جارتي الصغيرة, بنين ذات الستة أعوام, أستشهد والدها في أنفجار, أستهدف تجمعاً للعمال في منطقة الباب الشرقي, أثناء خروجه للعمل, ليؤمن قوت يومه, لكنه لم يعد, بل جاءوا به محمولاً إلى منزله, مقطع ألاوصال, حدث ذلك, عندما كان عمرها انذاك 3 سنوات, وأصبحت بنين يتيمة, رغم صغر سنها.
عاشت معنى اليتم الحقيقي, وفي كل مرة أنظر إلى وجهها, أرى عدة أسئلة في ملامحها الحزينة تبحث عن جواب, وكأنها كانت تسأل لماذا أرتدي ملابس أقل من مستوى أقراني وأبناء خالتي؟ ولماذا أرغب أن اشتري مثل بقية ألاطفال ولا أتمكن من ذلك؟ حتى أن بنين التي لم يكن لها أخوة في وحيدة, لم يكن لها منزل تقطنه هي ووالدتها, أنما هم يسكنون في بيوت الصفيح, وتحولت مع والدتها لتسكن بعد ذلك بألايجار.
بدأت جارتي الصغيرة تكبر, وقد تعرفت على أسمي, دخلت المدرسة, وكانت تقف في الطريق تنتظر عودتي من الجامعة, لتلقي عليَ التحية, ونتبادل أطراف الحديث, فتسألني عن يومي, وأسألها عن المدرسة, وفي نهاية الحديث, تسلم عليّ وتنهي حديثها معي بأن تطبع قبلة على خدي وتركض بأتجاه والدتها, لتحدثها بما دار بيننا من كلام, فهي سعيدة بصداقتي معها أذ باتت تشعر أن لها أختاً كبرى تسأل عنها وتهتم لأمرها.
هذا الصباح مررت من شارعنا, ولم أجد بنين واقفة كعادتها تنتظرني, فتساءلت أين يمكن أن تذهب؟ ولماذا لم أجدها في مكانها كالمعتاد؟ وتوقعت أنها تلعب مع صديقاتها من أبناء الجيران في مكان ما, ولكن بعد ساعة سمعت خبراَ عن صديقتي الصغيرة, وعرفت أنها ذهبت مع أقاربها قرب نادي الصناعة, وأنها أصيب في ألانفجار, ولم تتمكن من السير, أذ أن أصابتها بليغة للغاية وهي في حالة حرجة.
لم يكفي ألارهاب ألاعمى وخفافيش الظلام, أنهم جعلوها يتيمة, وأقل من بقية أقرانها, في المستوى المعيشي ورعاية ألاب, وأنما بقاء بنين على قيد الحياة, بات مسألة تشكل حجر عثرة في طريق إرهابهم, لقد أغتالوا صديقتي بنين, فحقدهم لم يتوقف بعد, وعطشهم لم يرتوي من دماء ألابرياء, اللعنة على جهادكم الذي لايعرف مكاناً سوى بيوت آلامنين, ولا يعرف عدواً ألا النساء وألاطفال.