• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : تداول السلطة جوهر العملية الانتخابية .
                          • الكاتب : نزار حيدر .

تداول السلطة جوهر العملية الانتخابية

توطئة
اجرت الزميلة منال ابراهيم، المحررة في شبكة (الطليعة) الاخبارية، اليوم (الخميس 8 مايس (أيار) 2014) الحوار التالي مع نـــــزار حيدر، مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن
   السؤال الاول: على ضوء النتائج الأولية للانتخابات، كما تشير وسائل الإعلام، هناك تقدم ملحوظ لصالح ائتلاف دولة القانون، ولنفترض أنه سيحصل على أصوات كثيرة، وقد تكون أكثر من نصف عدد مقاعد البرلمان، فباعتقادكم الشخصي، هل من الممكن له تشكيل حكومة بمفرده؟ بغض النظر عن مبدأ التوافق الذي اعتاد عليه السياسيون العراقيون؟.
   الجواب: قبل الجواب على هذا السؤال، الفت عنايتكم الى الملاحظات المهمة التالية؛
   الاولى: هي ان صندوق الاقتراع لا يفرز بشكل مباشر الكتلة النيابية الاكثر عددا، ولذلك فان حصول اية قائمة من القوائم الانتخابية على العدد الاكبر من بين اخواتها في العملية الانتخابية لا يعني انها ستضمن الحق الدستوري في ترشيح رئيس مجلس الوزراء، فتفسير المحكمة الاتحادية العليا لعبارة (الكتلة النيابية الاكثر عددا) الواردة في المادة (76) من الدستور بانها هي التي تتشكل تحت قبة البرلمان، اضاع على الديمقراطية الناشئة في العراق فرصة انتخاب رئيس مجلس الوزراء من قبل الناخب بشكل مباشر، وهذا يعني ان فوز اية قائمة بعدد كبير من المقاعد امر لا يعتد به في ضمان الحق الدستوري بترشيح رئيس مجلس الوزراء، فقد تتحالف كتل عدة اخرى تحت قبة البرلمان لتشكل الكتلة النيابية الاكثر عددا، وبالتالي ستنتزع الحق الدستوري في تشكيل الحكومة، من تلك التي حصلت على اكثر المقاعد بالانتخاب الحر والمباشر، عن طريق صندوق الاقتراع.
    الثانية: ان النتائج الاولية، وحتى النهائية، للانتخابات النيابية اشارت بشكل واضح الى انه لم تحصل اية قائمة من القوائم الانتخابية المتنافسة على الاغلبية المطلقة لتتمكن من الانفراد بتشكيل الحكومة المقبلة، فاعلى القوائم لم تحصل على ثلث عدد المقاعد، ولذلك فان كل القوائم الانتخابية تحتاج بعضها الى البعض الاخر لتشكيل الحكومة القادمة.
   الثالث: ان (دولة القانون) خاضت الانتخابات، هذه المرة كذلك، بنفس تشكيلتها السابقة زائدا منظمة بدر، اما الائتلاف الوطني فقد خاضت تشكيلاته الانتخابات كلا على انفراد، وهي المجلس والاصلاح والفضيلة، فلو عادت وتكشلت مرة اخرى فقد تحصل على مقاعد اكثر من القانون، ومع ذلك، فليس بامكانها الاستفراد بتشكيل الحكومة القادمة، لان كلا منها ليس باستطاعته ان يحصل على الاغلبية المطلقة لتمريرها.
   الرابع: هناك ملاحظة في غاية الاهمية يجب الانتباه اليها، وهي ان الكتل البرلمانية تربط، في كل مرة، عملية انتخاب رئيس الجمهورية مع عمليتي انتخاب رئيس مجلس الوزراء ورئيس البرلمان، بما يسمونه بالسلة الواحدة، في الوقت الذي لم يشر الدستور الى اي ترابط بين هذه العمليات الثلاث التي يتحدث عنها بشكل منفصل في ثلاث مواد دستورية هي (55) لرئيس مجلس النواب، و (70) لرئيس الجمهورية، و (76) لرئيس مجلس الوزراء.
