• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الامام علي بن ابي طالب عليه السلام .
                          • الكاتب : علي الحاج .

الامام علي بن ابي طالب عليه السلام

الامام علي بن ابي طالب عليه السلام 

اسرّ اولياؤه مناقبه خوفا، وكتمها أعداؤه حقداً، ومع ذلك شاع منها ما ملأ الخافقين

( وما أقول في رجل تحبه أهل الذمة على تكذيبهم بالنبوة ، وتعظمه الفلاسفة على معاندتهم لأهل الملة ، وتصور ملوك الفرنج والروم صورته في بيعها وبيوت عباداتها ، وتصور ملوك الترك والديلم صورته على أسيافها ، وما أقول في رجل أقر له أعداؤه وخصومه بالفضل ، ولم يمكنهم جحد مناقبه ولا كتمان فضائله ، فقد علمت أنه استولى بنو أمية على سلطان الإسلام في شرق الأرض وغربها ، واجتهدوا بكل حيلة في إطفاء نوره والتحريف عليه ووضع المعايب والمثالب له ، ولعنوه على جميع المنابر ، وتوعدوا مادحيه بل حبسوهم وقتلوهم ، ومنعوا من رواية حديث يتضمن له فضيلة أو يرفع له ذكراً ، حتى حظروا أن يسمى أحد باسمه ، فما زاده ذلك إلا رفعة وسمواً ، وكان كالمسك كلما ستر انتشر عرفه ، وكلما كتم يتضوع نشره ، وكالشمس لا تستر بالراح ، وكضوء النهار إن حجبت عنه عينا واحدة أدركته عيون كثيرة ، وما أقول في رجل تعزى إليه كل فضيلة ، وتنتهي إليه كل فرقة ، وتتجاذبه كل طائفة ، فهو رئيس الفضائل وينبوعها وأبو عذرها ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 1/ 29 ، 17 .
لم تعرف البشرية رجلاً جمع الفضائل ومكارم الأخلاق كلها بعد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، كالإمام علي بن ابي طالب أمير المؤمنين عليه السلام، فقد سبق الأولين، وأعجز الآخرين، ففضائله أكثر من أن تحصى، ومناقبه أبعد من أن تتناهى، وكيف تعد مناقب من قال فيه الرسول الأعظم (صل الله عليه واله وسلم) يوم نزل لقتال عمرو بن عبدود العامري: (برز الإيمان كله إلى الشرك كله، وقال فيه بعد ما قتله: ضربة علي لعمرو يوم الخندق تعدل عبادة الثقلين).
تعجز المفردات والفصاحة والبلاغة والشجاعة والكرم والايثار عن ان تقول في علي عليه السلام امام الامة وبطلها . والذي لم يدون لأحد من الصحابة والخلفاء ما دون له عليه السلام من الخطب والمواعظ والكتب والوصايا والحكم، وهذا نهج البلاغة يطأطئ له البلغاء إعظاماً، وينحني له الفصحاء إجلالاً، وهو مفخرة لكل مسلم، وعز لكل موحد، وهو بعد هذا وذاك دون كلام الخالق، وفوق كلام المخلوق. قال إبن الحديد: (وانظر كلام أمير المؤمنين عليه السلام فإنك تجده مشتقاً من ألفاظه - أي القرآن الكريم - ومقتضباً من معانيه ومذاهبه، ومحذواً بحذوه، ومسلوكاً به في منهاجه، فهو وإن لم يكن له نظيراً ولا نداً، يصلح أن يقال: إنه ليس بعده كلام أفصح منه ولا أجزل ولا أعلى ولا أفخم ولا أنبل، إلا أن يكون كلام ابن عمه عليه السلام. وهذا أمر لا يعلمه إلا من ثبتت له قدم راسخة في علم هذه الصناعة، وليس كل الناس يصلح لانتقاء الجوهر، بل ولا لانتقاء الذهب...) وقال ايضا في شرح النهج: ( أنظر إلى الفصاحة كيف تعطي هذا الرجل قيادها ، وتملكه زمامها ، فسبحان الله من منح هذا الرجل هذه المزايا النفيسة ، والخصائص الشريفة ، أن يكون غلام من أبناء عرب مكة لم يخالط الحكماء ، وخرج أعرف بالحكمة من‏ أفلاطون وأرسطو ، ولم يعاشر أرباب الحكم الخلقية ، وخرج أعرف بهذا الباب من سقراط ، ولم يرب بين الشجعان لأن أهل مكة كانوا ذوي تجارة ، وخرج أشجع من كل بشر مشى على الأرض ).
