• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الدور المطلوب من المرأة المسلمة .
                          • الكاتب : سناء الربيعي .

الدور المطلوب من المرأة المسلمة

الكثيرات من النساء يغلب عليهنّ الانكفاء عمّا يدور في مجتمعاتنا، ويفضلن التقوقع والانعزال عن العالم، ولا همّ لهنّ سوى الانشغال بأعمال البيت وشؤونه، ويقدّمن حججاً متعدّدة يبرّرن فعلهنّ هذا.
فالبعض من النساء يحتجّ في بيان إحجامهنّ عن التفاعل في الأمور الحياتية بالارتباط والدخول في بيت الزوجية، والذي هو مليء بالانشغالات مع هموم الطبخ والنفخ والغسل والتنظيف والاستعدادات لحاجات الزوج المتعدّدة، والدخول في مستلزمات إعداد الأولاد وتهيئتهم للذهاب الى المدرسة، والقائمة تطول في سرد ذلك.
صحيح أنّ هذه الأمور تأخذ أغلب الوقت، وتحتاج الى الجهد الكبير، ولكنّ عمل المرأة يبقى ناقصاً من دون الاطلاع الإجمالي لحيثيّات وتفاصيل عمل زوجها، أو ما يتردّد الى مسامع أولادها، فإنّ المرأة التي تتصدّى لتربية الأولاد وتنشئة الأجيال لن تنجح أبداً إذا فاتها ما يدور في الشارع من مساجلات، وما يحدث من تصرّفات، وكيف لأمّ يغيب عنها كلّ ما يدور خارج مملكتها أن توفّر الحصانة لأبنائها من الانزلاق في متاهات الرذيلة، أو تبنّي الأفكار المنحرفة والضالة، وما أكثرها في حياتنا اليوم ونحن نعيش هذا الانفتاح على ثقافات المجتمعات الأخرى التي نتقاطع معها في كثير من المفاصل الفكرية والعقائدية، وحتى على صعيد أسلوب العيش والتعاطي مع مفردات الحياة العملية.
وهناك من النساء مَن يتحجّجن بأنّ الحشمة والعفاف يتعارضان مع النزول الى الشارع والتفاعل مع إرهاصاته ومشاكله، ويتّخذن من قول سيدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء (عليها السلام) شعاراً وذريعة حينما سألها الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم): أيّ شيء خير للمرأة فقالت: «أن لا ترى رجلاً ولا يراها رجلٌ».
ولقد غاب عن تلك النسوة أنّ هذه المرأة الجليلة التي تخرّج من مدرستها الحسن والحسين (عليهما السلام) سيّدا شباب أهل الجنّة وكذلك الحوراء زينب والسيدة أمّ كلثوم (عليهما السلام)، ما كان لها من الدور الريادي في تنشئة الأجيال، وتعليم النسوة المسلمات أصول الدين وفروعه في حلقات درس، وكيف نزلت الزهراء (عليها السلام) الى معترك ساحة الدفاع والمحاججة حينما رأت الرسالة الإسلامية قد تهدّدها الانحراف، واعتلّت بعض جوانب الدين الحنيف بالزيغ والضلالة.
ولقد سجّل التاريخ لنا بعض هذه الوَقَفات المشرّفة لسيّدتنا الزهراء الفاضلة (عليها السلام) في مقارعتها لرأس الدولة آنذاك، وكيف استطاعت أن تقنع الناس، وأن تتحدّى جبروتهم وخيلاءهم، وأن تواجههم بالأدلة الدامغة، وأن تقتحم أسوار راحتهم وتقضّ مضاجعهم، ولقد سجّلت نصراً كبيراً عليهم، وعلّمت المسلمين نهج المقاومة والتصدّي، وأن باستطاعتهم أن يشيروا الى مكامن الخلل، ويعترضوا على كلّ اعوجاج يعتري أصول دينهم.
فمَن كانت تتصوّر أنّ الإسلام أو الالتزام الدينيّ يكمن في الحجاب والحشمة فقط، فهي واهمة كلّ الوهم، فليس الحجاب هو كلّ الإسلام، وليس هناك إسلام من غير حجاب، فالحجاب هو إحدى مفردات الدين الإسلامي وأحد التكاليف الربّانيّة والواجبات الدينيّة على المرأة، ولكن تبقى الواجبات الأخرى معلّقة بناصية المرأة من التسلّح بالثقافة العقائدية الصحيحة والتعامل الفقهي السليم مع معطيات الحياة العملية لها ولأسرتها، وقدرة الإرشاد والموعظة الحسنة من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ولكننا نحتجّ على هؤلاء النسوة بالفعل البطوليّ وبالدور الرساليّ الذي طرّزته لنا سيدتنا ومولاتنا الحوراء زينب (عليها السّلام) وهي التلميذة الأولى لأمّها الصدّيقة الزهراء (عليها السّلام)، وكيف أنّها لم تتخلّى عن أخيها الإمام الحسين (عليه السّلام) في نهضته الشريفة، وكيف أدّت دورها على أحسن وجه، وكيف قلبت على جبهة الكفر والضلالة نشوة النصر الى احتساء مرارة الذلّ والهزيمة، وهي مكبّلة بقيود السبي، فجسّدت لنا معالي الصفات، وبيّنت لنا كيف جابهت الطواغيت في عصرها وقالت كلمتها المجلجلة في خُطَب سجّل بعضها التاريخ الظالم رغم أنفه.
ولقد كان حديث النسوة في الكوفة أيام خلافة أبيها أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) له صدى عال لحلقات الدرس التي كانت تعقدها، ومجالس الإرشاد والوعظ والإيضاح لمجريات الأحداث السياسية والاجتماعية في المدينة بعد الثورة الحسينية كانت حديث الناس عامة، وفي كلّ هذا وذاك هي منغمسة بكامل حجابها، ومتّشحة بعفّتها وحُسْن حشمتها، ولنتأمل ما يقوله أحد المعاصرين لها والمجاورين لمنزلها برهة من الزمن، ليتضح لنا معنى العفة والاحتشام عند السيدة زينب (عليها السّلام).
حدّث يحيى المازني قال: كنت في جوار أمير المؤمنين في المدينة مدّة مديدة وبالقرب من البيت الذي تسكنه زينب ابنته فلا والله ما رأيت لها شخصاً ولا سمعت لها صوتاً.
ولكنّ زينب (عليها السّلام) هذه الشخصية المتكاملة كانت تؤدّي دورها الرساليّ على أتمّ حال، وكما بيّنتُ بعضها فيما تقدّم، فلا تعارض ولا تقاطع بين الحشمة والعفاف وبين أداء التكليف الرساليّ.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=44764
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 04 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 2