   ولان الكتل النيابية ربطت بين هذه العمليات الثلاث في سلة واحدة على حد وصفهم، لذلك فانا افسر هذا الربط على انه يفرض في عملية انتخاب رئيس مجلس الوزراء الحصول على نسبة الثلثين من مجموع عدد اعضاء مجلس النواب، اسوة بعملية انتخاب رئيس الجمهورية، الامر الذي يفرض عليهم جميعا العودة الى المحاصصة، وبالتالي ينسف، من الناحية العملية، اي حديث عن حكومة الاغلبية السياسية التي اعدها اكذوبة كبرى يلوكها السياسيون كدعاية انتخابية ممجوجة لا اساس لها على ارض الواقع بالمطلق.
     تاسيسا على ما تقدم من حقائق، فانا لا اعتقد، بالمطلق، ان بامكان اي من الكتل النيابية الانفراد بتشكيل الحكومة القادمة، فالحصول على الاغلبية المطلقة، بل على ثلثي اصوات مجلس النواب، بالاعتماد على التفسير اعلاه لفكرة تسمية الرئاسات الثلاث بسلة واحدة، امر عسير جدا، ولذلك اعتقد جازما بان المشهد والسيناريو السياسي القديم في تشكيل الحكومة المقبلة سيتكرر بكل تفاصيله، حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة، كما يقول المثل المعروف.
   قد تتغير الاسماء والوجوه ويتم تبادل المواقع بين الفائزين، اما الجوهر فسيبقى كما هو، المحاصصة، وهي، على ما يبدو، خيار العراقيين، ولذلك فعليهم ان يتحملوا النتائج بلا تمرد او اعتراض، اذ يبدو انهم مستانسون على واقع الحال الذي يمرون به، وللاسف الشديد.
   املي، ان يتم تداول السلطة بشكل سلس وسليم، وبكل شفافية، على الاقل لنضمن خلق رقابة ذاتية على المسؤول، الذي سيشعر ان امامه فرصة اربع سنوات فقط ليثبت نجاحاته ويحقق ما يصبو اليه من الانجازات، او ان يواجه السقوط وعدم تجديد الثقة به من قبل الناخب، فتداول السلطة هو جوهر اية عملية انتخابية حسب قناعاتي وفهمي للديمقراطية، اما صندوق الاقتراع فهو الاداة التي يتم ذلك من خلالها، بدلا عن لعبة السرقات المسلحة، الانقلابات العسكرية.  
   السؤال الثاني: الاستاذ نزار: المعارك مستمرة في الأنبار، وهناك تصاعد في العمليات الإرهابية يقابلها، في نفس الوقت، تصاعد في القصف على مناطق كثيرة وخصوصا الفلوجة ونزوح الكثير من العوائل، هل تحولت الأنبار إلى سوريا ثانية بعد هذه المدة الطويلة من العمليات العسكرية التي لم تسفر لحد الآن عن القضاء على الجماعات الارهابية المسلحة؟.
   الجواب: للاسف الشديد، فان الفلوجة تحولت الى نقطة الابتزاز التي تتعرض لها العملية السياسية برمتها، وذلك للاسباب التالية:
   اولا؛ بسبب الدعم غير المحدود الذي تتلقاه جماعات العنف والارهالب في تلك المناطق من نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية، والذي لازال يبذل قصارى جهده لتدمير العملية السياسية، خاصة بعد نجاح العملية الانتخابية الاخيرة التي شهدها العراق، فعلى الرغم من كل ما نعق به غراب البين من على شاشات الفضائيات الطائفية والعنصرية، لثني الناخب العراقي عن المشاركة في يوم التصويت، الا انه اثبت مرة اخرى انه يحب بلده، وانه لازال يحاول ويجرب لترشيد العملية الانتخابية وتطويرها وتحسينها.
   ثانيا؛ الاخطاء الامنية والعسكرية التي ترتكبها الحكومة في التعامل مع مثل هذه الملفات، وليس ذلك بالامر الخافي عن الراي العام العراقي الذي لم يعد يصدق كثيرا بالتصريحات والبيانات العسكرية الحكومية التي تتحدث عن سير العمليات العسكرية هناك.
   ثالثا؛ تبني الحكومة للحل العسكري والامني فقط في هذه المناطق، الامر الذي لن ينجح مهما طال الزمن، ولقد راينا كيف ان الولايات المتحدة الاميركية وحليفاتها الغربيات نجحت في محاربة الارهاب على اراضيها، من خلال توظيف عوامل عدة ربما من بينها الحل الامني.