هذا امير المؤمنين أفضل الأمة مناقب، وأجمعها سوابق، وأعلمها بالكتاب والسنة، وأكثرها إخلاصاً لله تعالى وعبادة له، وجهاداً في سبيل دينه، فلولا سيفه لما قام الدين، ولا انهدت صولة الكافرين.
نعم، لم تعرف لإنسانية في تاريخها الطويل رجلاً - بعد الرسول الأعظم (ص) أفضل من علي بن ابي طالب ولم يسجّل لإحد من الخلق بعد الرسول صلى الله عليه وآله من الفضائل والمناقب والسوابق، ما سجّل لعلي بن ابي طالب، وكيف تعد فضائل رجل اسرّ اولياؤه مناقبه خوفا، وكتمها أعداؤه حقداً، ومع ذلك شاع منها ما ملأ الخافقين، وهو الذي لو اجتمع الناس على حبه - كما يقول الرسول :صلى الله عليه وآله - لما خلق الله النار.
والحديث عن علي بن ابي طالب طويل ذو شجون لا تسعه المجلدات، ولا تحصيه الأرقام، حتى قال ابن عباس لو أنّ الشجرَ اقلامٌ، والبحرَ مدادٌ، والإنس والجن كتّاب وحسّاب، ما أحصوا فضائل أمير المؤمنين عليه السلام.

وقد اشاد رسول الله (صل الله عليه واله وسلم) منذ بعثته وحتى وفاته بأمير المؤمنين عليه السلام في كل ناد ومجمع، ومنتدى ومحفل، ولا يمكن إحصاء ما جاء من أحاديث الرسول الأعظم (ص) في الإمام عليه السلام، وليس من كتاب يتعرض للحديث أو للسيرة إلاّ وبين دفتيه أحاديث جمّة في فضل أميرالمؤمنين عليه السلام، وقد عقد أرباب الصحاح، وعلماء الحديث فصولاً في كتبهم فيما جاء في فضله عليه السلام، وقد أفرد جمع كبير من علماء المسلمين كتباً مستقلة في فضائله عليه السلام، مما ورد في فضله عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (علي مع الحق والحق مع علي) قال عمر بن الخطاب: (أشهد على رسول الله (صل الله عليه وسلم) سمعته يقول: إن السموات السبع، والأرضين السبع، لو وضعا في كفة ثم وضع إيمان علي في كفة لرجح إيمان علي بن أبي طالب). في صحيحي البخاري ومسلم عن سعد بن أبي وقاص: قال: ( إن رسول الله (صل الله عليه وسلم) خلف علي رضي الله عنه في غزوة تبوك فقال: يا رسول الله أتخلفني في النساء والصبيان ؟ قال (صل الله عليه وسلم): أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي). عن أنسٍ قال: ( كنت عند النبي (صل الله عليه وسلم ) فرأى علياً مقبلاً فقال: أنا وهذا حجة على أمتي يوم القيامة). لما خطب رسول الله (صل الله عليه واله وسلم) خطبته المعروفة في فضل شهر رمضان المبارك ، قام أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا رسول الله ما أفضل الأعمال في هذا الشهر؟ فقال: يا أبا الحسن أفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله عز وجل. ثم بكى. فقال عليه السلام: يا رسول الله ما يبكيك ؟ فقال: يا علي أبكي لما يستحل منك في هذا الشهر، كأني بك وأنت تصلي لربك وقد إنبعث أشقى الأولين والآخرين شقيق عاقر ناقة ثمود فضربك ضربة على قرنك، فخضب منها لحيتك. قال أمير المؤمنين عليه السلام: يا رسول الله وذلك في سلامة من ديني؟ قال (ص): في سلامة من دينك، ثم قال: يا علي من قتلك فقد قتلني، ومن أبغضك فقد أبغضني، ومن سبك فقد سبني، لأنك مني كنفسي، روحك من روحي، وطينتك من طينتي؛ إن الله تبارك وتعالى خلقني وإياك، وإصطفاني وإياك، واختارني للنبوة، واختارك للإمامة فمن أنكر أمامتك فقد أنكر نبوتي؛ يا علي أنت وصيي، وأبو ولدي، وزوج إبنتي وخليفتي على أمتي في حياتي وبعد موتي، أمرك أمري، ونهيك نهيي: أقسم بالذي بعثني بالنبوة وجعلني خير البرية إنك لحجة الله على خلقه، وأمينه على سره وخليفته على عباده.

