم على جراحاته فلم يكون الامين والممثل الحقيقي لارادة المواطن والمدافع عن امانيه بل عمد على تعطيل القوانين الحيوية والتي لها مساس وفائد بحيث اذا شرعت سينتقل المواطن الى حالة افضل , اضافة الى التناحر والامتثال الى الشخوص والولاء للحزب  باخلاص ادى الى ان يكون العراق هو هدف لتنفيذ مأربهم  وساحة لتنفيذ اجنداتهم  ولم يكن قيمة عليا ينتاب الجميع اليه للدفاع عنه في حالة التهديد  وينظم ابنائه بكافة طوائفه  تحت خيمته لوضع اسس البناء والتطور فالعراق بلد غني وفيه خير وفير وهو ولود  بأهل الفكر والعلم  ولايحتاج الى تجديد العهد والبيعة له ,فالبناء والتقدم والازدهار لايمكن ان يبنى في  لقلقة اللسان فبناء الاوطان يحتاج الى افعال واقعية  وصبر وتحدي وتحمل المسؤولية الشرعية وكما يقال ان كل ظاهرة أنسانية لبناء الوطن هي ظاهر تاريخية تذكر في صفحات التاريخ , لقد وصف  عالم الاجتماع العراقي الدكتور علي الوردي رحمه الله العراق حيث قال (عادة ما اشبه العراق بامرأة اسمها ( غنية) حسناء لبيبة , مترفة , ثرية ومكتنزة بالحلي ومرتدية حلة مقشبة ,ويحف بها بداة حفاة اجلاف رث الثياب شبقين كل منهم يريد وطأها , ولكن كل منهم يخشى سطوة الاخر وليس سطوتها كونها أمة واهنة , بيد ان كل منهم يمكث متلصص متربص لها ولعدوه البدوي الاخر , والكل ينتهز الغفلة للانقاض عليها )




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=44632
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 04 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16