   لذلك، اتمنى ان تفكر الحكومة الجديدة بطريقة مغايرة في حربها على الارهاب، والا فان استنزاف الدم العراقي سيستمر في تلك المناطق، وربما ينتقل الى مناطق اخرى لا سامح الله. 
   السؤال الثالث: كيف ترى مستقبل العلاقات السياسية والاستراتيجة بين العراق ومصر في حال فوز المشير السيسي؟.
   الجواب: اعتقد ان الجواب على السؤال سابق لاوانه، فما لم نتعرف على برنامج الرئيس القادم، سواء كان السيسي او غيره، لا يمكن ان نستقرئ سير العلاقات بين بغداد والقاهرة، ولكن بالمجمل فانا اعتقد بان البلدين يسعيان لعلاقات جديدة قائمة على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤون الاخر، والبحث في المصالح المشتركة بما يخدم الشعبين الشقيقين.
   ان العراق ومصر بلدان مهمان واساسيان في المنظومة العربية والاسلامية، وكذلك في المنظومة الدولية، ولهذا السبب فان تعاونهما يصب في خدمة امن واستقرار المنطقة سواء على الصعيد السياسي او الاقتصادي او الامني، خاصة وان البلدين متورطان بجماعات العنف والارهاب التي تسعى لتدمير العلاقة بين بغداد والقاهرة، ما ينبغي على حكومتي البلدين غلق الباب امامها وعدم افساح المجال لها لتحقيق مثل هذا الهدف الخبيث. 
   السؤال الرابع: كيف ترى وصول عبد الفتاح السيسي لحكم مصر؟.
   الجواب: انه قرار الشعب المصري العظيم الذي يمتلك من الخبرة والتجربة والعمق التاريخي، الفكري والثقافي والحضاري، الكثير ما يؤهله لانجاز افضل الخيارات، متمنيا لشعبنا في مصر الكنانة كل التوفيق والازدهار.
   اتمنى ان يتخذ الشعب المصري قراره ويحدد خياراته في يوم الانتخابات بعيدا عن الضغوطات الداخلية والتاثيرات الخارجية، ليمارس حقه الانتخابي بكل حرية، آخذا بنظر الاعتبار مصلحته الوطنية فوق كل اعتبار آخر.
   السؤال الخامس: أخيرا، الشرق الأوسط الى اين؟. 
   الجواب: اعتقد ان مستقبل الشرق الاوسط يعتمد كثيرا على امرين مهمين:
   الاول؛ هو العلاقة بين واشنطن وطهران، فان احراز التقدم الملموس في هذا الملف سيساهم كثيرا في تهدئة الاوضاع في المنطقة بشكل عام، كما انه سيساهم بشكل مباشر في تخفيف التوترات في المناطق الساخنة كالعراق والبحرين وسوريا ولبنان واليمن وغير ذلك.
   الثاني؛ مدى تفهم نظام القبيلة واستيعابه لهذا المتغير الاستراتيجي الهام، وكما اشار مرة الرئيس الاميركي باراك اوباما بقوله (ان على حلفائنا السنة ان يستوعبوا علاقاتنا الجديدة والمتطورة مع ايران) والحر تكفيه الاشارة، كما تقول الحكمة.
   ارى، ان المنطقة تسير باتجاه التغيير، وهو بالتاكيد، لصالح شعوبها اذا ما تحقق، فبعد ان فشل نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية، في فرض اجنداته الخاصة باموال البترودولار وبالفتاوى الطائفية التي يصدرها فقهاء البلاط الفاسد، وبالدعاية التضليلية، فان المنطقة تكون قد انعتقت من ربقة تاثيره السلبي الذي دام لعقود متمادية، فها هو يفشل في العراق وفي سوريا وفي لبنان وفي فلسطين وفي افغانستان، وفي مناطق عدة من عالمنا العربي والاسلامي، اذ لم يعد لنظام القبيلة ما كان له من دور محوري ومفصلي في تسيير الاحداث والتاثير على الاتجاهات.
   اخيرا: شكرا جزيلا للزميلة منال ابراهيم، ولشبكة (الطليعة) الاخبارية لاتاحتها لي هذه الفرصة الثمينة.
للتواصل:
E-mail: nhaidar@hotmail.com



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=45888
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 05 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 2