حياته
ولد عليه السلام بمكة في البيت الحرام يوم الجمعة الثالث عشر من شهر الله الأصم رجب بعد عام الفيل بثلاثين سنة أي الموافق 17 مارس 600 وفقا للموسوعة البريطانية. وهو أصغر ولد أبوه أبو طالب بن عبد المطلب بن هاشم أحد سادات قريش وصاحب السقاية فيها ،ولم يولد في البيت الحرام سواه لاقبله ولا بعده وهي فضيلة خصه الله بها وحده إجلالاً له واعلاءً لرتبته وإظهاراً لتكرمته. وكان عليه السلام أول من ولده هاشم مرتين (أي من قبل الأب والأم)، فمن جهة الأب فهو علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف، ومن قبل الأم فهي فاطمة بنت أسد بنت هاشم بن عبد مناف. تواترت الأخبار بأن علي بن أبي طالب عليه السلام المولود الوحيد داخل الكعبة وفقا لروايات تقول أن موضع بأحد جدران الكعبة يسمى المستجار قبل الركن اليماني قد انشق لفاطمة بنت أسد حين ضربها الطلق فدخلت الكعبة وولدت علي؛ وذكر ذلك في بعض المصادر السنية منها المستدرك للحاكم فجاء فيه: «تواترت الأخبار أن فاطمة بنت أسد ولدت أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه في جوف الكعبة» ، وورد هذا الخبر في مواضع أخرى من كتب السنة والشيعة تذكر بعض المصادر أن فاطمة أرادت أن تسميه أسدا أو حيدرة تيمنا بأبيها، بينما أراد أبو طالب أن يسميه زيدا، لكن محمد سماه علي ، وفي مصادر أخرى أن أمه جائها هاتف يأمرها بتسميته علي، وروي أيضا أن والده ابو طالب وجد لوح مكتوب عليه أبيات من الشعر في مدح ابنه وتسميه علي،وحين كان الامام ما بين الخامسة والسادسة من عمره مرت بمكة سنين عسرة وضيق أثّرت على الأحوال الاقتصادية في مكة وما حولها، وكان لأبي طالب ثلاثة أبناء: علي وعقيل وجعفر، فذهب إليه رسول الله صل الله عليه واله وسلم وعمه العباس بن عبد المطلب وعرضا عليه أن يأخذ كل منهما ولدا من أبنائه يربيه ويكفله تخفيفا للعبء عليه، فأخذ العباس جعفر وأخذ الرسول عليا، فتربى في بيته وكان ملازما له أينما ذهب ، وتذكر بعض المصادر أنه كان يذهب معه إلى غار حراء للتعبد والصلاة ، كما يُذكر أنه كان قبل الإسلام حنفيا ولم يسجد لصنم قط طيلة حياته، ولهذا يقول بعض المسلمون "كرم الله وجهه" بعد ذكر اسمه، وقد شارك (عليه السلام) في كل غزوات الرسول صل الله عليه واله وسلم ،عدا غزوة تبوك حيث خلّفه فيها محمد (صل الله عليه واله وسلم) على المدينة. وعُرف بشدّته وبراعته في القتال فكان عاملاً مهماً في نصرة الاسلام في مختلف المعارك. وكان (عليه السلام) موضع ثقة الرسول وكتاب وحيه وأحد أهم سفرائه. بويع بالخلافة سنة 35 هـ (656 م) بالمدينة المنورة، وحكم خمس سنوات وثلاث أشهر اشتهر الامام عند المسلمين كافة بالفصاحة والحكمة، فينسب له الكثير من الأشعار والأقوال المأثورة. كما يُعدّ رمزاً للشجاعة والقوّة ويتّصف بالعدل والزُهد كما يُعتبر أكبر علماء الدين في عصره علماً وفقهاً.
