• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : المرجعية العُليا أسست لفكرٍ عقلاني في الخطاب الديني .
                          • الكاتب : نجم الحسناوي .

المرجعية العُليا أسست لفكرٍ عقلاني في الخطاب الديني

كثيرٌ من الكُتّاب المفكرين اعتقدوا بأن الخطاب الديني والعقلانية ضدان لا يجتمعان ولا يسيران بأي حالٍ جنباً الى جنب وفق رؤيا سائدة لديهم تتجسد في الضغوط والتغيرات التأريخية السياسية على واقع الخطاب الديني المتعصب وتخلفه ، بفعل ما تُخلِفه  التغيرات المفصلية في الواقع السياسي وانهيار  الدولة على أثرَها في اغلب الأحيان  في ظل الطبيعة المتعددة التي يتسم بها الجسد العراقي و في خضم غياب سلطة الدولة ، وانعدام هيبة القانون . وان هذا التضاد الذي نراه ونسمعه هو ليس ببعض الأفكار فحسب بل هو تضاد في العمق وآلية ومنهج الخطاب الديني المتعصب وتناقضه مع الفكر العقلاني الاصلاحي المنفتح .
فالمرجعيات التي تؤسس للفكر العقلاني تقف على النقيض من تلك التي تؤسس لفكر الخطاب الديني المتطرف لا على مستوى الأطياف والمذاهب كافة فحسب بل حتى على مستوى المذهب الواحد وما يؤسس ذلك الفكر العقلاني او تلك المرجعيات الرشيدة للابتعاد قدر الإمكان عن الخطابات المتشنجة التي تنعكس سلباً على الشارع العراقي من خلال التحريض والشحن الطائفي والمذهبي الذي يتخذه البعض اليوم وسيلة لتحقيق غاياته ومآربه المشبوهة على مستوى الأطياف المتعددة والطيف الواحد كما قلنا .
ولا جدال في أن الأسس التي يقوم عليها الخطاب الديني المتطرف أو بالأحرى المنطلقات التي ينطلق منها هي بمثابة معوقات ايديولوجية تمنع أن يغدو فكراً عقلانياً ، وهذا ما يدعونا الى القول إن الخطاب الديني المتطرف هو بالأساس مرتهن بالأطر المعرفية ومتجسد بعقل وفكر ورؤيا تلك المرجعيات التي تؤسس للفكر المنحرف والمتعصب لا الفكر العقلاني .
فمثلا نرى في الخطاب الديني المتطرف والعدائي في أعلى مستوياتهِ ينطلق بعملية معكوسة وسلبية للواقع الحالي المعاصر ويبقى ذلك الخطاب في اعلى مستوياته كما قلنا رهن تأثبر جهات معروفة لدى المتتبعين للواقع العراقي والاقليمي المعاصر تحاول النيل من رمز المدرسة العقلية والاصلاحية المتمثل بالمرجع الأعلى في النجف الأشرف .
وهنا يكمن تباين هذا الخطاب المتشدد ونقيضه الإصلاحي المعتدل .
إن العقلانية في الخطاب الديني للمرجعية العليا لها تأثير طويل الأمد ومقومات في التأريخ وركائز ترتكز عليها في صوغ خطابها وفكرها . وفي وقتنا هذا تنطلق تلك الصفة من أرض الواقع المعاصر وتتطلع الى الأمام ، ومن ذلك نلمس ثمارها من خلال دور المرجعية العليا وموفقيتها في إصلاح المجتمع فكرياً مع بقاء التشيع على نقاءه وصفاته ووحدته وتكامله في عصر الغيبة الطويل حيث يُتاح لكل أحد أن يقول ما يُريد في ظل غياب القرار المركزي المعصوم وتعرض الدين بعقيدته وسلوكياته لمحاولات التحريف والتحوير من جهة وما يشكله الخطاب الديني المتعصب وفكره المنحرف  ـ بتأثيرات داخلية هدامة وضغوط من الخارج ـ من خطر على المجتمع العراقي .
فبجهود المراجع العظام العاملين وفق منهج عقلاني بقي الخطاب الديني المعتدل متماسكاً طوال هذه المدة دون أن ينحرف عن خطه المعهود .
ولقد تعرض المجتمع العراقي ككل  وعلى مستوى الكيان الشيعي العام  لفتنٍ متلاحقة لم تلبث أن انحسرت كان مصدرها الخطاب الديني المتشدد وانعزل المتشبثون بتلك الأفكار في فئات بعضها خرج عن الاسلام لما أراق من دماء المسلمين وفق خطابه المنحرف وافعاله والآخر بقي في قلة قليلة غير معتد بها معزولة عن الكيان الشيعي إن كانت تنسب نفسها اليه او عن اطياف المجتمع إن كانت خارج الطيف الشيعي  ، وكل ذلك بفضل تعقل المرجعية العليا المباركة .
وفي ظل بيئة البلد بمشاكلها المتنامية الصراعات ومجهولة الاتجاهات وجهت المرجعية وتُوجه دائماً بوصلتها باتجاهات اصلاحية ومنها في مجال الخطاب الديني المعتدل بدلاً من أن يكون هداماً أو أن يكون ماساً بكرامة وانسانية شتى الأطياف أو تستفز وجدانهم اذ أنها تُدرك مدى أهميتها ودورها الرائد في حماية الدين والمجتمع .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=45001
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 04 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18