تعتبر الجامعة هي الصرح العلمي والثقافي ومساحة واسعة من تبادل الاراء وتلاقح الافكار ,فهي الركيزة الاساسية لنهضة الشعوب وتمدنها وأهم مؤسسة تعليمية تعكس حالة الارباك والفوضى والاستقرار لما فيها من سلوكيات واطياف تمتلك قدرة التعبير والتأثير على عقول وثقافات المجتمع , لذلك عمد الاستعمار بكل اذنابه على تجنب الدول ذات الجامعات المتعددة لانه سيصطدم بجدار من الثقافة والوعي والمسؤولية والتي سينال بها الخذلان وفضح نوايه واهدافه الاستعمارية بسرعة , ولا تخلوا المؤسسات الجامعية من الطلبة المتخمين بافكار دينية ربما لم تجند لخدمة سبل الاسلام الحنيف , فتنشأ صراعات بين المعتقدات وتصدير مناهج كلا يرى انه صاحب الراي الصحيح وهذه الفترة تعتبر من الفترات الحرجة كون العقول فيها وصلت الى مستويات من التحليل والبصيرة الكافية , ومن جانب اخرفأن العلاقة بين الهيئات التعليمية والمناهج الدراسية والاجواء الجامعية تعكس التأثير الفعلي على تقويم الطالب من الناحية النفسية وتهذيب الفكر بما يتناسب مع الطموحات الشرعية , وكلما كانت الاجواء الدراسية سليمة ومبنية على اسس علمية اخلاقية تأخذ اطار الدين المعتدل بعيدة عن التشنج والخوض بخصوصياته ستنعكس النتيجة على مستقبل زاهر وسنثمر بكوكبة تمتلك العلم مقرونة بادبيات الدين لتبدأ في معالجة الخلل وردم فجوات الفساد المتعددة ,لان كمال العلم بمعرفة الدين ,ومن الجانب الاخر ان الطلبة الذين لايحصلون على قدر من التربية المطلوبة نتيجة التأثيرات بالاجواء الجامعية المختلطة وخصوصا ان هذه الاجواء مغرية ومتنوعة الالوان ولم يترسخ الدين بقلوبهم وبثوابت وشواهد مادية , فسيحصل فساد أخلاقي يجر الطلبة في المستقبل الى الانحراف ولم يكونوا الا معول هدم في اماكن اختصاصاتهم ويشكلون العبء الكبير على المجتمع وتتوسع فجوة الفساد وتنتشر آفة الجهل ’ في الغرب ولدت الجامعة من رحم الثقافة السائدة والتي تعبر عن تطلعات الشعوب في اكتشاف الاختراع والتطور العلمي وحالات الابداع ما على الجامعة الا وأن اصبحت راعية وتشكلت لاحتضانهم وتنمية مهاراتهم وتوفير سبل الاساس من اجل النهوض بإرتقاء افكارهم وعلى هذا الاساس قفز العلم والتطور بشكل سريع , اما في الشرق فالجامعات زرعت لمواجهة ثقافات الشعوب وتنمية افكار وتهيئة كوادر لم يكن لها أساس مؤثر ورقي الا بعد ان تمارس عملها بفترة من التخرج كون الجامعة مسؤوليتها ان تضعِك على طريق الثقافة وتنور لك الارادة وتزودك بمختلف العلوم , هنالك ثقافات متعددة في الساحات الجامعية سواءٍ كانت دينية أوثقافية أوعلمية تمارس من قبل الطلبة وتكون مؤثرة حسب قوة وثقافة الطالب واقناعه للأخرين , فالتأثير يكون سريعاً للذين لايمتلكون قدرة التحليل للامور وهذه تأتي من ضعف الارتباط الروحي والعقلي بالعقيدة الدينية التي هيأة لك قوة الارادة في معرفة الصح والخطأ والضار والنافع ,فعلاقة الجامعة بالدين يجب ان تبنى على المناهج التعليمية وتهذيب الطلبة من خلال فسح المجال لهم في الادلاء بآرائهم ومناقشة الأساتذة للاختصاصات القريبة من الدين لا ان يهرب الاستاذ من بعض المسائل في امور الدين حينما يقول نحن في الجامعة وليس في جامع , متناسيا الاستاذ أن اساس العلم خرج من الجامع قبل الجامعة , هذه الثقافات والاراء المتبادلة ستعطي للطالب الثقة ويتأثر بسلوكيات الاساتذة المرشدين له بحقيقة الايمان , وان تحكٌم الثقافة البعيدة عن روح الدين وكما عبَر عنها بالغزو الثقافي ستؤمن على السيطرة السياسية والاقتصادية وسيبتعد المجتمع عامة والطلبة في الجامعة خاصة عن الثقافة الدينية , وتتمزق الروابط النسيجية والروحية على اعتبار الدين هو عاطفة قلبية لايمكن المساومة عليها وتحرك غرائز السلوك الأنساني باتجاه محاربة الشر وفعل الخير , فيعمد المستعمرون على السيطرة الثقافية ثم بعد ذلك ينفذون الى قلوب وعقول الناس من باب الدين من اجل أفساد الشعب , فالاهتمام بالثقافة الجامعية وتنشأة طلاب وتسليحهم بافكار عقائدية قد ضمنا صمام الامان لموجة الفكر التخريبي , قضية الحرب وفساد الشعوب من جراء الحرب قضية مرحلية ووقتية ولكن القضية الدائمية هي الاهتمام بالجامعة ذلك الصرح المتنوع والمؤثر في مستويات عامة الشعب , والطلبة الدراسين فيها قد نضجوا وحددوا مستقبلهم وهم اكثر من غيرهم بمعرفة التأثيرات , وفي الفترة الاخيرة شاهدنا بعض التصرفات والتي هي بعيدة عن الثقافة العصرية وروحية الاسلام المتمدن حينما يقومون طلاب بتعليق صور المراجع وشعارات دينية داخل الحرم الجامعي وتسيس الدين واتخاذه ورقة ضغط ومساومة من بعض الفاشلين في الدراسة للتأثير على رئاسة الجامعة والاساتذة للفت انظارهم بانهم يمثلون امتداد الحركات الدينية المعاصرة في حين هذا لايصب في استقرار البلد ولايمكن ان تجد الجامعة لها قبول بسبب تنوع العقائد الدينية وتعدد الطوائف.