واختلفت الأمة في إمامته بعد وفاة رسول الله (ص) وقالت شيعته وهم: بنوهاشم كافة وسلمان وعمار وأبوذر والمقداد وخزيمة بن ثابت ذوالشهادتين وأبو أيوب الأنصاري وجابر بن عبد الله وأبوسعيد الخدري في أمثالهم من أجلة المهاجرين والأنصار: أنه الخليفة بعد رسول الله (صل الله عليه واله وسلم ) بوصية رسول الله والنصوص الوارة في القرآن ولما إجتمع له من صفات الفضل والكمال والخصائص التي لم تكن في غيره من سبقه إلى الإسلام ومعرفته بالأحكام وحسن بلائه في الجهاد و بلوغه الغاية القصوى في الزهد والورع والصلاح وما كان له من حق القربى،وغيرها من القرائن الكثيرة .
نزل في امير المؤمنين عليه السلام من القرآن الكريم ما لم ينزل في غيره، وهاهي كتب التفسير والسير والتاريخ مستفيضة بذكر الآيات الواردة فيه عليه السلام. قال عبد الله بن عباس: نزل في عليابن ابي طالب عليه السلام ثلاثمائة آية. وللاختصار ننقل منها(ومن يريد الاستفاضة يراجع كتب التفسير ):
1- قوله تعالى(( الذين ينفقون أموالهم باليل والنهار سراً وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون )) ( سورة البقرة آيه 274)
2- قوله تعالى:(( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون )) ( سورة المائدة آية 55)
3- قوله تعالى:(أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن أمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين )) ( سورة التوبة آية 19)
4 - قوله تعالى: ((إن الذين أمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً)) ( سورة مريم آية 96)
5 - قوله تعالى: (( والذي جاء بالصدق وصدّق به أولئك هم المتقون)) ( سورة الزمر آية 33)

قصة استشهاده عليه السلام
وقد ورد في كتاب بحار الانوار للمجلسي عن استشهاده عليه السلام قال :(من الاخبار الواردة بسبب قتله عليه السلام وكيف جرى الامر في ذلك ما رواه جماعة من أهل السير منهم أبومخنف وإسماعيل بن راشد أبوهاشم الرفاعي وأبوعمرو الثقفي وغيرهم أن نفرا من الخوارج اجتمعوا بمكة ، فتذاكروا الامراء فعابوهم وعابوا أعمالهم ، وذكروا أهل النهروان وترحموا عليهم ، فقال بعضهم لبعض : لو أنا شرينا أنفسنا لله فأتينا أئمة الضلال فطلبنا غرتهم وأرحنا منهم العباد والبلاد وثأرنا بإخواننا الشهداء بالنهروان ، فتعاهدوا عند انقضاء الحج على ذلك ، فقال عبدالرحمن بن ملجم لعنه الله : أنا أكفيكم عليا ، وقال البرك بن عبيدالله التميمي : أن أكفيكم معاوية ، وقال عمرو بن بكر التميمي ، أنا أكفيكم عمرو بن العاص ، وتعاقدوا على ذلك وتوافقوا على الوفاء ، واتعدوا شهر رمضان في ليلة تسع عشرة منه ، ثم تفرقوا فأقبل ابن ملجم لعنه الله - وكان عداده في كندة - حتى قدم الكوفة ، فلقي بها أصحابه فكتمهم أمره مخافة أن ينتشر منه شئ ، فهو في ذلك إذ زار رجلا من أصحابه ذات يوم من تيم الرباب ، فصادف عنده قطامة بنت الاخضر التيمية ، وكان أميرالمؤمنين عليه السلام قتل أباها وأخاها بالنهروان ، وكانت من أجمل نساء أهل زمانها ، فلما رآها ابن ملجم شغف بها و اشتد إعجابه بها ، وسأل في نكاحها وخطبها ، فقالت له : ما الذي تسمي لي من الصداق ؟ فقال لها : احتكمي ما بدالك ، فقالت له : أنا محتكمة عليك ثلاثة آلاف درهم ووصيفا وخادما وقتل علي بن أبي طالب ، فقال لها : لك جميع ما سألت ، فأما قتل علي بن أبي طالب عليه السلام فأنى لي بذلك ؟ فقالت : تلتمس غرته ، فإن أنت قتلته شفيت نفسي وهنأك العيش معي ، وإن أنت قتلت فما عندالله خير لك من الدنيا ، فقال : أما والله ما أقدمني هذا المصر - وقد كنت هاربا منه لا آمن مع أهله - إلا ما سألتني من قتل علي بن أبي طالب ، فلك ما سألت ، قالت : فأنا طالبة لك بعض من يساعدك على ذلك ويقويك ، ثم بعثت إلى وردان بن مجالد من تيم الرباب فخبرته الخبر ، وسألته معونة ابن ملجم لعنه الله ، فتحمل ذلك لها ، و خرج ابن ملجم فأتى رجلا من أشجع يقال له شبيب بن بجرة ، فقال : يا شبيب هل لك في شرف الدنيا والآخرة ؟ قال : تساعدني على قتل علي بن أبي طالب ، وكان شبيب على رأي الخوارج ، فقال له : يا ابن ملجم هبلتك الهبول لقد جئت شيئا إدا ، وكيف تقدر على ذلك ؟ فقال له ابن ملجم : نكمن له في المسجد الاعظم فإذا خرج لصلاة الفجر فتكنا به.
استشهد أمير المؤمنين عليه السلام وهو إبن خمس وستين سنة ونزل الوحي وله إثنا عشر سنة وأقام بمكة مع النبي (ص) ثلاث عشر سنة ثم هاجر فأقام معه بالمدينة عشر سنين وأقام بعده ثلاثين سنة عليه السلام استشهد في ليلة الجمعة إحدى وعشرين من شهر رمضان المبارك سنة أربعين من الهجرة.
بعض من كلماته القصار
*من أصلح بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس، ومن أصلح أمر آخرته أصلح الله له أمر دنياه، ومن كان له من نفسه واعظ كان عليه من الله حافظ.
* يا ابن آدم إذا رأيت ربك يتابع عليك نعمته وأنت تعصيه فاحذر
* إذا قدرت على عدوك فاجعل العفو عنه شكراً للقدرة عليه.
* من كفارات الذنوب العظام إغاثة الملهوف، والتنفيس عن المكروب.
* من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه
* إذا كنت في إدبار، والموت في إقبال، فما أسرع الملتقى.
* اللسان سبع إن خلي عنه عقر.
* لا يترك الناس شيئاً من أمر دينهم لاستصلاح دنياهم إلا فتح الله عليهم ما هو أضر منه
* عِظم الخالق عندك، يُصغر المخلوق في عينك.
* يوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم على المظلوم.
* لا طاعة لمخلوق في معصية الله.
* العفاف زينة الفقر والشكر زينة الغنى.
* ما زنى غيور قط.
* يا ابن آدم كن وصي نفسك في مالك، واعمل فيه ما تؤثر أن يُعمل فيه من بعدك
* إتق الله بعض التقى وإن قل، واجعل بينك وبين الله ستراً وإن رق.
* أشد الذنوب ما استهان به صاحبه.
* من وضع نفسه مواضع التهمة، فلا يلومن من أساء به الظن.
* إنّ لله في كل نعمة حقاً، فمن أدّاه زاده منها، ومن قصّر عنه خاطر بزوال نعمته.
* أفضل الأعمال ما أكرهت نفسك عليه.
* مرارة الدنيا حلاوة الآخرة، وحلاوة الدنيا مرارة الآخرة.
* إذا أملقتم فتاجروا الله بالصدقة.
* إتقوا معاصي الله في الخلوات، فإن الشاهد هو الحاكم.

بعض ما قيل بحقه(عليه السلام)
1 - سئل الجنيد عن محل علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) في هذا العلم يعنى علم التصوف ، فقال : ( لو تفرغ إلينا من الحروب لنقلنا عنه من هذا العلم ما لا يقوم له القلوب ، ذاك أمير المؤمنين ) فرائد السمطين : 1/380 .
2 - عن بعض الفضلاء وقد سئل عن فضائله ( عليه السلام ) فقال : ( ما أقول في شخص أخفى أعداؤه فضائله حسداً ، وأخفى أولياؤه فضائله خوفاً وحذراً ، وظهر فيما بين هذين ما طبقت الشرق والغرب ) مقدمة المناقب للخوارزمي : ص8 .
3 - عن هارون الحضرمي قال : سمعت أحمد بن حنبل يقول : ( ما جاء لأحد من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من الفضائل ما جاء لعلي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فرائد السمطين : 1/79 .
4 - قال محمد بن إسحقاق الواقدي : ( أن علياً كان من معجزات النبي ( صلى الله عليه وآله ) كالعصا لموسى ( عليه السلام ) ، وإحياء الموتى لعيسى ( عليه السلام ) الفهرست : ص111 .
5 - قال آية الله العظمى السيد الخوئي : ( إن تصديق علي ( عليه السلام ) - وهو ما عليه من البراعة في البلاغة - هو بنفسه دليل على أن القرآن وحي إلهي ، كيف وهو ربُّ الفصاحة والبلاغة ، وهو المثل الأعلى في المعارف ) البيان في تفسير القرآن : ص 91 .
6 - قال الدكتور طه حسين : ( كان الفرق بين علي ( عليه السلام ) ومعاوية عظيماً في السيرة والسياسة ، فقد كان علي مؤمناً بالخلافة ويرى أن من الحق عليه أن يقيم العدل بأوسع معانيه بين الناس ، أما معاوية فإنه لا يجد في ذلك بأساً ولا جناحاً ، فكان الطامعون يجدون عنده ما يريدون ، وكان الزاهدون يجدون عند علي ما يحبون ) علي وبنوه : ص59 .
7 - قال خليل بن أحمد الفراهيدي صاحب علم العروض : ( إحتياج الكل إليه واستغناؤه عن الكل دليل على أنه إمام الكل ) عبقرية الإمام : ص 138 .
8 - قال الدكتور السعادة : ( قد أجمع المؤرخون وكتب السير على أن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) كان ممتازاً بمميزات كبرى لم تجتمع لغيره ، هو أمة في رجل ) مقدمة الإمام علي للدكتور السعادة .
9 - قال الدكتور مهدي محبوبة : ( أحاط علي بالمعرفة دون أن تحيط به ، وأدركها دون أن تدركه ) عبقرية الإمام : ص 138 .
.
10 - قال الجاحظ : سمعت النظام يقول : ( علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) محنة للمتكلم ، إن وفى حقه غلى ، وإن بخسه حقه أساء ، والمنزلة الوسطى دقيقة الوزن ، حادة اللسان ، صعبة الترقي إلا على الحاذق الذكي ) سفينة البحار1/146 مادة ( جحظ ) .
11 - قال العلامة السيد الرضي : ( كَان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) مشرِّعُ الفصاحة ومُورِدُها ، ومُنشأ البلاغة ومُولِدُها ، ومنه ( عليه السلام ) ظهر مَكنونها ، وعنه أخذت قوانينها ، وعلى أمثلته حذا كل قائل خطيب ، وبكلامه استعان كل واعظ بليغ ، ومع ذلك فقد سَبَقَ فَقَصَرُوا ، وتَقَدَّمَ وتَأَخَّرُوا ، لأن كلامه ( عليه السلام ) الكلام الذي عليه مسحة من العلم الإلهي ، وفيه عبقة من الكلام النبوي ، ومن عجائبه ( عليه السلام ) التي انفرد بها ، وأمن المشاركة فيها ، أنَّ كلامَهُ الوارد في الزهد والمواعظ ، والتذكير والزواجر ، إذا تأمله المتأمل ، وفكَّر فيه المُتَفَكِّر ، وخَلَعَ من قلبه ، أنه كلام مثله ممن عَظُمَ
قَدَرُه ، ونفذ أمره ، وأحاط بالرقاب مُلكُه ، لم يعترضه الشك في أنه من كلام من لاحظ له في غير الزهادة ، ولا شغل له بغير العبادة ، قَد قبع في كسر بيت ، أو انقَطَعَ إِلى سَفحِ جبل ، لا يَسمَعُ إلا حِسَّهُ ، ولا يَرى ‏إِلا نَفسَهُ ، ولا يكاد يوقن بأنه كلام من ينغمس في الحرب مصلتا سيفه ، فَيَقُطُّ الرِّقَابَ ، ويُجدِلُ الأبطال ، ويعود به ينطف دما ، ويقطر مهجا ، وهو مع ذلك الحال زاهد الزهاد ، وبدل الأبدال ، وهذه من فضائله العجيبة ، وخصائصه اللطيفة ، التي جمع بها الأضداد ، وألَّفَ بين الأشتات ) مقدمة نهج البلاغة .
12 - قال الفخر الرازي : ( ومن اتخذ علياً إماماً لدينه فقد استمسك بالعروة الوثقى في دينه ونفسه ) .
13 - وقال أيضاً : ( أما إن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) كان يجهر بالتسمية ، فقد ثبت بالتواتر ، ومن اقتدى في دينه بعلي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فقد اهتدى ، والدليل عليه قوله ( عليه السلام ) : اللهم أدر الحق مع علي حيث دار ) التفسير الكبير : 1 /205،207 .
14 - قال جبران خليل جبران : ( إن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) كلام الله الناطق ، وقلب الله الواعي ، نسبته إلى من عداه من الأصحاب شبه المعقول إلى المحسوس ، وذاته من شدة الإقتراب ممسوس في ذات الله ) حاشية الشفاء ص 566 / باب الخليفة والإمام .
15 - ذُكر في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد :.
16 - وذكر أيضاً : ( وإني لأطيل التعجب من رجل يخطب في الحرب بكلام يدل على أن طبعه مناسب لطباع الأسود ، ثم يخطب في ذلك الموقف بعينه إذا أراد الموعظة بكلام يدل على أن طبعه مشاكل لطباع الرهبان الذين لم يأكلوا لحماً ولم يريقوا دماً ، فتارة يكون في صورة بسطام بن قيس ( الشجاع ) ، وتارة يكون في صورة سقراط والمسيح بن مريم (عليهما السلام) الإلهي ، وأقسم بمن تقسم الأمم كلها به لقد قرأت هذه الخطبة منذ خمسين سنة وإلى الآن أكثر من ألف مرة ، ما قرأتها قط إلا وأحدثت عندي روعة وخوفا وعظة ، أثرت في قلبي وجيباً ، ولا تأملتها إلا وذكرت الموتى من أهلي وأقاربي وأرباب ودي ، وخيلت في نفسي أني أنا ذلك الشخص الذي وصف الإمام ( عليه السلام )
حاله ) شرح النهج لابن أبي الحديد : 11/150 .
17 - قال ميخائيل نعيمة : ( وأما فضائله ( عليه السلام ) فإنها قد بلغت من العظم والجلال والإنتشار والإشتهار مبلغاً يسمج معه التعرض لذكرها ، والتصدي لتفصيلها ، فصارت كما قال أبو العيناء لعبيد الله بن يحيى بن خاقان ، وزير المتوكل والمعتمد : (رأيتني فيما أتعاطى من وصف فضلك كالمخبر عن ضوء النهار الباهر والقمر الزاهر ، الذي لا يخفى على الناظر ، فأيقنت أني حيث انتهى بي القول منسوب إلى العجز ، مقصر عن الغاية ، فانصرفت عن الثناء عليك إلى الدعاء لك ، ووكلت الإخبار عنك إلى علم الناس بك ) شرح النهج لابن أبي الحديد : 1 /16 .
18 - قال عامر الشعبي : ( تكلم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بتسع كلمات ارتجلهن ارتجالاً فقأن عيون البلاغة ، وأيتمن جواهر الحكمة ، وقطعن جميع الأنام عن اللحاق بواحدة منهنَّ ، ثلاث منها في المناجاة ، وثلاث منها في الحكمة ، وثلاث منها في الأدب ، فأما اللاتي في المناجاة فقال ( عليه السلام ) : ( إلهي كفى بي عزاً أن أكون لك عبداً وكفى بي فخراً أن تكون لي رباً أنت كما أحب فاجعلني كما تحب ) وأما اللاتي في الحكمة فقال ( عليه السلام ) : ( قيمة كل امرءٍ ما يُحسنه ، وما هلك امرءٌ عرف قدره ، والمرء مخبو تحت لسانه ) وأما اللاتي في الأدب فقال ( عليه السلام ) : ( امنن على من شئت تكن أميره ، واستغن عمن شئت تكن نظيره ، واحتج إلى من شئت تكن أسيره ) سفينة البحار : 1/ 123 .
19 - قال أحدهم : ( هل كان علي ( عليه السلام ) من عظماء الدنيا ليحق للعظماء أن يتحدثوا عنه ؟ ، أم ملكوتياً ليحق للملكوتيين أن يفهموا منزلته ؟ ، لأي رصد يريد أن يعرفوه أهل العرفان غير رصد مرتبتهم العرفانية ؟ وبأية مؤونة يريد الفلاسفة سوى ما لديهم من علوم محدودة ؟ ما فهمه العظماء والعرفاء والفلاسفة بكل ما لديهم من فضائل وعلوم سامية إنما فهموه من خلال وجودهم ومرآة نفوسهم المحدودة ، وعلي ( عليه السلام ) غير ذلك ) نبراس السياسة ومنهل الشريعة للإمام الخميني : ص 17 ،.




علي الحاج

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=454
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 08 / 27
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29